محمود الوردانى
محمود الوردانى


كتابة

سنة الجائحة

أخبار الأدب

الأحد، 27 ديسمبر 2020 - 02:49 م

كنت أنوى أن أودع هنا عاما مضى لأستقبل عاما جديدا.
إذا حاولت مثلا أن أعدد مالفت نظرى مما قرأته من أعمال روائية أو قصصية أو دواوين فصحى وعامية أو حتى كتب أخرى متنوعة، وهى كثيرة بالمناسبة، ومازال الإنتاج الأدبى والفكرى فى بلادنا هو الرافعة والقاطرة والأملالذى يدفع الواحد للإحساس بالأمن، ولكن عادة ما أنسى أنا وغيرى أو نغفل دون قصد عن هذا الكتاب أو ذاك، خصوصا وأن مايبقى فى الذاكرة هو الأحدث .
لكن المهم هو أن هناك الكثير والكثير جدا مما يمكن اعتباره استمرارا وإضافة خصوصا فيما يتعلق بإنتاج الأجيال الجديدة، وهو الأمر الذى يعنى على الفور أن تشعر بالأمان، وأعتقد أننى متابع جيد ومن الصعب أن يفوتنى عمل هام، مما يجعل لشهادتى هنا مصداقية حتى لو كانت فى حدود معينة، ومع ذلك فإن من بين الظواهر اللافتة استمرار حضور القصة القصيرة كجنس أدبي، واستمرار انضمام كتاب جدد جيدين يضيفون لفن القصة القصيرة نفسه ويطورونه ويعكفون عليه، وليس مجرد استمراره، وإذا أخذنا فى الاعتبار أن هذا الفن كان على وشك الاحتضار، أدركنا أن هناك مكسبا هاما تحقق بالفعل.
بطبيعة الحال ليست هناك وقائع أو أحداث كبرى، باستثناء هذه الفواجع المتتالية المتمثلة فى رحيل أصدقائنا من الكتاب منذ سعيد الكفراوى ورفعت سلام وبهاء عبد المجيد وغيرهم ممن غابت أسماؤهم عن الذاكرة اللعينة لكنهم حاضرين فى القلب.
وتبقى الجائحةهى الأبرز والأكثر تأثيرا، خصوصا فيما يتصل بصناعة النشرالتى تأثرت بقوة، والمفترض أن تتأثر أكثر، والجائحة تدخل عامها الثانى بينما تتوالى الأخبار عن ظهور سلالات جديدة، مما يعطل المسائل المتعلقة بتصنيع الفاكسين ..
 وهكذا فنحن ندور فى سديم مربك حقا ..
وكنت قد «اشتريت» دماغى فى أول الجائحة من «الهري»، فالشيخوخة تمنحك القدر اللازم من الاطمئنان، والموت لم يعد بعيدا فى كل الأحوال، وأنت فى الطريق إليه على أى حال، لذلك لم آخذ الأمر مأخذ الجد ونفّذت التعليمات فى أبسط الحدود حتى لا أسبب الأذى للأهل. ارتديت الماسك ورششت المطهرات ونأيت بنفسى قدرالإمكان عن الزحام دون اقتناع حقيقى .
ولكن، الآن ونحن ندخل فى العام الثاني، يبدو لى أن علينا أن نسائل المسئول الأول والحقيقى عما نحن فيه، وهو هنا بلا تردد النظام الرأسمالى العالمى الذى ينفرد بحكم العالم ويتحكم فيه. إن النظام الذى يفشل فى مواجهة جائحة اجتاحت الكوكب بكامله وقتلت وأصابت الملايين فى كافة الأرجاء هو ماينبغى إعادة النظر فيه. على البشرية أن تبحث عن نظام جديد بالفعل.
لاأغالى أو أرفع عقيرتى بالصراخ فى الفراغ. نحن جميعا فى الشرق والغرب مهددون بمزيد من الخسائر، وحتى وكالة الصحة العالمية، التابعة لمجلس الإدارة الذى يحكم العالم، تبدو متخبطة ولاتملك أمرها، وليس فى وسعها أن تتخذ قرارات تواجه الجائحة مواجهة فعلية. بل على العكس رأينا الدول الكبرى، وكلها دول رأسمالية تتبع نفس النظام الرأسمالى تعمل منفردة ووفق اتجاهات مختلفة تماما عن بعضها البعض..
الفشل ذريع وأصاب هذا النظام فى مقتل، وبعد أن كانت دول أوربا والولايات المتحدة يتغنون بالتأمين الصحى الشامل الذى يرفلون فى نعيمه، هاهم الآن أكثر من أصيبوا، ولايعنى هذا بطبيعة الحال التشفى ، بل أتمنى لكوكبنا بكامله أن يتعافى ولله الأمر من قبل ومن بعد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة