أثناء حفل زفافه
أثناء حفل زفافه


عن حسن مفتاح

أخبار الأدب

الخميس، 31 ديسمبر 2020 - 03:25 م

فى عام 1966 نشر لويس عوض فى دار الطليعة البيروتية روايته الوحيدة «العنقاء أو تاريخ حسن مفتاح» بعد أن انتهى من كتابتها عام 1947، أى قبل عشرين عاماً من تاريخ نشرها، وقد برر تأخر نشرها بـ:رقابة العصر الملكى التى كانت قد منعت رواية «المعذبون فى الأرض» لطه حسين، وغيرها من الأسباب.
ورغم أن الرواية، أى رواية، هى عمل فنى خيالى، يأخذ من الواقع بعض التفاصيل ويبنى عليها، إلا أنه بمجرد نشر «العنقاء...» ربط كثيرون بين العمل الفنى وبين شخصيات واقعية، خاصة أن عوض افتتح الرواية بمقدمة طويلة اعتبر فيها «العنقاء» «شاهدا على ضريح مرحلة» من مراحل حياته، ألهبته « شهوة إصلاح العالم».. وقد انتهت هذه المرحلة عام 1947 بانصرافه عن الحياة العامة تماماً، وانقطاعه للبحث العلمى وحده، حيث دفن نفسه- حسب تعبيره- بين أساطير اليونان، ورمزيات العصور الوسطى، وشعر الإنجليز، والأدب المقارن.
قدَّم عوض فى روايته استعراضا فنيا للتنظيمات اليسارية المصرية فى الأربعينيات، وقد اعتبر فيها أن تنظيما مثل «الخبز والحرية» هو تنظيم الغيلان الجائعة التى تلتهم بعض تلاميذه، قبل أن يكتمل تكوينهم بتعاليم قطعية جديدة، قد تكون خيراً من تعاليمهم القطعية البالية، ولكنها تباعد بالحلول الجاهزة من بين الإنسان وإنسانيته.
وفى مقدمة طويلة صدَّر بها الرواية قال عوض إنه أراد  أن يكتب رواية فلسفية تعالج مشكلة العنف فى المجتمع الإنسانى، ولكنها جاءت كسجل دقيق لمجتمع الشيوعيين المصريين فى فترة تاريخية تصوِّرها الرواية.
شائعات الوسط الثقافى ربطت بين شخصيات من الواقع والرواية، إذ قالت إن عوض يمزج بين شخصيتى أنور كامل ورمسيس يونان فى صورة شخصية حسن مفتاح. الصحفى فاروق البقيلى تحدث إلى جميع الأطراف فى تحقيق نشره فى مجلة  «الأسبوع العربى» فى أعقاب صدور الرواية. فى التحقيق الصحفى قال توفيق الحكيم: «العنقاء هى افتراء على التاريخ»، وهو ما يتناقض مع ما نقله لويس عوض فى مقدمته على لسان الحكيم الذى قرأ الرواية قبل النشر ووصفها بـ «الوثيقة الهامة».
أما رمسيس يونان فكان غاضبا  ووصف الرواية  بأنها «هلوسات لويس عوض».. واعتبر أن « لويس لا يعرف شيئا عن الحركات السياسية الموجودة فى الأربعينيات، وحكاية الأسلحة والعنف تخريف فى تخريف، والمقدمة ليست لها علاقة بالرواية، كلها أخطاء تاريخية، إن ثلاثة أرباع الرواية هلوسات لويس عوض، والربع الباقى ثلاثة أرباعه أفكار وحياة لويس عوض الشخصية.. وما تبقى فهو ليس منا أيضا». البقيلى التقى أيضا أنور كامل، وقتها عام 1966 كان عضوا فى مجلس إدارة الأتيليه.. «عصبى، يتكلم بسرعة ولا تكاد السيجارة تفارق يده، تكوينه الجسمانى أقرب إلى شخصية حسن مفتاح عندما استعار جثة سيد قنديل»..
قال كامل: « العنقاء فيها من الواقع ومن الخيال.. إنها ليست رواية تاريخية بالمعنى الكامل، لقد استفادت من بعض الوقائع التاريخية ولكن الكاتب جمح بها بعيدا».. أضاف كامل: «الوصف الفيزيقى لحسن مفتاح كما نراه فى الرواية: قصير القامة، أو أقرب إلى القصر، وهو نحيل ما فى ذلك شك، وهو خشن الملامح فأسنانه بها بروز قليل، وعيناه الحادتان متعبتان بلا انقطاع رغم ما يخر منهما من بريق نفاذ، ولا يزيِّنُه إلا شعر ناعم مرسل بلون الزيتون الأسود... إن هذا الوصف لا يختلف اثنان فى انطباقه على رمسيس يونان، وحسن مفتاح فيه من لويس عوض نفسه بما أضفاه على هذه الشخصية من انفعالات خاصة».
يسأله البقيلى: «إلى أى مدى تلتزم العنقاء بوقائع التاريخ؟».
يجيب أنور: «الكاتب فسر الأمور على هواه، لقد ألصق العنف باليسار، وأنا شخصيا لم أفكر فى العنف، ولا أذكر أن واحداً ممن أعرف استعمل العنف، فقد كان عملنا الحقيقى كمثقفين هو نشر أفكار بعضها فى الأدب والفن وبعضها فى الاجتماع وفى مختلف نواحى المعرفة».
وعندما سأله أين وجدت نفسك فى حسن مفتاح؟ أجاب: «الرواية فى الواقع ليست فيها خطوط فاصلة للشخصيات الواقعية التى عاشت فى الأربعينيات، إنما القارئ الذى عاصر المرحلة يستشعر الجو العام للرواية».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة