رفعت سلام
رفعت سلام


سلاما لروحك

أخبار الأدب

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020 - 05:39 م

اعتدال عثمان

ماذا يمكن أن أقول فى رحيله؟
أهدانى ديوانه الصادر عام 1987، ثم دعانى البرنامج الثانى فى إذاعة القاهرة فى 11 سبتمبر 1988 للحديث حوله، وبعد ثلاثين عاما (فى عام 2018) فوجئت بنشر الشريط الصوتى المسجل الذى احتفظ به سلام كل هذه السنوات، ضمن كتاب «النهار الآتى» الذى خرج فى صورة باهرة تسجل مسيرة الشاعر الكبير منذ البدايات، وتنطلق منها إلى علاماتها التالية فى مراحل النضج، والفرادة المتواصلة، فتسجل تفجر موهبة شعرية جامحة ومتوقدة، تحرك سكون البلاغة الراكدة، ويتلقاها النقد الحديث باحتفاء كبير.
استقر فى ذاكرتى الأدبية بوصفه شاعرا طليعيا، وفارسًا من أبرز فرسان تيار الحداثة الشعرية وقصيدة النثر فى جيل السبعينيات، وقد حمل أعلامه راية التمرد الرافض، الطامح فى الوقت نفسه إلى إعادة بناء العالم، والانغراس فى أرض الوطن بالرغم من فداحة المعاناة، وذلك على نحو ما تجلى فى «إضاءة 77»، ومجلة «كتابات» حيث كان أحد أعمدة هذا التيار.
واحتفظت الذاكرة بلمحات من جهوده المتواصلة بدأب نادر لترجمة أشعار رواد الحداثة الغربية بطاقة شعرية متفردة. وقد استعدتُ مؤخرا ترجمته المبدعة لأشعار كفافيس حين جمعنا حصول كل منا فى تخصصه الأدبى، على جائزة كفافى، وأثناء إعدادى كلمة تسلم الجائزة وجدت فى ترجماته تجسيدا لروح كفافيس، وزادا معرفيا أمدنى به سلام دون أن يدرى.
جمعتنا احتفالية «الأهرام العربى» بـ«النهار الآتى»، واستعدت قبل اللقاء صورته التى استقرت فى ذهنى دون أن تجمعنا ندوات، استعدت حضور الشاعر الموهوب، الصارم فى جديته، المقل فى حديثه، والدقيق فى التعبير عن أفكاره، المتعاطف مع من حوله فى آن واحد، وتوقعت أن ألتقى بالمثقف صاحب الموقف الذى لا يهتز برغم المحن، المعتز بكرامته وبكلمته قبل كل شىء، القامة الشعرية العالية، المترجم الذى وهب حياته للكلمة الشاعرة، الكاتب الذى استطاع الجمع بين العقل المنظم، والفكر الواعى، والتخطيط المحكم لإنجاز مشاريعه الأدبية الممتدة والمؤثرة، استطاع أن يجمع بين ذلك كله، وتلك الفوضى الجميلة التى يستخلص منها وردته الأثيرة، قصيدة شعر.
 وكان كما توقعت تماما لم يتغير، وكان اللقاء سلاما وترحيبا حارا واعتزازا ومودة صافية ، فزاد يقينى أن الصداقة الحقيقية قيمة كبرى فى حياتنا، لا ينال منها الزمن.
سلاما لروحك سلام فى الحضور وفى الغياب، فستبقى حيا فى الذاكرة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة