رفعت سلام
رفعت سلام


كيف يكتب؟

أخبار الأدب

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020 - 05:34 م

سمير درويش

تجربة سلام فى الشعر بصريَّة، يعمل على ضبط شكل دواوينه وقتًا أطول كثيرًا من وقت كتابتها، كأنه فنان تشكيلى يرسم لوحات يدخل الشعر جزءًا من تكوينها، لهذا غضب جدًّا فى منتصف الثمانينيات حين لم تراعِ مجلة «أدب ونقد» شكل قصيدته التى نشرتها له، لم تُعِد رسمها كما فى الأصل فأرسل خطابًا لرئيسة التحرير الناقدة فريدة النقاش عبَّر فيه عن استيائه، لهذا كنت أحرص فيما بعد على رسم قصائده التى يرسلها لى للنشر، وأسأله كل مرة عن رأيه فيبدى استحسانًا، وينشر صورة القصيدة على صفحته، وهنا أعرف أنه راضٍ بالفعل!
سألت سلام عن وقت كتابة أى ديوان من دواوينه، فقال: أربعون يومًا تقريبًا، ثم تبدأ المعاناة الحقيقية التى قد تستمر عامًا، معاناة الشكل.. يحاول الشاعر أن يرسم شكل قصيدته بتوزيع كلماتها على الورق بتنسيق يراه يخدم فكرته وطموحه الجمالى، ثم يأخذ الرسم على فلاشة ويطبعه فى مكتب قريب، ويأخذ وقتًا فى معاينة الشكل المتجسد بين يديه، ويُدخل تعديلات ويعيد الطبع مرات حتى يرضى.
أتصور أن على النقاد التشكيليين أن يدرسوا صفحات دواوين سلام من منظور تشكيلى، كما أن على نقاد الأدب التوقف طويلًا أمام فتنة التشكيل هذه، وإلى أى مدى تخدم رسالة الشعر.
سألته: ألا يقلقك أن الشكل المعقد لقصيدتك يخالف الشكل السائد؟ ألا يقلقك أن تكون قصيدتك وحيدة هكذا؟ انتظر قليلًا وقال: الشعراء المجايلون ليسوا الأقدر فى الحكم على التجربة الشعرية لأحدهم، أشياء كثيرة تتدخل فى أحكامهم أهمها انحيازاتهم الجمالية، أنا أكتب ما أرتاح لكتابته، والزمن سيقول كلمته الفاصلة. هذا ما كنت أخشاه حيال تجربة محمد عفيفى مطر، فأبناؤها – شعراء السبعينيات – هجروها إلى أشكال أخرى وتركوها وحيدة، والقصيدة لا تعيش منعزلة.
سلَّام ليس شاعرًا فقط، هو حالة ثقافية متكاملة، كتب تجربة مغايرة، ونظَّر للشعر الحداثى، وهو الذى أطلق مصطلح «شعراء السبعينيات» على جيله، فامتد المصطلح إلى الأجيال اللاحقة بتغيير العشرية، كما نقل إلى العربية آباء الحداثة الشعرية حول العالم، فقدم لقراء العربية خدمة كبيرة، لهذا – ولغيره – سيعيش فى ذاكرة الثقافة العربية طويلًا، وستظل ترجماته مطلبًا للأجيال الشعرية المتلاحقة فى مصر والوطن العربى.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة