قوارب الصيادين
قوارب الصيادين


حياة على «وش المايه».. أسر تسكن قوارب صيد ومبادرة رئاسية تنقذهم

شيماء مصطفى

الإثنين، 07 ديسمبر 2020 - 07:37 م

- عشت عمري كله في النيل.. وبنسترزق من خيره
- شعلة لزوم الطهي.. و«مشمع» للدفء والخصوصية مفتقدة
- وزير القوى العاملة: مبادرة الرئيس تنتشلهم.. وبوليصة تأمين بـ150 ألف جنيه في حالات العجز



داخل قارب صغير يرسو فوق سطح النيل تعيش أسر كاملة، الزوج والزوجة والأبناء والأحفاد، اتخذوا مراكب الصيد سكناً لهم للمعيشة والعمل في آن واحد، ليحيوا حياة بدائية بين (المياه والهوا)، يتقاسمون كل شيء، المأكل والمشرب والنوم ليلاً، يواجهون برد الشتاء القارص وهطول الأمطار بـغطاء من الـ«مشمع» اتخذوه كسقف لمنازلهم العائمة، وعندما يدخل الليل تفرد الملاءات على الحبال لإعداد أماكن خاصة للنساء لسترهن أثناء نومهن.


عانى صيادو مصر خلال الأعوام الماضية مشاكل عديدة، وها قد أعلن رئيس الجمهورية عن مبادرة لدعم «صيادي مصر»، وتقديم جميع الخدمات، وتوفير مستلزمات الصيد والمعدات الضرورية لمهنتهم ووقايتهم من برودة الشتاء القارص.. «الأخبار المسائي» رصدت في جولة لها الحياة في قوارب الصيد على ضفاف النيل.


يبدأ يومهم من بعد صلاة الفجر يخرجون في رحلة صيد للحصول على قوت يومهم، ويقومون ببيع المتبقي من رزقهم في حلقة السمك، والسيدات تقمن بطهي الطعام داخل القارب الصغير على شعلة من الغاز.

كانت البداية، مع أم سيد، السيدة الستينية، التي عاشت عمرها كله داخل قارب الصيد، لم تعرف غيره طوال حياتها، بمجرد رؤيتها لنا ابتسمت ورحبت، وتبادلنا الحديث معها عن حياتها في مركب صغير.

قالت: «أنا عمري كله عايشه في النيل، مع أبويا، وبعدما تزوجت عشت هنا وأنجنبت أولادي، واتجوزوا وخلفوا وعايشين معانا».

وبكلمات تكسوها علامات الرضا عن حياتها، أوضحت أم سيد: «بنخرج بعد الفجر للصيد، واللي ربنا بيرزقنا بيه بنأكل اللي يكفينا»، والباقي بنبيعه في حلقة السمك عشان نسترزق منه، ولو مفيش سمك معندناش مصدر رزق تاني».

حديث أم سيد، لم ينته، بل استكملت قائلة: «من كتر ما عيشت عمري في المركب الصغيرة دي، مش برتاح في بيتنا في البلد، عندي 4 أولاد كلهم بيشتغلوا في النيل زي أبوهم، وواحد منهم اتجوز وعايش في المركب اللي جمبنا».


وأوضحت: «إحنا عايشين حياة كاملة هنا بناكل ونشرب ونقضي حاجتنا، ولما الشتاء بيشد علينا بنغطي المركب بمشمع عشان يحمينا من المطر، وساعات مش بنلحق نفرش المشمع والمطرة بتغرقنا، بس إحنا اتعودنا على كده من زمان».
 
وأكدت أم سيد، أنها سعيدة بمبادرة الرئيس، قائلة: «إحنا فعلاً محتاجين خدمات صحية لما بنمرض مش بنقدر نتعالج، ولو المبادرة وفرت لنا خدمة التأمين الصحي هيكون كويس لنا، إحنا فعلاً محتاجين الاهتمام، لأننا معندناش مصدر رزق تاني غير الصيد».

وفي المركب المجاورة لأم سيد، تجلس الفتاة العشرينية «أم جنى»، وجدناها تجهز طعام الغداء وتقطع الفاصوليا الخضراء، تلعب بجوارها ابنتها 3 سنوات، ورغم صغر سنها، إلا أنها لا تهاب الوقوف وحدها على حافة المركب، قالت أم جني: «إحنا متعودين على الحياة في البحر، مش مستحيلة زي ما أنتم شايفينها، أنا من يوم ما وعيت على الدنيا وأنا عايشة العيشة دي، واتجوزت وعيشت في مركب، من 3 سنوات، الحياة حلوة في حاجات ووحشة في حاجات تانية، اتأقلمنا على الحياة، بس الشتاء هو أصعب حاجة، وولادنا مهما دفيناهم، بيحسوا بالسقعة، البرد بياكل فيهم، وأكيد المشمع مش بيحمينا من البرد زي البيت».

وأضافت: «بأغسل في النيل مفيش مصدر رزق لنا غير الصيد، مش كل الناس عندها مركب سياحي تسترزق منها، في ناس زينا معتمدين على الصيد بس، ومن أيام أبويا وإحنا معتمدين على الصيد بس».

وفي مركب آخر، كان «عم عبده» يقف على حافة النهر، ينتظر الزبائن، قال لنا: «مستني زبون يحب يتفسح في النيل شوية عشان نسترزق، عمرنا كله عايشين في قارب صغير، معايا مراتي وولادي، أيام الشتاء أصعب أيام بنعيشها، بنغطي المركب بمشمع، وساعات نطلع نولع نار عشان تدفينا، المركب بالنسبة لنا بيتنا، في مطبخ كامل، عندنا شعلة وأنبوبة بنعمل عليها الأكل، وحلل ومعالق وأطباق، بطاطين عشان نتغطى بها».

وأضاف: «مرينا بمواقف كتير في سنين عمرنا كلها، كانوا ولادنا بيقعوا مننا فى النيل وبنزل أجيبهم، اتعودنا على كده، لحد ماكبروا وبقوا رجالة»، كانت كلمات عم عبده الرجل الستينى، الذى أكد أنهم يعتمدون على الصيد في رزقهم، قائلاً: «السمك عندنا أجمل من أي لحمة وفراخ»، مضيفاً أنه قام بشراء مركب سياحي صغير حتى يساعده على الحياة: «جت من شقى السنين الطويلة».

وعلى صعيد متصل، قال هيثم سعد الدين المتحدث الرسمي لوزارة القوى العاملة، إن الوزارة بدأت جولاتها فور توجيهات رئيس الجمهورية عن مبادرة دعم «صيادي مصر»، كانت البداية من بحيرة مريوط ومحافظة البحر الأحمر وبحيرة ناصر بأسوان، لعمل حصر شامل للصيادين، من أجل تقديم خدمات صحية لهم، والجولات مستمرة حتى عمل حصر شامل لهم.

وأضاف أن محمد سعفان وزير القوى العاملة، يواصل جولاته لمحافظات مصر، وعقد لقاءات مع الصيادين للتعرف على مشاكلهم في كل مكان، وبالفعل تم رصد مشاكلهم التي تختلف من مكان لآخر، وأصدر الوزير تعليماته لمديري مديريات القوى العاملة على مستوى كافة المحافظات التي قام بزيارتها حتى الآن، بعمل حصر شامل لعددهم، ومعرفة المعوقات والمشاكل التي تواجههم، وتقديم كافة الدعم لهم.

وأكد وزير القوى العاملة، ضرورة عمل بوليصة التأمين للصيادين بمبلغ من 100 إلى 150 ألف جنيه في حالات الوفاة والعجز الجزئي والكلي، ويتم تجديدها سنوياً، والسنة الأولى لا يقوم الصياد بدفع أي مبلغ، ومن السنة الثانية يدفع 60 جنيهاً شهرياً، وهذا يعطي دفعة للصيادين لعمل البوليصة، ففي حالة تعرضه للعجز كلي أو جزئي يستطيع عمل مشروع بعيداً عن الصيد.

وقام وزير القوى العاملة بتقديم وعود الصيادين الذين تم مقابلتهم، بإنهاء إجراءات بوليصة التأمين الخاصة بهم بمجرد انتهاء كل مديرية من حصر أعدادهم في كل محافظة.

وأوصى وزير القوى العاملة بتسجيل الصيادين سواء لديهم رخصة أو بدون، للتأمين عليهم وعلى أسرهم، تأكيداً على توجيهات رئيس الجمهورية، لهذه الفئة، لأنهم فئة لا يشعر بهم أحد، حتى توجيه الرئيس بتقديم كافة الدعم الذي يحتاجه الصيادون.

اقرأ أيضا: صداع «الإشعارات» يطارد الموظفين.. ماذا يحدث في جروبات العمل على فيسبوك؟

اقرأ أيضا: فرحة على وجوه الباعة في سوق التونسي الجديد


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة