تجار الأقمشة
تجار الأقمشة


استغاثة أهالي جسر السويس| «تجار الأقمشة» يحولون حي سكني إلى «سوق عشوائي»

بوابة أخبار اليوم

السبت، 14 نوفمبر 2020 - 04:07 م


ريم حمادة


«بالات أقمشة محملة على عربات نصف نقل وأحيانا تتناقلها «التكاتك» وصغار الصبية، وشاحنات عملاقة معبأة بآلالف الأمتار من أتواب الأقمشة، تزاحم المارة والعربات داخل الشوارع، شقق وأدوار كاملة تم تحويلها لمخازن وورش ومحال» كل ذلك تحت مرأى ومسمع المحليات وشكاوى واستغاثات السكان دون استجابة.

 


تحولت «تقسيم عمر بن الخطاب»، تلك المنطقة السكنية التي هرب إليها الكثيرون منذ سنوات للاستمتاع بحياة منظمة وهادئة، بين ليلة وضحاها، إلى سوق تجاري عشوائي وأصبحت تكتظ بمئات من المحلات والمخازن وورش الأقمشة ومسلتزماتها وبالعمال مختلفي الجنسية.. احتلال ليس فقط للشوارع والمحال بل زحف أيضا إلى الأدوار العليا من العمارات السكنية  لينقلب حال المنطقة المكونة من 14 شارعا رأسا على عقب ويصرخ سكانها  خوفا على حياتهم وحياة أطفالهم.


في بداية جولة «الأخبار المسائي» داخل المنطقة استقبلنا عدد من السكان لترصد عدستنا كما هائلا من محال بيع الأقمشة وعربات شحن وتروسيكلات تدخل وتخرج من كل شوارعها حتى الممرات تم استغلالها.

 

«أصبحنا لا نشعر بالأمان في مساكنا خاصة السيدات والأطفال»، بهذه الكلمات بدأت مروة علي إحدى ساكنات المنطقة حديثها، متابعة: "جميع محلات وجراجات وبدرومات العمارات أصبحت مخازن لمواد سريعة وشديدة الاشتعال تعرض حياتنا وأطفالنا للخطر، كما تم وضع آلات تصنيع تنبعث منها غازات شديدة السمية بالإضافة إلى تكسير واجهات العمارات من الدور الأول وحتى الدور الرابع لعمل معارض وهو ما يؤثر على أساسات العمارات فتكون مهددة بالانهيار فوق رؤوسنا في أي وقت، إضافة إلى معاناتنا اليومية من الشلل المروري التام الذى يواجهه حتى المترجلين، والأزمة أيضا لنا كسيدات هي الاستعانة بـمسجلين خطر من سائقي «التكاتك» والنقل والنصف نقل الذين فرضوا سيطرتهم وبلطجيتهم على السيدات والبنات في الشوارع ناهيك عن المعاكسات، خاصة أن جزءا منهم يتعاطون مواد مخدرة واستروكس على مرأى ومسمع الجميع  وللأسف «بيبقوا عاملين بالليل في الشوارع زي الزومبي».


وأكد محمود مصطفى، القاطن بشارع محمد إبراهيم، أنه اختار أن يعيش بالتقسيم في عام 2012 لأنه كان مكانا هادئا ومقسما بشكل حضاري ومنذ أربع سنوات تقريبا بدأت الهجرة الأولى  لتجار القماش، متابعا: كل من أعرفهم ليسوا من سكان المنطقة لذلك لايشعرون بمعاناتنا، «التريلات» أصبحت تزاحمنا حتى على الأرصفة، والبوابين اتجهوا للعمل معهم على التروسيكلات وزوجاتهم عملن بالمخازن والورش، فأصبحت المنطقة وعماراتها بدون بوابين أو حارسي عقار، إضافة إلى أنه يتم حاليا التحايل على قرار الدولة بعدم البناء من خلال تقفيل محالا جانبية بالممرات بين العمارات بالخشب لاستغلالها، وتابع أن خريطة التقسيم الصادرة عام 78 محددة عدد محدد من العمارت التى يكون بها محلات ما يعني أن كل هذا الكم من المحال «مخالف».

وأضاف جاره بالشارع نفسه أحمد مبارك: "أسكن المنطقة منذ 13 عاما، وانقلبت حياتى بعد هذا الهجوم العشواىي لتجار الأقشمة علي المنطقة وفقدنا الإحساس بالخصوصية والهدوء والأمان الأسري، وبالبرغم من سكنى بدور علوى إلا أن أمامى بالعمارة المقابلة بنفس الدور مول تجاري للأقمشة ، وبدروم العمارة أصبح مخزن أقشمة أيضا ويكتظ بالعمال ليلا ونهارا، ولا أجد مكانا لسيارتي بالشارع ولذا اضطر لدفع 6 آلاف جنيه سنويا للجراج ولو ركنت في الشارع أنزل ألاقيها مخبوطة  أو متكسرة ومحاطة بسيارات تحميل وتفريغ البضائع التي تقف بالساعات تمنعي من الحركة بالإضافة للبلطجية المتواجدين في كل مكان ،حتى أتوبيس المدارس أصبح يرفض الدخول إلى المنطقة، ولجأنا للحي أكثر من مرة دون جدوى.


مأساة أخري، سردها أحد السكان عن والدته سمية محمد المصابة بقدم سكري أدى لبتر قدميها، والذي تحدث عن معاناته مع والدته في رحلته المستمرة للذهاب إلى المستشفى قائلا: والداتي لا تتحرك إلا بعربة الإسعاف لظروفها الصحية، وللأسف ترفض عربات الإسعاف الدخول إلى شوارعنا وتنتظرنا خارج  المنطقة، فاضطر لحملها بنفسي شارعين وسط تكدس غير طبيعي وشلل مروري تام، وبلاغات الإسعاف موجودة معي، وكل ذلك يحدث وسط غياب تام من الحي، والتقسيم أصبح الفرخة اللي بتبيض بيضة دهب لموظفي الحي، شهريات ورشاوى تدفع للسكوت على الجرائم التي تحدث في حقنا.


وتروي نجلاء، القاطنة بشارع المسجد الكبير معاناتها، بأنها أصبحت محاطة بصوت ماكينات ورش ومصانع القماش بعد أن تم غزو المنطقة من قبل تجار الأقمشة متابعة أن معظمهم سوريين والعمال معظمهم أفارقة، إضافة إلى حركة النقل والشحن والتفريغ المستمرة على مدار اليوم كله قائلة: "أصبحت أتمنى انقطاع التيار الكهربي حتى أشعر بالهدوء داخل بيتى وأنا ست كبيرة في السن بتمنى الساعة اللى أعرف أنامها، بالإضافة إلى معاناة ابنتي في رحلة عودتها من مدرستها الثانوية فبعد إصلاح الحكومة  لشارع جوزيف تيتو وشارع جسر السويس أصبح طريق المدرسة لا يستغرق 10 دقائق حتى بداية التقسيم بينما تستغرق في شارعين فقط داخل التقسيم أكثر من نصف ساعة للوصول إلى المنزل في سيارة والدها، فيما قالت الحاجة رضا القاطنة بشارع حسن الصياد داخل التقسيم، كل يوم محل جديد بيفتح، والخدمات كلها ما بقتش موجودة في المنطقة لأن كل المحلات حولت نشاطها إلى تجارة وصناعة الأقشمة، بالإضافة إلى الألفاظ النابية التي نسمعها في كل مكان، وداخل عماراتنا احتلوا جراجها ومدخلها وشقق الدور الأول ومدخل العمارة ومنور العمارة أصبح عبارة عن أكوام من بالات القماش المتراكمة، وأصبحنا نعيش في مأساة، بالإضافة إلى وجود أدوار كثيرة مخالفة تم بناءها بعدد من العمارات المحيطة وتم تسقيف حرم العمارات لعمل مخازن أو تأجير المكان، وهذا يحدث وسط غياب من الحي، بنشكتي ولا حياة لمن تنادي، وتقدمنا بمئات الشكاوى على موقع منظومة الشكاوى الحكومية.


وقال مدحت فرج، أحد السكان، إنه بالرغم من التطورات التي حدثت بشارع جسر السويس الذي يطل عليه التقسيم ، فقد حدث العكس تماما داخل شوارع التقسيم، حيث تحولنا من حي سكني راق إلى سوق عشوائي، حتى الحملات، التجار بيكونوا عارفين مواعيدها وبيقفلوا المحلات، فالجميع منتفع من هذه الأزمة حتى السماسرة فإيجار المحلات تضاعف عشرات المرات، وحتى المساحات التى بين العمارات تم تقفيلها لفتحها محلات، وأصبحنا في خطر وأحيانا أيضا يحدث اعتداءات علينا كسكان، والحرائق كل يومين أو تلاتة في المنطقة وللأسف ما فيش عربيات إسعاف أو مطافي بتقدر تدخل ولو دخلت بيكون بعد وقت طويل جدا، فالخطر يداهم أكثر من 5 آلاف أسرة من كل مكان ولا يوجد شروط أمن صناعي، حتى العمال لا نعرف جنسيتهم ودون هوية ويمارسون البلطجة على السكان.


وبسؤال أحد أصحاب المقاهي المعروفة، لعلاقتها بالسماسرة، عن محل صغير للإيجار يصلح لبيع إكسسورات الأقمشة والملابس، رحب صاحب المقهى بمحررة "الأخبار المسائي" باعتبارها «زبونة» قائلا: "هجيبلك سمسار عنده كذا محل، أما الأسعار فقال مشاورا على محل صغير خلفه: "المحل دا 12 مترا  كان سوبر ماركت، واتقفل عشان يتأجر، وإيجاره بـ17 ألف جنيه غير التأمين، أما المحل اللي جنبه بـ23 ألفا في الشهر، بالإضافة لتأمينه عشان على ناصيتين، وهناك محلات وصل إيجارها لـ70 ألفا"، أما عن ارتفاع الأسعار بالنسبة لمساحة المحلات بالإضافة إلى كون المنطقة سكنية بالأساس قال: "البركة في تجار الأقمشة السوريين والسوق خلاص بقى، سوق الأزهر خلاص كله بقي هنا".

 


 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة