حمدي حامد
حمدي حامد


كلمات عابرة

انتبه.. «العربية» ترجع إلى الخلف!!

حمدي حامد

الأحد، 20 ديسمبر 2020 - 08:42 م

يبدو أنه لا كرامة للغة بين أهلها.. هذا ما يشهد به - للأسف - حال اللغة العربية التى نالت من العقوق ما لم تنله لغة من اللغات حتى تلك التى اندثرت ولم يعد لها وجود فإذا بأهلها يُحيون مَواتها ويفرضونها فرضًا لأنها لغة دينهم وكتابهم.. فما بالك بلغة القرآن الكريم لغة أهل الجنة التى اختارها الله لتكون وعاءً لرسالة السماء إلى الأرض وتكفل بحفظها وكتب لها الخلود «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»؟! 

خلال الأيام الماضية (18 ديسمبر) حلت ذكرى اليوم العالمى للغة العربية، لكنها مرت مرور الكرام إلا من بعض المحاولات التى سلطت الضوء على هذا اليوم من خلال سرد أوجه إعجازها وأسرار خلودها وما تتعرض له من تحديات داخلية وخارجية.. لذلك أنصحك عزيزى القارئ ألا تنظر حولك كثيرا لأن قلبك سيوجعك إن كنت - مثلى - ممن يهمهم أمر لغة «الضاد» التى تمثل هوية أبنائنا وأبرز عوامل انتمائهم لأمتهم بينما هم غرباء عنها لا يحسنون نطقًا، ولا يملكون فهمًا، ولا يجيدون كتابة، فأينما تولِّ وجهك فثَمَّ قاعدة مهدورة، أو عبارة مكسورة، أو خط ردىء..

فى المساجد خطباء خاصموا قواعدها فهم يتخبطون يمينا وشمالا بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير، وحتى الآيات القرآنية لم تسلم من عيّهم، ولا أدرى كيف تخرّج هؤلاء من الأزهر أصلا!!

وفى المدارس تجد مادة اللغة العربية أثقل على نفوس الطلاب من الجبال، بينما يلمّون بأدق قواعد اللغات الأخرى ويتحدثونها بطلاقة، والمصيبة أن تجد المعلم نفسه مجرد «حافظ» للقواعد وليس لديه مهارة التحدث بالفصحى وتذوق جمالياتها، وبالتالى يفقد الطالب القدوة وينفر من هذا الهم الثقيل.

وفى الشوارع تصفع عينيك -أينما توجهت- لافتات المحلات التى تتراقص عليها الحروف الأجنبية وتخرج لسانها للقانون الذى يلزم أصحاب المحلات والشركات بكتابة لافتاتها باللغة العربية..

وعلى وسائل التواصل الاجتماعى تجاوز الوضع الخطوط الحمراء والصفراء وكل الألوان.. فحتى يفهمك «الفرندز» لابد أن تكتب بالفرانكو آراب أو بالعامية على أقل تقدير.. أما إذا سوَّل لك شيطانك الكتابة بالفصحى فأنت كمن يلبس الزى الأزهرى فى إحدى صالات الديسكو!!

أما على شاشات التلفاز فحدث ولا حرج.. قاموس «لسان الهمج» يقتحم آذان أبنائنا بسيل من الألفاظ النابية والعبارات المقززة أفرزتها أفلام ومسلسلات تجار اللحوم الحمراء والبيضاء وأبطال البلطجة والمخدرات «نمبر زفت»!!

عودة اللغة العربية لمكانها ومكانتها مرهونة بإرادة الأفراد والحكومات إدراكا لأهمية اللغة «الأم» فى حياة شعوبها وتشكيل وعى الأجيال وثقافتهم واستردادهم من موجة التغريب التى يريد الاستعمار -القديم والجديد- إغراقهم فيها.. وما زال الغواصون من حُماتها ومحبيها يبحثون بلا ملل عن صدفاتها، ويستخرجون كنوزها، ويبوحون بأسرارها.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة