ايمان عز الدين تكتب : الرقابة .. تاريخ لا ينتهى
ايمان عز الدين تكتب : الرقابة .. تاريخ لا ينتهى


إيمان عز الدين تكتب: الرقابة .. تاريخ لا ينتهى

أخبار الأدب

الأحد، 27 فبراير 2022 - 03:10 م

كتب : إيمان عزالدين

تداولت صفحات التواصل الاجتماعى والمواقع الصحفية والجلسات الخاصة وجلسات الأصدقاء فى الأيام القليلة الماضية موضوع الرقابة على الأفلام، بين مؤيد ومعارض، بل بين مناد بالإنقاذ من براثن الخلاعة والحفاظ على القيم الأخلاقية وبين أفراد يملكون هم مفاتيح التحكم فى كل الأجهزة التكنولوجية حاملة كل المغريات، كان التناقض الشديد وكانت الهوة التى تتسع يومًا بعد يوم بين محبى وطالبى الوصاية وبين أفراد استطاعوا أن يتحكموا هم فى الآلات، لا أن تتحكم فيهم. فكيف إذن نستطيع أن نجابه هذا العالم الجديد؟ هل بالرقابة؟ هل بالوصاية؟ هل بغيرها؟
من أجل الإجابة على هذه الأسئلة أو على السؤال الملح الآن الخاص بالرقابة، خاصة على الأعمال الفنية، رأيت أن نبدأ الرحلة من بدايتها لنرى متى وأين وكيف نشأت الرقابة؟  لنفهم جذور المفهوم والإجراءات وكيف بدأ وأين نحن الآن؟ سنخصص كلامنا هنا على الرقابة على المسرح والسينما وليس أى مصنف فنى أو أدبى آخر.

عرفت مصر الرقابة لأول مرة، خلال حملة بونابرت على مصر، فقدم الفرنسيون المسرح والرقابة عليه، والتى كانت بمثابة تطبيق لقانون كان سارى المفعول فى فرنسا منذ عام 1790.وفى عهد محمد على (1805-1847)، تم وضع اللوائح الأولى للسيطرة على المسرح، اشتراط تقديم النصوص المسرحية إلى لجنة ملكية لفحصها.

تبعه فى ذلك الخديو إسماعيل، حيث عين رقيبًا إيطاليًا خلفه رقيب مصري. وقد اهتم الخديو اسماعيل بوظيفة تفتيش التياترات باعتبارها من أهم الوظائف الملحقة بديوان وزارة الدولة فى فرنسا وطبقها فى مصر وكلف درانيت بك بهذه الوظيفة.


ويبدو أن أول تطبيق لهذه الرقابة كان على مسرحية يعقوب صنوع “الضرتين» التى تعارض تعدد الزوجات وقد أغضبت الخديو فنصح المقربون صنوع باستبعادها، واستبعدها بالفعل لإنقاذ مسرحه. وبعدها قدم ثلاث مسرحيات أخرى نجحت جماهيريا وأعجب بها الخديو نفسه. إلا أن بعض ذوى النفوذ أوعزوا للخديو بأن المسرحيات تتضمن إشارات وتلميحات خبيثة ضده وضد حكومته، فأمر بإغلاق المسرح.


 أما الخديو توفيق فقد أمر بخلق نظام للرقابة عن طريق لائحة تحت اسم «حفظ التياترات وتشغيلها» فى عام 1879، وجعله يتبع قلم المطبوعات، التابع لقلم عموم الإدارة بنظارة (وزارة) الأشغال العمومية. وفى عام 1881، أصدر أيضًا قرارًا بوضع أسس قانون المطبوعات الذى ينظم أيضًا الرقابة على المسرح.

تضمن القانون مادة تمنح الحكومة الحق فى مصادرة وحجز جميع الأعمال الفنية التى تتعارض مع النظام العام أو النظام الأخلاقى أو المعتقدات الدينية. ويعاقب ناشر هذه الأعمال أو حاملها أو عارضها بغرامة من مائتين إلى ألفين قرش.

وبدأت نظارة الأشغال فى القيام بعملها سواء بالتصريح أو بالمنع للمسرحيات المقدمة لها لتعرض للجمهور، وكان القائمون على هذا الجهاز من الأجانب. 


وبسبب وجود الفرق الأجنبية وتزايد وفود الفرق الشامية ونشأة بعض الجمعيات التمثيلية لتقديم عروضهم للجمور المصري، أصدر ناظر (وزير) الداخلية لائحة بشأن المحلات العمومية ومنها التياترات والمسارح، فألزمت أصحابها باستخراج التصاريح اللازمة لتشغيلها، كما حددت لهم مواعيد العمل وسمحت بدخول ضابطين وبعض الجنود لحفظ النظام والأمن فيها، وكان هذا هو أول تداخل بين وزارتين فيما يخص الرقابة ولوائحها وتنفيذ قوانينها.


رفضت الرقابة فى بداياتها مسرحية «يوسف» كمثال للمسرحية الدينية ومسرحية «أدهم باشا» كمثال للمسرحية السياسية ومسرحية «قطب العاشقين» كمثال للتعريض برجال الدولة.


فى عام 1911، وبعد أن كثر عدد المسرحيات الممنوعة، أصدرت وزارة الداخلية المصرية «لائحة التياترات» ونشرتها جريدة الوقائع المصرية فى 17/ 7/ 1911. وتبدو معظم مواد هذه اللائحة مرتبطة بشروط الأمن والسلامة ماعدا البند العاشر الذى نصه «ممنوع ما كان من المناظر أو التشخيص أو الاجتماعات مخالفًا للنظام العام والآداب، وللبوليس الحق فى منع ما كان من هذا القبيل وإقفال التياترو عند الاقتضاء». 


وكان قومسيون التياترات يتألف من الرئيس وهو حكمدار البوليس ومن الأعضاء وهم مفتش صحة المدينة ومهندس كهربائى من نظارة الداخلية ومهندس معمارى من إحدى المصالح الحكومية أو المجالس البلدية ومأمور القسم الواقع التياترو ضمن دائرته.

وهو ما يؤكد سيطرة الداخلية والنظر لمعايير السلامة وليس الجانب الفني.
كانت الرقابة حتى 1919 تحت إدارة إنجليزية وفرنسية ومن 1920 أصبحت تحت السيطرة الإنجليزية بمساعدة الداخلية، وبالتالى كان من الطبيعى أن ترفض الرقابة تقديم مسرحية «دنشواي» عن الحادثة الشهيرة والجريمة النكراء فى حق فلاحى القرية. أخذت الرقابة فى التضييق على التياترات العربية واستخدمت الحكومة عدداً من رجال البوليس السرى لمنع تمثيل المسرحيات الممنوعة.


رفضت الرقابة عددًا كبيرًا من المسرحيات فى الفترة من 1928 حتى 1936 ولكن هناك نقطة لافتة للانتباه وهى أن المسرحيات المرفوضة رقابيًا لم تكن من مسرحيات الفرق أو الأسماء المشهورة مثل يوسف وهبى ونجيب الريحانى وعلى الكسار وبديع خيرى... وربما كان السبب الأساسى فى الرفض هو موضوعات هذه المسرحيات المرفوضة السياسية وقت الاحتلال، أو لأسباب خاصة بذوق الرقيب أو بسبب التحيز لبعض المنافسين. أى أن الأسباب كانت إما سياسية أو غير موضوعية.


أمر آخر لافت للنظر وهو أن الرقابة توقفت عن رفض المسرحيات بدءًا من 1936 وحتى بداية الخمسينيات من القرن العشرين وحتى صدور قانون الرقابة رقم 430 لسنة 1955.

ويبدو أن الجو السياسى العام بعد معاهدة 36 الذى أصبح أقرب إلى الاستقلال ولو نظريًا.

هذا إلى جانب ما يراه البعض من أن الأزمة الاقتصادية فى الثلاثينيات، ثم ازدهار السينما، والسينما الناطقة بالتحديد وتحويل بعض المسارح إلى دور عرض سينمائي، أو حل وتفكك بعض الفرق وسفر بعضها الآخر فى جولات خارجية، أو تحول نشاطهم إلى الأفلام السينمائية. هذا بالطبع إلى جانب تطور الفن المسرحى وتكوين الفرقة القومية والفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى وكان بهما لجان قراءة على مستوى فنى وعلمى وثقافى مرتفع، فوفرت الكثير على لجان الرقابة ولم ترفض أيًا من مسرحياتهم.


الرقابة على الأفلام
فى 1928 بدأ الاقتراب من صدور أول لائحة مكتوبة تتعلق بالرقابة على السينما. فقد اجتمعت لجنة الرقابة الأدبية للروايات والأغانى والأفلام برئاسة أحمد بك كامل وقررت عددًا من المبادئ التى تدور حول الأخلاق الحميدة، إلى جانب «منع انتشار التعاليم الاجتماعية الخطرة ولاسيما الشيوعية» و«منع كل ما يؤدى إلى مشكلات سياسية واجتماعية». ثم صدرت «القواعد العامة لمراقبة أشرطة الصور المتحركة فى القطر المصري».

وكانت هذه القواعد أول قواعد رقابية مكتوبة بخلاف لائحة «التياترات وقانون المحلات العمومية». وكانت هذه القواعد الرقابية المكتوبة فى أواخر الثلاثينيات التى بلغ عددها ثلاثين بندًا هى نفسها التى نشرت أوائل الخمسينيات بعد حذف البند الرابع الخاص بالأمور السياسية.

وفى النصف الأول من عام 1952 يتم الاتفاق على أن تتضمن بنود لائحة الرقابة الجديدة ست مواد بدلاً من 29 وتدور المواد حول سمعة مصر وتوقير الملكية وعدم التعرض للمسائل الدينية ومراعاة الآداب العامة.


ولم تكن أول لائحة مكتوبة للرقابة على الأفلام من بنات أفكار اللجنة بل كانت «تشبه ما هو متبع من رقابة الممالك الأخرى»، وكانت أقرب إلى لائحة مجلس الرقابة البريطانى التى صدرت عام 1926.


وفى فبراير من عام 1947، أصدرت وزارة الشئون الاجتماعية لائحة رقابية أشد صرامة وأكثر تفصيلا من لائحة الثلاثينيات ولكنها لم تكن معروفة! ويبدو أن السبب فى ذلك هو الصراع بين وزارة الداخلية ووزارة الشئون الاجتماعية. وقد تخطى الانتاج السينمائى فى هذه الفترة هذه اللائحة وإلا كان قد توقف تمامًا كما يقول الناقد مصطفى درويش.

وقد كانت هذه اللائحة أو التعليمات متأثرة إلى حد كبير باللائحة الأمريكية، بل وتفوقت عليها فى عبارة «لا يجوز» بحيث أصبحت الإجازة هى الاستثناء.
 وفى عام 1955 صدر القانون رقم 430 لسنة 1955 «لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والأغانى والمسرحيات والمنولوجات والأسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي»، الذى ينظِّم الرقابة المسبقة على الأعمال الفنية.

وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 162 لسنة 1993 بشأن اللائحة التنفيذية لتنظيم أعمال الرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية و(الذى يشتمل على اللائحة التنفيذية للقانون)، وقرار وزير الثقافة رقم 220 لسنة 1976 بشأن القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية. 

 


يشتمل نظام الرقابة المسبقة الذى أرسته التشريعات الوطنية المصرية على العديد من الإجراءات البيروقراطية المقيِّدة لحرية الإبداع والإنتاج الفني، بما يجبر الفنانين على التعامل مع إجراءات إدارية معقدة وُضعت لضمان السيطرة على محتوى الأعمال الفنية. كما أنَّ هذه اللوائح تقتضى من السلطات الرقابية أن ترفض الترخيص لأى عمل يخالف المعايير المحدِّدة للقيم الروحية والدينية والأخلاقية أو يخالف النظام العام. 


تنطوى جميع القوانين الرقابية على المقولة الخاصة بحماية الأخلاق العامة، والأديان، وسمعة الأشخاص أو المؤسسات، وتنطوى بالأخص، على المحظورات الثلاثة: الدين والجنس والسياسة. 


يخوِّل القانون رقم 430 لسنة 1955، المعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992، لوزارة الثقافة سلطة الرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية. ويحظر القانون تسجيل المصنفات السمعية والسمعية البصرية أو تصويرها أو نسخها أو اقتباسها

وكذلك عرضها وأداؤها وإذاعتها فى مكان عام دون ترخيص من الوزارة. ويشتمل القرار رقم 162 لسنة 1993 على لوائح تنفيذ رقابة الدولة، محددًا اختصاصات الإدارة العامة للرقابة على المصنفات والإجراءات المنظِّمة لطلب الترخيص والتعامل مع الطلب والتظلمات. وعلى هذا النحو، يُرسى القانون المصرى نظامًا من الأنظمة المعروفة بأنظمة الرقابة المسبقة، يتعين بموجبه فحص سلطات الدولة للأعمال الفنية والموافقة عليها قبل إمكانية وصولها للجمهور.

ويتعرض المخالفون للمادة الثانية من القانون 430 لسنة 1955 لعقوبات تتراوح بين السجن والغرامة أو كليهما معًا. 
وفى عام 1976، أصدرت وزارة الثقافة قرارًا من ثمانى نقاط يحظر، قبل كل شيء، إظهار صورة الرسول صلى الله عليه وسلم صراحة أو رمزًا، أو صور أحد من الخلفاء الراشدين وأهل البيت والعشرة المبشرين بالجنة أو سماع أصواتهم وكذلك إظهارصورة السيد المسيح أو صور الأنبياء عمومًا، على أن يُراعَى الرجوع فى كل ذلك إلى الجهات الدينية المختصة. وقضى القرار بإحالة جميع الأمور المتعلقة بهذه القضايا إلى السلطات الكتابية المختصة.


الشرقاوى وثأر الله أو الحسين ثائرًا وشهيدا

تمت الموافقة على عرض مسرحية «ثأر الله» بشروط من قبل الرقابة المصرية فى أكتوبر 1971، وبعد ذلك بدأت البروفات. فى نوفمبر، فرضت الرقابة على المصنفات الفنية عدم تمثيل شخصيات الحسين ووالدته زينب شخصيًا على خشبة المسرح.

وحذف بعض العبارات أو إدراجها فى النص. تم تبادل العديد من المراسلات بين المسرح القومى والأزهر بين نوفمبر 1971 وفبراير 1972 بخصوص سلسلة من التغييرات المطلوبة.

ومع ذلك، أعلن الأزهر، المرجع الدينى ذو الصلاحيات الرقابية، أن المسرحية غير صالحة للعرض حتى الآن، لذا توقفت البروفات. وأحيل الأمر إلى النيابة الإدارية التى أيدت حكم المرجع الديني. بحلول نهاية فبراير، حظر مجمع البحوث الإسلامية، المسرحية.


ونتيجة للحظر، استقال مدير القومى احتجاجا، بينما أضاف رئيس الرقابة على الاعتراضات المذكورة أعلاه شرط تغيير عنوان المسرحية. لكن وكيل وزارة الثقافة أعلن استئناف البروفات وتحديد موعد للعرض الأول.

ومع ذلك، تم التأجيل فى هذه الأثناء، قام الشرقاوى بتغيير عنوان المسرحية، وإن لم يكن ذلك مطلوبًا تمامًا. فى تلك المرحلة، قرر الاتحاد الاشتراكى أنه يمكن أن يكون له رأى فى هذه المسألة أيضًا. ولم تسفر كل هذه الأمور عن أى شئ، اللهم إلا عروض «البروفة الجنرال» التى استمرت لمدة أربعين يوما بجمهور يملأ صالة المسرح.
وظلت القضية مثيرة للجدل حتى عام 1978، عندما وافقت وزارة الثقافة أخيرًا على حظر المسرحية، والتى كانت، وفقًا للأزهر، نتيجة مسرحية (1) تصور إحدى أحلك فترات التاريخ الإسلامي.، (2) تدنيس بعض أتباع الرسول وبعض أفراد أسرته (3) تحريف بعض الأحداث التاريخية، (4) الإضرار بسمعة المسلمين، إلخ.


بسبب الرقابة، كان أمام الكتّاب، بحسب فاروق عبد القادر، أحد خيارين إذا أرادوا العرض: تجاهل الهزيمة أو محاولة تبريرها. 
وهكذا، فإن المسرحيات التى نجت من قبضة الرقابة الصارمة فى سنوات ما بعد 1967 تضمنت تلك المسرحيات التى ربما عالجت قضايا اجتماعية سياسية مهمة وحساسة ولكنها لم تتعامل معها بشكل مباشر. ضاعت القضايا الرئيسية فى متاهة المصطلحات اللغوية والنظرية والمراوغة. يصف لويس عوض الوضع بالعبارات التالية:
بدلاً من استخدام تقنيات الواقعية الاجتماعية، اختار كتابنا المسرحيون، ومعظمهم من اليساريين أو الراديكاليين، بسبب الرقابة الصارمة والتدابير الأمنية القمعية، التقنيات البديلة للرموز الاجتماعية التى ازدهرت عادة فى عهد الإرهاب. لقد استخدموا الأمثال والرموز والاستعارات الفضفاضة، ليتمكنوا من تهريب أفكارهم من خلال أمر شبيه بما كان يفعله بريخت فى الأيام القاتمة للنازية الألمانية.


لسوء الحظ، فإن الرقابة نشطة كما كانت دائمًا. لكن، كما يقول محمود اللوزي، «لم يعد يُنظر إلى الاشتراكية فى منتصف التسعينيات على أنها تهديد»؛ بل هى المشاهد الجنسية التى تعتبر «محروقة باسم الطهارة المعنوية». ومع ذلك، من الضرورى الإشارة إلى أن هذا النوع من الرقابة هو سياسى بنفس القدر لأنه يهدف فى المقام الأول إلى استرضاء الأصوليين.


يمكن للرقابة على المسرح أن تحول محاولة بريئة لوضع مسرحية على خشبة المسرح إلى كابوس للكاتب المسرحى والمخرج والمنتج، ومصير الشرقاوى والحسين ثائرًا وشهيدًا مثال على ذلك.. بسبب هذه الرقابة القاسية، توقف الشرقاوى عن كتابة مسرحيات مثيرة للجدل مماثلة. بدأ كتاب مسرحيون آخرون فى استخدام تكتيكات مختلفة لتجنب مطرقة الرقابة.

وقد أثرت هذه التكتيكات على إبداع الكتاب المسرحيين المصريين نوعيًا وكميًا وانتقصت من الدور الإيجابى الذى يمكن أن يلعبه المسرح فى حياة المجتمع.

الرقابة والسينما

يتناول محمود على فى كتابه «مائة عام من الرقابة على السينما» عددًا من الأفلام التى مرت بأزمات إما مع الرقابة أو مع الرقابة والقضاء. ومطالبات البعض بالحذف بسبب المحظورات الثلاثة الجنس والدين والسياسة.

وبالطبع تبرز إلى جانب هذه المحظورات عبارات مثل الإساءة لسمعة الوطن، وتذمر العاملين فى الخارج من الصورة التى يصورها الفيلم، كما فى فيلم «المذنبون». أو طرح الأحوال الخاصة بنماذج وشرائح مختلفة وقت الهزيمة وطرح أسبابها فى «العصفور». أو التداخل بين الدينى والدنيوى فى فيلم «المهاجر».

وهكذا ورغم مرور الزمن لم تتغير عقلية الرقابة فى محاولات المنع أو التعديل على النصوص الفيلمية، بزعم القيم المجتمعية والحفاظ على التقاليد والآداب العامة، وهى نفس المزاعم التى كانت موجودة منذ نشأة الرقابة فى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات العشرين.

وهو الأمر الذى مازالت الرقابة تحاول أن تقوم به فى أن تكون وصيًا على المشاهد وتقرر له ماذا يشاهد وكيف ومتى!
فى إطار ما سبق، يظل يراودنا ويلح علينا سؤال يبدو عبثيا، هل مازال للرقابة وجود ودور تقوم به فى ظل السماوات المفتوحة ومئات الأقمار الصناعية وعشرات المنصات ذات الاشتراكات الخاصة؟

وفى ظل أن الدول التى اقتبسنا منها نظام الرقابة فى نهايات قرن وبدايات آخر قد تخلت هى نفسها عنه ووضعت نظاما يتصالح مع واقعها الديموقراطى الذى يؤكد على المسئولية البشرية. فالمواطن مسئول وبالتالى له مطلق الحرية فى اختيار ما يشاهده من أعمال.

ربما كل ما علينا هو أن نشير له من بعيد عن صلاحية العمل لأى فئة عمرية. ويحضرنى هنا جان فرنسوا مارى رئيس مجلس التصنيف العمرى فى فرنسا عندما صرح لإحدى الصحف بأن فيلم «خمسون ظلاً من اللون الرمادي» ليس فيلما صادمًا لعدد كبير من الناس.. هو مجرد قصة رومانسية».


وعلى الرغم من أن المادة 3 من القرار رقم 220 لسنة 1976 تنصُّ على مراعاة القائمين على الرقابة عدم التصريح للأحداث الذين تقل سنهم عن 16 عامًا بمشاهدة الأعمال الفنية التى تنطوى على موضوعات العنف الزائدة والجريمة والجنس بطريقة يمكن أن تولد فيهم شكًا أو خوفًا أو تُغريهم بالتقليد أو تزعزع ثقتهم فى قيم المجتمع أو تشيع فيهم روح اليأس والتشاؤم.

كما تحظر المادة التصريح بما من شأنه أن يتيح للصغار دون سن 12 عامًا أن يشاهدوا أفلامًا تتضمن مشاهد العنف أو الجنس، إلا أن نفس القرار لم يتخذ من نظام التصنيف حسب الفئات العمرية نظامًا متكاملاً يغنى عن الحذف وطلب التعديل وهو النظام المعمول به فى معظم الدول الأوربية وأمريكا وكندا وأقرته مؤخرًا دولة الإمارات العربية المتحدة.


هل يغيب عن ذهن الرقابة أن جميع الأفلام، على الأقل الأجنبية، يسهل الحصول على نسختها كاملة إما بطرق شرعية مثل الشراء أو الاشتراك فى المنصات، أو عبر الطرق غير الشرعية مثل قرصنتها؟

هل يمكن أن تظل الهوة آخذة فى الاتساع بين الحرية التى يتمتع بها الفيلم/ العمل الفنى الأجنبى وبين محظورات الفيلم المصرى الرقابية؟ 


تخيل البعض خطأ قدرة الرقابة على منع أعمال تعرض على المنصات العالمية، ولم يفكروا ولو للحظة واحدة أنهم أحرار تماماً فى ألا يشاهدوا هذا العمل أو ذاك وأنه غير مفروض عليهم بأى شكل من الأشكال.


التدريب على الاختيار ضرورة وحتى يتدربوا ويخطئوا ويصيبوا لابد أن تكف عنهم يد الوصاية.

اقرأ ايضا | تداولت صفحات التواصل الاجتماعى والمواقع الصحفية والجلسات الخاصة وجلسات الأصدقاء فى الأيام القليلة الماضية موضوع الرقابة على الأفلام، بين مؤيد ومعارض

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة