أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

امسك نفسك

أحمد عباس

الخميس، 05 ديسمبر 2019 - 07:13 م

هذه السطور لى أنا قبل كل شيء..
فكلما ضاقت بى الأحوال، والأفعال فقط أحاول أن أمسك نفسي، أمسك بذاتي، فلن يسندك أحد، ولن يبادر أحد بسندك، ولن تجد فى النهاية إلا نفسك، تتمسك بها، تمسكها، أو تسندها.
إذا ألم بك أمر، أو حاوطك إحساس هو أقوى من قدراتك على التحمل، ارضخ قليلاً، ثم امسك نفسك، واعلم أن أحدا لن يسندك، مهما تقرب، واقترب، فبعضهم الاقتراب له متعة يفقد لذتها حينما يلقاها.. وامسك نفسك.
وأما وشوش المدعين، فكلها صفراء، مدهونة، لا تصدقها، تمهل، ولا تنساق مسرعًا فتخسر من حصيلة لا تعوض، هى فى الحقيقة جزء من رصيد روحك، لا تدعها تنزف فى سبيل الوصول أحد، ولا تثقل عليها برغبتك، هَون على ذاتك، ولا تدفعها إلى الإلتصاق، ولا تعودها على التعلق.. وامسك بنفسك.
لا تنجر مُغمضًا إذا لم تصدق، لا تدفع قلبك ولا تضطره إلى ما لا يصدقه، فالقلوب أوعى، وأكثر إيمانًا مهما تخيلت العكس، لها شعاع كاشف، يفضح مايحتار معه عقلك، ونفوس الناس أوعر كثيرًا من كل قدراتك على التفرس، والاجتهاد، والتخمين، وأما تجاربك التى تظن أنك جنيت حصيلتها، صدقنى هى لا شيء، كلها واهنة - مهما بلغت من قوة- أمام إصرار أحدهم على إلتهامك، أو اقتناص بعض منك، عُد مسرعًا من حيث أتيت، وامسك بنفسك.
لا تضيء أكثر من اللازم، ولاتحجز موقعًا فى الصف الأول، فتنكشف، لاتتراجع فتخبو، وتنزلق، كُن مطلوبًا قدرما استطعت، لا تطلب لنفسك، كُن مرغوبًا، ولا تنطفئ، فقط كُن أنت.. وامسك بنفسك.
وإذا آثرت السلام، واخترت الهدوء، فإلزم مكانك، ولا تندفع تحت ضغط، أو إغراء، واحترس من أولئك الذين يتقربون من دون سبب، ويتوددون دونما سابق إنذار، ويضحكون بلا داع، ويوافقون بلا خواطر، هؤلاء قناصو الأرواح، يتغذون على مشاعر الآخرين، فإذا ملكوها عصروها، واستنفذوا ما تبقى منها، يبرعون فى إيذائها، لذلك فقط.. امسك بنفسك.
وانهض، إذا سقطت فى فخ أحدهم، قُم، لا تنتظر النجدة، فلا نجدة هُنا، صدقنى لن تأتي، فى مكان سقوطك، فلا أحد سيمد يده، وأما النجدة.. فلا تتوسمها فيمن أسقطك، صدقنى لو كان سيفعل، ما كان أسقطك، وامسك نفسك..
لا ترتكن على أحد، ولا تعلق فرحتك بوجود شخص، ولا تربط حزنك بغياب ما، بعض حالات التشبث تصل لمراحل الجنون، روى لى أحدهم أنه وصل إلى مرحلة مريضة، حينما كان يدرك وصول شخص من هبوب رائحته، أو صوت أنفاسه، وأقسم لى أنه كان يحفظ شكل ظله إذا لمحه من بعيد، ولما غاب هذا الشخص واختفى، كان السقوط مدويًا، ولما سألنى النصيحة، قلت: امسك نفسك.
حب كل شيء، وكل شخص. تأدب مع من تحب، إظهر له حبك، لكن إعرف أنه زائل، والزوال مؤلم، وأنك نفسك زائل وستترك ألم آخر خلفك لمن تترك.. لذلك امسك نفسك.
أما أنا.. فأنا أكره التعلق، وأخشى الارتباط بشيء مهما علا، أو غلا. أفقد لذته إذا نلته، وهذه طباع البشر، وكلنا بشر، وأنا منهم..
أما إذا واصلت القراءة، وبلغت النهاية حتى هنا، أرجوك، أرجوك.. امسك بنفسك.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة