علاء عبدالهادي
علاء عبدالهادي


كثير من الأدب

التراث الثقافى غير المادي

علاء عبدالهادي

الإثنين، 04 يناير 2021 - 10:51 م

من‭ ‬الأشياء‭ ‬الإيجابية‭ ‬القليلة‭ ‬التى‭ ‬حدثت‭ ‬فى‭ ‬2020‭ ‬ولم‭ ‬يلتفت‭ ‬إليها‭ ‬إلا‭ ‬القليل،‭ ‬نجاح‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬تسجيل‭ ‬النسيج‭ ‬اليدوى‭ ‬بالصعيد‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الصون‭ ‬العاجل‭ ‬للتراث‭ ‬الثقافي‭ ‬غير‭ ‬المادى‭ ‬بمنظمة‭ ‬اليونسكو،‭ ‬وذلك‭ ‬بجهد‭ ‬مشترك‭ ‬من‭ ‬وزارتى‭ ‬الثقافة‭ ‬والخارجية‭..‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الملف‭ ‬الخامس‭ ‬الذى‭ ‬نجحت‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬تسجيله‭ ‬فى‭ ‬القائمة‭ ‬بعد‭: ‬السيرة‭ ‬الهلالية‭ ‬والتحطيب‭ ‬والأراجوز‭ ‬وممارسات‭ ‬تراثية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالنخلة‭.‬

هذه‭ ‬الحرف‭ ‬التراثية‭ ‬هى‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬هى‭ ‬أشبه‭ ‬بمناجم‭ ‬ذهب‭ ‬ومصدر‭ ‬لتنمية‭ ‬مجتمعية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستدامة

أهمية‭ ‬الخطوة‭ ‬التى‭ ‬تمت،‭ ‬وإمكانيات‭ ‬توظيفها‭ ‬واستثمارها‭ ‬يستلزم‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬قليلا‭ ‬الى‭ ‬الوراء‭ ‬وتحديدا‭ ‬إلى‭ ‬2003عندما‭ ‬اتفقت‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬فى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬باستثناء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬صون‭ ‬التراث‭ ‬الثقافى‭ ‬المادى‭ ‬غير‭ ‬المنظور‭ ..‬الاتفاقية،‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬مسماها،‭ ‬هدفها‭ ‬حماية‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يندرج‭ ‬تحت‭ ‬كلمة‮ ‬‭ ‬‮«‬فولكلور‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬لاحظت‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الحضارات‭ ‬أن‭ ‬تراثها‭ ‬يستباح‭ ‬ويتم‭ ‬تسليعه‭ ‬فى‭ ‬غيبة‭ ‬منها،‭ ‬فلا‭ ‬هى‭ ‬استفادت‭ ‬ماديا‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬معنويا،‭ ‬وسمعنا‭ ‬ورأينا‭ ‬فى‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬كيف‭ ‬سرقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬عبر‭ ‬دراسات‭ ‬ممنهجة‭ ‬تراث‭ ‬فلسطين‭ ‬المادى‭ ‬وغير‭ ‬المادى‭ ‬ونسبته‭ ‬إلى‭ ‬نفسها‭ ‬جهاراً‭ ‬نهاراً‭ .‬

خاض‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬مرسى‭ ‬الأمين‭ ‬على‭ ‬تراث‭ ‬مصر‭ ‬غير‭ ‬المادى،‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬القامات‭ ‬العلمية‭ ‬من‭ ‬أمثال‮ ‬‭ ‬الدكتورة‭ ‬نوال‭ ‬المسيرى‭ ‬معركة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬لحماية‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬الذى‭ ‬تتفرد‭ ‬فيه‭ ‬مصر‭.‬

وضع‭ ‬النسيج‭ ‬المصرى‭ ‬اليدوى‭ ‬المتوارث‭ ‬صناعته‭ ‬عبر‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭ ‬على‭ ‬القائمة،‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬النهاية،‭ ‬ولكنه‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬البداية،‭ ‬واليونيسكو‭ ‬تلزم‭ ‬الدول‭ ‬الموقعة‭ ‬ــ‭ ‬التى‭ ‬لديها‭ ‬مثلنا‭ ‬تراث‭ ‬محمى‭ ‬ضمن‭ ‬القائمة‭ ‬ــ‭ ‬أن‭ ‬تنشىء‭ ‬لجنة‭ ‬وطنية‭ ‬تتابع‭ ‬صون‭ ‬التراث‭ ‬الثقافى‭ ‬وتقوم‭ ‬بتسجيله‭ ‬بصورة‭ ‬علمية‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬فعلنا‭ ‬مع‭ ‬التحطيب‭ ‬والأراجوز‭ ‬والسيرة‭ ‬الهلالية‭ ‬وحتى‭ ‬الطب‭ ‬الشعبى‭ .‬

هذه‭ ‬الحرف‭ ‬التراثية‭ ‬هى‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬هى‭ ‬أشبه‭ ‬بمناجم‭ ‬ذهب‭ ‬ومصدر‭ ‬لتنمية‭ ‬مجتمعية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستدامة‭. ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬محاولات‭ ‬إحياء‭ ‬التُّلى‭ ‬فى‭ ‬صعيد‭ ‬مصر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الاندثار‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬اللاتى‭ ‬يعملن‭ ‬فيه‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬50‭ ‬فتاة،‭ ‬الآن‭ ‬ارتفع‭ ‬العدد‭ ‬وتجاوز‭ ‬الألف،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الفتاة‭ ‬أو‭ ‬السيدة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تصنع‭ ‬التلى‭ ‬فى‭ ‬‮«‬‭ ‬شندويل‮»‬‭ ‬وتخشى‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬به‭ ‬الى‭ ‬أخميم‭ ‬التى‭ ‬تبعد‭ ‬عنها‭ ‬عدة‭ ‬كيلومترات،‭ ‬تسافرالآن‭ ‬الى‭ ‬معارض‭ ‬فى‮ ‬‭ ‬أمريكا‭ ‬واليابان‭ ‬والعواصم‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تخشى‭ ‬المجتمع،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يتعامل‭ ‬معها‭ ‬بدونية،‭ ‬اصبحت‭ ‬هى‭ ‬نفسها‭ ‬مصدر‭ ‬فخر‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع‭.‬

سر‭ ‬نجاح‭ ‬إحياء‭ ‬التلى‭ ‬يكمن‭ ‬فى‭ ‬الأسلوب‭ ‬العلمى‭ ‬غير‭ ‬العشوائى‭ ‬الذى‭ ‬أدير‭ ‬به‭ ‬الملف‭ ‬الذى‭ ‬بدأ‭ ‬بمنحة‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬الدولى‭ ‬وبتشكيل‭ ‬فريق‭ ‬لجمع‭ ‬المادة‭ ‬تمهيدا‭ ‬لتسجيلها،‭ ‬وتم‭ ‬إحضار‭ ‬أنوال‭ ‬تقليدية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬كبارالصناع‭ ‬الذين‭ ‬تركوا‭ ‬المهنة‭ ‬لإقناعهم‭ ‬بالعودة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬لتدريب‭ ‬الصغار،‭ ‬ونقل‭ ‬الخبرة‭ ‬إليهم،‭ ‬واستمرارنجاح‭ ‬تجربة‭ ‬التلى‭ ‬يحتاج‭ ‬حضور‭ ‬الدولة‭ ‬بقوة‭ ‬عبر‭ ‬توفير‭ ‬الخامات،‭ ‬وألا‭ ‬تترك‭ ‬صغار‭ ‬الحرفيين‭ ‬لاستغلال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التجارالمحتكرين،‭ ‬وإيجاد‭ ‬أسواق‭ ‬لتصريف‭ ‬المنتج‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬معارض‭ ‬تراثنا‭ .‬

من‭ ‬كتبت‭ ‬له‭ ‬زيارة‮ ‬‭ ‬إسبانيا،‭ ‬وتحديدا‭ ‬مدينة‭ ‬توليدو‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬اسمها‭ ‬طليطلة‭ ‬ايام‭ ‬حكم‭ ‬المسلمين،‭ ‬سوف‭ ‬يفاجأ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬التى‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مائة‭ ‬الف‭ ‬نسمة‭ ‬يزورها‭ ‬سنويا‭ ‬ملايين‭ ‬السياح،‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬سائح‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أتى‭ ‬إلا‭ ‬وفى‭ ‬يده‭ ‬هدية‭ ‬تراثية‭ ‬تؤرخ‭ ‬لزيارته‭ ‬ويحتفظ‭ ‬بها‭ ‬ويورثها‭ ‬لأولاده،‭ ‬سيجد‭ ‬قطعا‭ ‬تراثية‭ ‬بسعر‭ ‬من‭ ‬دولارات‭ ‬معدودات‭ ‬الى‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الدولارات،‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬القطعة‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬بعدة‭ ‬دولارات‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬بمواصفات‭ ‬وضوابط‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التى‭ ‬تباع‭ ‬بآلاف‭ ‬الدولارات‭.. ‬ومن‭ ‬كتب‭ ‬له‭ ‬زيارة‭ ‬تونس‭ ‬الشقيقة‭ ‬سوف‭ ‬يفاجأ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬وزارة‭ ‬كاملة‭ ‬جل‭ ‬دورها‭ ‬هو‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحرف‭ ‬التراثية‭ ‬وتنميتها‭ ‬ورعايتها‭ .‬

طريق‭ ‬حفظ‭ ‬تراثنا‭ ‬بكافة‭ ‬أشكاله‭ ‬مازال‭ ‬طويلا‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬مؤسسى‭ ‬متكامل‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬حاضرة‭ ‬فيه،‭ ‬للرعاية‭ ‬وتذليل‭ ‬العقبات،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬لتحصيل‭ ‬مستحقات‭ ‬الدولة‭ .‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة