د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد


خارج النص

حجة «البليد»!

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 21 يوليه 2020 - 06:20 م

قديما قالوا الاعتراف بالحق فضيلة.. وأن الاعتراف بالخطأ والعجز، بداية العلاج لأية مشكلة.
ومن لا يعترف بأن الحياة الحزبية فى بلادنا لا تعانى بدل المشكلة الواحدة مائة، فهو مخطئ أو مصاب بالعمى السياسي، فحياتنا الحزبية تعانى منذ سنوات طويلة حالة من الوهن والتشتت، جعلت الكثير من الأحزاب القائمة مجرد كيانات لا ترقى لدعم حياة ديمقراطية سليمة، والغريب أن كثيرا من تلك الأحزاب التى ترفع شعار "جعجعة بلا طحين" هى أحزاب جديدة ويمتلك بعضها قدرات تمويلية لا بأس بها يفترض أن تشجعه على تنظيم أنشطة جماهيرية والتحرك بين الجماهير بمشروعات حقيقية ورؤية جادة لمعالجة مشكلاتنا وهمومنا الحياتية، لكن للأسف بعض تلك الأحزاب لا يمل من ممارسة الأسلوب القديم فى العمل الحزبي، وهو التواجد الإعلامى فقط، كنوع من التلميع لرئيس الحزب هذا أو ذاك، و"التنظير منقطع النظير" دون أن ينطلق ذلك التنظير من رؤية حقيقية أو عميقة لمجريات الأمور.
بعض تلك الأحزاب الفاشلة جمعت بين نمطين غريبين من الفشل، الأول هو الفشل فى خوض المنافسات السياسية والانتخابية، التى يفترض أنها من أبرز أدوار وواجبات الأحزاب، فالانتخابات هى الميدان الحقيقى للمنافسة الديمقراطية، ومحاولة الوصول إلى الجماهير وإقناعها برؤية الحزب وبرامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. والمفارقة أن هذا النوع من الأحزاب، والذى تقتصر هياكله على تشكيل عائلي، يناسب مقاس رئيس الحزب وأفراد أسرته، وبعض أقاربه وأصدقائه، يفشل فى تقديم مرشحين قادرين على المنافسة، وبدلا من أن يتجه هذا الحزب إلى مراجعة نفسه وخططه وأسلوب عمله، تجده على طريق اللاعبين الفاشلين فى كرة القدم، يسارعون إلى افتعال المشكلات، والاعتراض على الحكَم، ومهاجمة المنافسين الأقوياء، طمعا فى إفساد اللعبة لتناسب مقاييس فشلهم!!
المدهش فعلا أن هذا الصنف من الأحزاب السياسية يجد من يدعمه من بعض وسائل الإعلام، وبخاصة تلك الوسائل التى احترفت الارتهان لمصالح مالكيها وخريطة علاقاتهم، لا سيما فى عالم البيزنس، فتنطلق تلك الوسائل وبخاصة ـ الصحف ومنابرها الالكترونية-فى إعادة تدوير خطاب الفشل، والتشكيك فى المسار السياسى والانتخابى الذى لا تستطيع تلك الأحزاب التواجد فيه.
هذا الواقع المؤسف تجرى فصوله أمام أعيننا منذ تم الإعلان عن انطلاق ماراثون الانتخابات الخاصة بمجلس الشيوخ، وسعى الأحزاب لإعداد قوائم تنافس على المقاعد المخصصة للقوائم بتلك الانتخابات، وقد نجحت بعض الأحزاب بالفعل فى التحالف وإعداد قائمة لخوض السباق، بينما فشلت أحزاب أخرى.
وبدلا من أن تتوارى تلك "الأخرى" خجلا، وتسعى إلى البحث عن أسباب فشلها، إذا بها تستدعى الأصدقاء والأقارب من مالكى بعض الصحف والمنابر الإعلامية، وهذا ما فعله رئيس حزب «المحافظين» الذى استعان بقريبه صاحب «المصرى اليوم».
ليبدأ سباق من نوع آخر، وهو سباق الهجوم على انتخابات مجلس الشيوخ، والجهود التى قامت بها الأحزاب المكونة للقائمة الموحدة، وعددها 11 حزبا، لكن كل التجارب السابقة تؤكد أن ذلك الأسلوب لا يجدى نفعا، فالقافلة تسير رغم كل ما يصدره الفاشلون من عواء.. كم أتمنى أن تتخلص حياتنا الحزبية من تلك الأحزاب "البليدة"، وكم أتوق إلى أن تتطهر ساحتنا الإعلامية من تجار المصالح وأرباب الضمائر الموجهة، فذلك الحلف "المدنس" هو إحدى العقبات الكبرى أمام أية حياة ديمقراطية، وليت الأحزاب الحقيقية تدرك أن بقاء مثل تلك الأحزاب العائلية الكرتونية هو عبء على حياتنا السياسية، وأن الاندماج والتنسيق بين الأحزاب الجادة، كما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل، هو السبيل الوحيد أمام بناء حياة حزبية قوية تكشف الفاشلين من أصحاب الصوت العالى الذين لم يستطيعوا منذ طفوا على الساحة أن يقدموا إنجازا حقيقيا، وتفضح أتباع "حزب المصلحة" فى السياسة والإعلام.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة