رفعت سلام
رفعت سلام


عمره بخصوبة منجزه

ذلك الذى ضاعف

أخبار الأدب

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020 - 05:35 م

لماذا سلام ظاهرة شعرية استثنائية؟ ببساطة لأنه أصر على مدار أعماله وحتى رحيله على أن يطرح الجديد فى كل مرة يصدر فيها ديوانا جديدا، ولأنه الشاعر الوحيد من بين رفاقه السبعينيين الذى ظل شاعرا يصدر أعمالا حتى الرمق الأخير، لقد بدأ سلام قصيدته من حيث انتهى الآخرون فى كل شىء، بدءا من الكلمة والمفاهيم والجملة الشعرية وخطاب القول الشعرى وإضافة الرموز واختراع الهوامش وهيكلية النص على فراغ الورق، وانتهاء بتجاور الأصوات الشعرية داخل النص/ الديوان فى آخر أعماله «أرعى الشياه على المياه».
عندما تقرأ سلام عليك الانتباه إلى مطالع قصائده جيدا، فهو لا يحيل على سابق، بل ينشئ أقوالا جديدة تماما، وكشأن الكبار لا يصرخ ولا ينوح، وإنما يكنس كثيرا من العطن السائد، ويبدأ خطوته التالية بانيا قصيدته التى عليك أن تطيل الإنصات إليها ما استطعت، حتى تمنحك بعضا من مفاتيحها، وتدلك على تفاصيل منزله العامر بالحب والخير والجمال: (بقفزة واحدة، أعبر الماء إلى الوادى المقدس/خاويا من الرصاص والحديد والنجوم الميتة على الكتفين/ إلى البراح المباح للجنون والخزعبلات الجميلة- إلى النهار الماضى ص105).
من واقع مضمر شعره وآثاره النثرية؛ يؤمن سلام بمبدأ أساسى وهو ألا ثبات لشىء، هكذا رأى أن مفهوم الشعر لا يمكن بحال أن يظل ثابتا، تلك القناعة القائمة على حتمية التحولات فى الثقافات والحضارات المختلفة؛ هى التى قادته إلى التجديد المتواصل بلا توقف، وهكذا جاءت مجموعاته الشعرية تترى مصحوبة فى كل مرة باندهاش المتلقين والنقاد معا.
هناك ما يجعلنى أقرأ التحولات الداخلية لتجربة سلام على أنها نوع نادر من التمرد الذى لا يتوقف، تمرد على الواقع المضاد لرؤيته الشعرية وبالتأكيد الشخصية كذلك، وتمرد على جمود الحياة السياسية والاجتماعية فى استمرارية النمط، وتمرد نابع من غيرته وربما حزنه على ما آلت إليه أوضاع الثقافة.
تجاوز إيمان سلام بالشعر أداة للتحولات الكبرى فى وعى الشعوب وضمائرها إلى منتج الشاعر نفسه (كأنما كان يضاعف عمره) عندما اتجه إلى ترجمة النماذج الشعرية العليا فى العالم، وكان ذلك إيمانا منه بأن الشعر إناء واحد يمكن لشعوب العالم، على اختلافها، أن تتشاركه، فإذا عدنا إلى شعره محاولين تلمس هذا الإيمان الكونى لدى سلام الشاعر؛ سنجد أن قصيدته كانت حاضنة لمختلف حضارات العالم.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة