طائرة العال الإسرائيلية فى مطار أبو ظبى
طائرة العال الإسرائيلية فى مطار أبو ظبى


التطبيع من وجهة نظر إسرائيلية

نحبكم رغم أنفكم.. نحبكم رغم أنفنا

أخبار الأدب

الإثنين، 11 يناير 2021 - 12:03 م

بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬اليسار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬تاريخيًا،‭ ‬مؤيدًا‭ ‬لإقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬العرب،‭ ‬فيما‭ ‬يرفضها‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬تنعكس‭ ‬الآية،‭ ‬تتحمس‭ ‬قوى‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬"بالتطبيع"،‭ ‬فيما‭ ‬يشعر‭ ‬اليسارى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بالحرج‭ ‬منه 

فى‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬حاول‭ ‬الموسيقى‭ ‬اليسارى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬يوفال‭ ‬بن‭ ‬عمي،‭ ‬وبنوايا‭ ‬طيبة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬تكمن‭ ‬فى‭ ‬اتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬رغمًا‭ ‬عن‭ ‬الساسةب،‭ ‬أن‭ ‬يقيم‭ ‬مشروعًا‭ ‬موسيقيًا‭ ‬مشتركًا‭ ‬مع‭ ‬موسيقيين‭ ‬فلسطينيين،‭ ‬بحث‭ ‬فى‭ ‬طول‭ ‬البلاد‭ ‬وعرضها‭ ‬والتقى‭ ‬بعرب‭ ‬كثيرين،‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬لديهم‭ ‬إلا‭ ‬عدم‭ ‬الحماس‭ ‬للفكرة‭. ‬

بدأ‭ ‬بن‭ ‬عامى‭ ‬بالتدريج‭ ‬فى‭ ‬فهم‭ ‬أن‭ ‬االمقاطعة‭ ‬العربيةب‭ ‬قد‭ ‬تعنى‭ ‬عدم‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬والعرب،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬التعاون‭ ‬ضد‭ ‬الصهيونية‭ ‬وأهدافها‭. ‬بدأ‭ ‬يستوعب‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬حتى‭ ‬فلتت‭ ‬منه،‭ ‬فى‭ ‬ثنايا‭ ‬النص‭ ‬الذى‭ ‬وثّق‭ ‬به‭ ‬رحلته‭ ‬هذه‭ ‬بموقع‭ ‬اسيحاه‭ ‬مكوميتب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬جملة‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يدين‭ ‬العرب‭ ‬غير‭ ‬المتحمسين‭ ‬للتعاون‭ ‬معه‭: ‬الم‭ ‬أكن‭ ‬لألعب‭ ‬مع‭الأطفال‭ ‬الأغنياء‭ ‬الذين‭ ‬يسرقون‭ ‬حقيبتي،‭ ‬وبالأحرى‭ ‬لو‭ ‬جعلهم‭ ‬هذا‭ ‬يشعرون‭ ‬أنهم‭ ‬أفضلب‭. ‬

فى‭ ‬النهاية،‭ ‬يُخفض‭ ‬الرجل‭ ‬كثيرًا‭ ‬سقف‭ ‬الحلم‭ ‬الرومانسى‭ ‬لديه،‭ ‬يبدأ‭ ‬فى‭ ‬الوعى‭ ‬أن‭ ‬ألبومًا‭ ‬كهذا‭ ‬لو‭ ‬تم،‭ ‬فسيجمّل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قبيح‭ ‬فى‭ ‬الواقع،‭ ‬ليصل‭ ‬أخيرًا‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬كشف‭ ‬درامية‭ ‬يعلن‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬ابيننا‭ ‬جدار،‭ ‬وهذا‭ ‬الألبوم‭ ‬سيعكسهب‭. ‬

هذه‭ ‬الرحلة،‭ ‬وهذا‭ ‬الكشف،‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬إليهما‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬اليساريين‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

إذا‭ ‬ما‭ ‬ذُكر‭ ‬اسم‭ ‬زإسرائيلس‭ ‬أمام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬اليسار‭ ‬العربي،‭ ‬فإن‭ ‬أول‭ ‬كلمة‭ ‬ستقفز‭ ‬إلى‭ ‬ذهنه‭ ‬غالبًا‭ ‬هى‭ ‬كلمة‭ ‬زتطبيعس،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬اليساريين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬والذين‭ ‬لا‭ ‬تشيع‭ ‬لديهم‭ ‬كلمة‭ ‬زنورماليزتسياس،‭ ‬أى‭ ‬تطبيع،‭ ‬بنفس‭ ‬قدر‭ ‬شيوع‭ ‬الكلمة‭ ‬لدينا‭.‬

لليسار‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬أطياف‭ ‬عدة،‭ ‬بالأساس‭ ‬منه‭ ‬اليسار‭ ‬الصهيوني،‭ ‬يسار‭ ‬حزب‭ ‬العمل،‭ ‬والذى‭ ‬تنتمى‭ ‬إليه‭ ‬النخبة‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬للبلد،‭ ‬وهو‭ ‬أقرب‭ ‬لليمين‭ ‬عمومًا‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بوجه‭ ‬أوروبى‭ ‬أنيق،‭ ‬بالإضافة‭ ‬ليسار‭ ‬آخر‭ ‬بدأ‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬فى‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ويعرّف‭ ‬نفسه‭ ‬بكونه‭ ‬اغير‭ ‬صهيونيب‭ ‬أو‭ ‬امعاديًا‭ ‬للصهيونيةس‭. ‬ومثل‭ ‬أبناء‭ ‬اليسار‭ ‬العربي،‭ ‬يرى‭ ‬هذا‭ ‬الفصيل‭ ‬اليسارى‭ ‬فى‭ ‬الصهيونية‭ ‬حركة‭ ‬استعمارية‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬اجتثاث‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬بيوتهم‭ ‬وطردهم‭ ‬من‭ ‬البلاد‭.‬

ولكن‭ ‬بالخلاف‭ ‬مع‭ ‬اليسار‭ ‬العربي،‭ ‬فلا‭ ‬يتمتع‭ ‬أبناء‭ ‬اليسار‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬غير‭ ‬الصهيونى‭ ‬بالحساسية‭ ‬نفسها‭ ‬تجاه‭ ‬االتطبيعب‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬منهم‭ ‬ناشطون‭ ‬فى‭ ‬حملات‭ ‬لمقاطعة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬دائمًا‭ ‬أبدًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬المقصود‭ ‬بهذا‭ ‬هو‭ ‬مقاطعة‭ ‬الحكومة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الجامعات،‭ ‬وليس‭ ‬الأفراد‭.‬

الأفراد‭ ‬كنقطة‭ ‬خلافية‭ ‬

فى‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬وبمناسبة‭ ‬تجدد‭ ‬النقاش‭ ‬حول‭ ‬التطبيع‭ ‬فى‭ ‬عمّان‭ ‬الأردنية،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬نية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬حضور‭ ‬حفل‭ ‬فرقة‭ ‬زمشروع‭ ‬ليلىس‭ ‬هناك،‭ ‬نشر‭ ‬الصحفى‭ ‬اليسارى‭ ‬نوعام‭ ‬شيزاف،‭ ‬فى‭ ‬موقع‭ ‬ا972ب،‭ ‬وهو‭ ‬النسخة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬اسيحاه‭ ‬مكوميتب،‭ ‬حوارًا‭ ‬دار‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬داعمى‭ ‬مقاطعة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بعضهم‭ ‬يهود‭ ‬وبعضهم‭ ‬فلسطينيون،‭ ‬ليُطرح‭ ‬فيه‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬يمكن‭ ‬لليهودى‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬المعادى‭ ‬للصهيونية،‭ ‬أن‭ ‬يفعله‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬فيقول‭ ‬ناشط‭ ‬إسرائيلى‭ ‬باسم‭ ‬نوح‭: ‬

القد‭ ‬وُلدت‭ ‬يهوديًا‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‭. ‬وحاربت‭ ‬طول‭ ‬حياتى‭ ‬مع‭ ‬رفاقى‭ ‬من‭ ‬فلسطينيى‭ ‬1948،‭ ‬مع‭ ‬ويهود‭ ‬آخرين‭ ‬معادين‭ ‬للصهيونية‭ ‬مثلي،‭ ‬ضد‭ ‬الصهيونية‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‭. ‬رفضت‭ ‬الخدمة‭ ‬فى‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬ومكث‭ ‬أصدقائى‭ ‬فى‭ ‬السجن‭ ‬لعامين‭ ‬لرفضهم‭ ‬الخدمة‭... ‬ولكن‭ ‬الآن‭ ‬أنت‭ ‬تسمينى‭ ‬اصهيونيًاب،‭ ‬فقط‭ ‬لكونى‭ ‬إسرائيليًا‭ ‬غير‭ ‬عربي‭. ‬حسنًا،‭ ‬لقد‭ ‬وُلدت‭ ‬بهذه‭ ‬الهويات‭ ‬واخترت‭ ‬أن‭ ‬أعادى‭ ‬الصهيونية‭. ‬وقرارك‭ ‬بتجاهل‭ ‬هذا‭ ‬الاختيار‭ ‬وبرؤيتى‭ ‬كـبصهيونيب،‭ ‬فقط‭ ‬لكون‭ ‬عائلتى‭ ‬يهودية،‭ ‬هو‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬الادعاءات‭ ‬الأخرى‭ ‬التى‭ ‬تقولها‭.‬ب‭ ‬

وعندما‭ ‬يرد‭ ‬عليه‭ ‬عربيٌ‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬مواطنى‭ ‬إسرائيل‭ ‬يخدمون‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وبأن‭ ‬بإمكانه‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬بلده‭ ‬الأصلى‭ ‬والعودة‭ ‬إليه،‭ ‬يعاود‭ ‬اليهودى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الرد‭ ‬عليه‭:‬

اأجدادى‭ ‬كانوا‭ ‬لاجئين‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬بلدان‭. ‬أين‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬ترسلني،‭ ‬بولندا‭ ‬أم‭ ‬رومانيا‭ ‬أم‭ ‬المجر؟‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬أى‭ ‬مواطنة‭ ‬أخرى‭. ‬هل‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تقسّمنى‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أماكن؟‭ ‬أنا‭ ‬أنتمى‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬ولن‭ ‬أذهب‭ ‬لمكان‭ ‬آخر‭. ‬وأعتقد‭ ‬أنك‭ ‬بحاجة‭ ‬للتفرقة‭ ‬بين‭ ‬اليهودى‭ ‬وبين‭ ‬الصهيوني‭. ‬الصراع‭ ‬ضد‭ ‬الصهيونية‭ ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬نحيا،‭ ‬من‭ ‬خلاله،‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬ومفتوحة‭ ‬ومتساوية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬واليهود‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وليس‭ ‬صراعًا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العودة‭ ‬للماضى‭ ‬وإرسال‭ ‬كل‭ ‬اليهود‭ ‬بعيدًا‭ ‬فى‭ ‬نكبة‭ ‬ثانية‭. ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬فأنت‭ ‬لست‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الصهاينة‭.‬ب

بسبب‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬بالتحديد،‭ ‬يتعذّر‭ ‬على‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الرافض‭ ‬للصهيونية،‭ ‬أن‭ ‬يتفهم‭ ‬منطق‭ ‬العربى‭ ‬الداعى‭ ‬للمقاطعة،‭ ‬قد‭ ‬يدعم‭ ‬أو‭ ‬يشارك‭ ‬فى‭ ‬حملات‭ ‬مقاطعة‭ ‬لدولته،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬معنى‭ ‬مقاطعة‭ ‬الأفراد‭. ‬يظل‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬غير‭ ‬معقول‭ ‬ولا‭ ‬مفهوم‭.‬

إسرائيليون‭ ‬غير‭ ‬مرتاحين

ولكن‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الأحوال،‭ ‬ومع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬السلام‭ ‬المتتالية‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬عدة،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬قد‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬الخلافية‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬اليسار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬تاريخيًا،‭ ‬مؤيدًا‭ ‬لإقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬العرب،‭ ‬فيما‭ ‬يرفضها‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬تنعكس‭ ‬الآية،‭ ‬تتحمس‭ ‬قوى‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لـبالتطبيعب،‭ ‬فيما‭ ‬يشعر‭ ‬اليسارى‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بالحرج‭ ‬منه،‭ ‬ربما‭ ‬لاختلاف‭ ‬نوعية‭ ‬العرب‭ ‬محل‭ ‬الحديث‭ ‬الآن،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬المقصود‭ ‬بالعرب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الفقراء‭ ‬ذوى‭ ‬الادعاءات‭ ‬الشرعية‭ ‬فى‭ ‬الأرض،‭ ‬أى‭ ‬العرب‭ ‬الخطرين‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬وجود‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يصبح‭ ‬الكلام‭ ‬عن‭ ‬عرب‭ ‬آخرين،‭ ‬مشايخ‭ ‬موسرين‭ ‬لا‭ ‬يدعون‭ ‬أسبقيتهم‭ ‬فى‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬عرب‭ ‬زآمنينس‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭.‬

اأول‭ ‬إشى‭ ‬رح‭ ‬توصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬بن‭ ‬جوريون،‭ ‬المطار‭ ‬مليان‭ ‬قوات‭ ‬أمن‭ ‬وفحص‭ ‬أمنى‭ ‬شديد،‭ ‬إذا‭ ‬بيسألوكم،‭ ‬احكوا‭ ‬إنكو‭ ‬سواح‭ ‬من‭ ‬الإمارات،‭ ‬مش‭ ‬عرب‭ ‬محليين،‭ ‬بلاش‭ ‬يحجزوكم‭ ‬عشر‭ ‬ساعاتب‭.‬

هكذا‭ ‬يبدأ‭ ‬فيديو‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬صوّرته‭ ‬نوعام‭ ‬شوستر‭ ‬إلياسي،‭ ‬وهى‭ ‬يهودية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬تفخر‭ ‬بأنها‭ ‬تعلّمت‭ ‬العربية‭ ‬لأهداف‭ ‬غير‭ ‬استخباراتية،‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬ممن‭ ‬تعلموها‭ ‬فقط‭ ‬بهدف‭ ‬الخدمة‭ ‬فى‭ ‬الموساد‭. ‬فى‭ ‬الفيديو‭ ‬الساخر،‭ ‬الذى‭ ‬تحاكى‭ ‬فيه‭ ‬فكرة‭ ‬الجولات‭ ‬السياحية،‭ ‬وتوجّهه‭ ‬للعرب‭ ‬الذين‭ ‬ينوون‭ ‬زيارة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬تتابع‭ ‬عارضة‭ ‬الستاند‭ ‬أب‭ ‬الإسرائيلية‭: ‬

اهون،‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬المتطورة،‭ ‬فيه‭ ‬كتير‭ ‬ضيوف‭ ‬من‭ ‬السودان،‭ ‬بنتعامل‭ ‬معهم‭ ‬بلطف،‭ ‬خصوصًا‭ ‬هلق،‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬وقعنا‭ ‬معهم‭ ‬كمان‭ ‬اتفاقية‭ ‬للسلامس،‭ ‬وفى‭ ‬خلفية‭ ‬كلامها،‭ ‬يُعرض‭ ‬فيديو‭ ‬لماى‭ ‬جولان،‭ ‬عضوة‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬الحاكم،‭ ‬وهى‭ ‬تصيح‭ ‬فى‭ ‬لاجئ‭ ‬سودانى‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭: ‬زلن‭ ‬تبقى‭ ‬هنا،‭ ‬أنت‭ ‬وكل‭ ‬أصحابك،‭ ‬طيروا‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وارجعوا‭ ‬لبلدكمس‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬الفيديو‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬انفجار‭ ‬شهرة‭ ‬إلياسي،‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬فيديو‭ ‬أقدم‭ ‬منه،‭ ‬توبّخ‭ ‬فيه،‭ ‬وباللغة‭ ‬العربية،‭ ‬العرب‭ ‬المتحمسين‭ ‬للتطبيع،‭ ‬قائلة‭:‬

امابحبش‭ ‬نتنياهو،‭ ‬هاى‭ ‬رسالة‭ ‬لحكومة‭ ‬البحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬والسودان‭. ‬اسمعوا،‭ ‬ليش؟‭ ‬إحنا‭ ‬هون‭ ‬عايشين‭ ‬ومابدناش‭ ‬نشوف‭ ‬وجهه‭ ‬لنتنياهو،‭ ‬إحنا‭ ‬بنعمل‭ ‬مظاهرة‭ ‬ضده‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وانتو‭ ‬بتقعدوا‭ ‬وبتعملوا‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام،‭ ‬تطبيع،‭ ‬معه؟‭ ‬ليش؟س

اليسار‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬غير‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الذى‭ ‬طالما‭ ‬نادى‭ ‬بأهمية‭ ‬إقامات‭ ‬علاقات‭ ‬عادلة‭ ‬مع‭ ‬العرب،‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مرتاحًا‭ ‬الآن،‭ ‬بل‭ ‬وأميل‭ ‬للسخرية‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬الجارية،‭ ‬ينشر‭ ‬الشاعر‭ ‬يتسحاق‭ ‬لاؤور‭ ‬مثلًا‭ ‬على‭ ‬صفحته‭ ‬الشخصية‭ ‬صورة‭ ‬له‭ ‬ممسكًا‭ ‬بسبحة،‭ ‬ولابسًا‭ ‬شماغًا‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬كأنه‭ ‬شيخ‭ ‬عربي،‭ ‬ملمحًا‭ ‬بسخرية‭ ‬إلى‭ ‬نيته‭ ‬بشراء‭ ‬نادى‭ ‬كرة‭ ‬قدم،‭ ‬فى‭ ‬إشارة‭ ‬لنادى‭ ‬ابيتار‭ ‬أورشليمس‭ ‬الذى‭ ‬اشترت‭ ‬الإمارات‭ ‬خمسين‭ ‬فى‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬أسهمه‭ ‬مؤخرًا‭.‬

تدور‭ ‬حلبة‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬اليمين‭ ‬واليسار،‭ ‬كما‭ ‬لاحظنا،‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ ‬منهما‭ ‬يستخدم‭ ‬التقنيات‭ ‬المتاحة‭ ‬الآن‭ ‬لعرض‭ ‬موقفه‭. ‬تابع‭ ‬الكثيرون‭ ‬طوفان‭ ‬الفيديوهات‭ ‬التى‭ ‬ظهرت‭ ‬فى‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬الفيسبوك‭ ‬وتويتر‭ ‬مصورة‭ ‬الترحاب‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬والإسرائيليين‭. ‬

لهذه‭ ‬الزاوية،‭ ‬تختار‭ ‬الناشطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬داليا‭ ‬حلبي،‭ ‬فى‭ ‬مقالها‭ ‬الذى‭ ‬كتبته‭ ‬فى‭ ‬موقع‭ ‬زهاعوكتسس‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬أن‭ ‬تتأمل‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإنفلونسر،‭ ‬أى‭ ‬الشخص‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬اتجاه‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬فى‭ ‬محيطه،‭ ‬فقط‭ ‬عبر‭ ‬امتلاكه‭ ‬لحساب‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وكيفية‭ ‬مساهمة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الوليدة‭ ‬فى‭ ‬الترويج‭ ‬للتطبيع‭ ‬الدائر‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭: ‬

اتكفى‭ ‬صورة‭ ‬لعارضة‭ ‬أزياء‭ ‬معتمدة‭ ‬مع‭ ‬فنجان‭ ‬قهوة‭ ‬فى‭ ‬خلفية‭ ‬أحد‭ ‬أبراج‭ ‬المدينة،‭ ‬لتجعل‭ ‬فكرة‭ ‬زيارة‭ ‬دبى‭ ‬مشتهاة‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭. ‬يكفى‭ ‬فيديو‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬ثوان‭ ‬لشخص‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬برنامج‭ ‬واقع،‭ ‬ونرى‭ ‬فيه‭ ‬عربة‭ ‬جيب‭ ‬تركض‭ ‬فى‭ ‬الصحراء،‭ ‬لكى‭ ‬تباع‭ ‬الفكرة‭ ‬للآلاف‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬فانتازيا‭ ‬القوة‭. ‬تكفى‭ ‬صورة‭ ‬لقطعة‭ ‬ملابس‭ ‬مع‭ ‬كتابة‭ ‬فلسفية‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬اصباح‭ ‬الخيرب،‭ ‬لكى‭ ‬تحول‭ ‬زيارة‭ ‬دبى‭ ‬إلى‭ ‬حلم‭ ‬حياة‭ ‬للجماهير‭.‬س

وصهاينة‭ ‬مولعون‭ ‬بالعرب

يبدو‭ ‬الآن‭ ‬التيار‭ ‬السائد‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬اليمين‭ ‬واليسار‭ ‬الصهيونيين،‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬احتفاء‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬بالثقافة‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظل‭ ‬منطقهم‭ ‬يقوم‭ ‬لعقود‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدينا‭ ‬رغبة‭ ‬فى‭ ‬السلام،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬مِن‭ ‬شريك‭ ‬عربى‭ ‬نجلس‭ ‬معهب‭.‬

فى‭ ‬النص‭ ‬السابق‭ ‬ذكره‭ ‬ليوفال‭ ‬بن‭ ‬عامي،‭ ‬يحكى‭ ‬الموسيقى‭ ‬الشاب‭ ‬عن‭ ‬علاقته‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬أبجديتها‭ ‬تشعره‭ ‬بالتهديد‭ ‬فى‭ ‬طفولته‭: ‬زكانت‭ ‬هذه‭ ‬لغة‭ ‬العدو،‭ ‬وبدت‭ ‬لى‭ ‬حروفها‭ ‬المسنونة‭ ‬كأنها‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الخناجر‭ ‬والرماحس‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬افتراض‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬علاقة‭ ‬عموم‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بمنظر‭ ‬الحروف‭ ‬العربية،‭ ‬يخافون‭ ‬منها‭ ‬ويظنونها‭ ‬لا‭ ‬تحوى‭ ‬سوى‭ ‬الفتاوى‭ ‬الدينية‭ ‬التى‭ ‬تبيح‭ ‬قتلهم‭. ‬وفى‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬انتشرت‭ ‬منذ‭ ‬أعوام‭ ‬صورة‭ ‬قيل‭ ‬إنها‭ ‬من‭ ‬حيفا،‭ ‬لحقيبة‭ ‬يد‭ ‬مكتوب‭ ‬عليها‭ ‬زهذا‭ ‬النص‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬هدف‭ ‬سوى‭ ‬نشر‭ ‬الرعب‭ ‬فى‭ ‬قلب‭ ‬من‭ ‬يخافون‭ ‬اللغة‭ ‬العربيةس‭. ‬ومنذ‭ ‬عامين‭ ‬فقط،‭ ‬وبمقتضى‭ ‬قانون‭ ‬القومية‭ ‬اليهودية‭ ‬الذى‭ ‬أُقر‭ ‬ساعتها‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬جرى‭ ‬سحب‭ ‬صفة‭ ‬زالرسميةس‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬هناك،‭ ‬لجعلها‭ ‬مجرد‭ ‬زتحظى‭ ‬بمكانة‭ ‬خاصةس‭.‬

ولكن‭ ‬الآن‭ ‬تنعكس‭ ‬العلاقة‭ ‬فيما‭ ‬يبدو،‭ ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬نفسه‭.‬

بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمى‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬الذى‭ ‬حل‭ ‬فى‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬رأينا‭ ‬أفيخاى‭ ‬أدرعي،‭ ‬الناطق‭ ‬بلسان‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يقف‭ ‬أمام‭ ‬سبورة،‭ ‬فى‭ ‬فيديو‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬يتكلم‭ ‬بالعربية‭ ‬ليمدح‭ ‬العربية،‭ ‬مشكورًا،‭ ‬بالقول‭ ‬إنها‭ ‬زأغنى‭ ‬لغات‭ ‬العالم‭ ‬وأقدم‭ ‬اللغات‭ ‬الساميةس،‭ ‬وإنها،‭ ‬فوق‭ ‬هذا،‭ ‬أحبها‭ ‬إلى‭ ‬قلبه‭. ‬يفرط‭ ‬الرجل‭ ‬فى‭ ‬استعمال‭ ‬زأفعل‭ ‬التفضيلس‭ ‬فى‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نكتشف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬توطئة‭ ‬عابرة‭ ‬لتناول‭ ‬مفردة‭ ‬زتطبيعس‭ ‬والإسهاب‭ ‬فى‭ ‬تبيان‭ ‬مواطن‭ ‬الجمال‭ ‬فى‭ ‬معانيها‭.‬

يبدو‭ ‬الآن‭ ‬التيار‭ ‬السائد‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬اليمين‭ ‬واليسار‭ ‬الصهيونيين،‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬احتفاء‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬بالثقافة‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ظل‭ ‬منطقهم‭ ‬يقوم‭ ‬لعقود‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬زلدينا‭ ‬رغبة‭ ‬فى‭ ‬السلام،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬مِن‭ ‬شريك‭ ‬عربى‭ ‬نجلس‭ ‬معهس‭.‬

لقد‭ ‬ظهر‭ ‬الشريك‭ ‬أخيرًا‭ ‬الآن،‭ ‬وكان،‭ ‬بالصدفة،‭ ‬يملك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال‭.‬

كان‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬رئيس‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المعارضين‭ ‬لاتفاقية‭ ‬أوسلو،‭ ‬والآن،‭ ‬يظهر‭ ‬الرجل‭ ‬بنفسه،‭ ‬بصفته‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬محتفيًا‭ ‬أشد‭ ‬الاحتفاء‭ ‬باتفاقات‭ ‬السلام‭ ‬المتتالية‭ ‬مع‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭. ‬شتان‭ ‬بين‭ ‬كف‭ ‬إسحق‭ ‬رابين‭ ‬المترددة‭ ‬فى‭ ‬مصافحة‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬فى‭ ‬1993،‭ ‬بعد‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو،‭ ‬وبين‭ ‬الأحضان‭ ‬والقبلات‭ ‬المتبادلة‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬يهود‭ ‬يعتمرون‭ ‬القبعات‭ ‬وعرب‭ ‬يلبسون‭ ‬الأعقلة‭. ‬

الفكرة‭ ‬كما‭ ‬يشرحها‭ ‬الصحفى‭ ‬إيهود‭ ‬يَعَرى‭ ‬فى‭ ‬لقاء‭ ‬تلفزيونى‭ ‬هى‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬النهج‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬المعتاد‭ ‬لحل‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬مخاطبة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أولًا،‭ ‬فإن‭ ‬نهج‭ ‬نتنياهو‭ ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬هو‭ ‬مخاطبة‭ ‬سائر‭ ‬العرب‭ ‬أولًا،‭ ‬ويأتى‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭: ‬انحن‭ ‬نصل‭ ‬لوضع‭ ‬ينهار‭ ‬فيه‭ ‬حزام‭ ‬المقاطعة‭ ‬العربية‭ ‬حول‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الذين‭ ‬يفقدون‭ ‬الآن‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬إبداء‭ ‬الفيتو‭ ‬أمام‭ ‬السلوك‭ ‬العربي‭.‬ب

هل‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬إضعاف‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬تأتى‭ ‬المغازلة‭ ‬الصهيونية‭ ‬للعرب‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬للدبكة‭ ‬والصحراء‭ ‬والخيام‭ ‬وفناجين‭ ‬القهوة‭ ‬واللغة‭ ‬العربية،‭ ‬أحب‭ ‬اللغات‭ ‬السامية‭ ‬لقلب‭ ‬أفيخاى‭ ‬أدرعي؟

يحاول‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الرسمى‭ ‬تكريس‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬يتغيّر‭ ‬بعمق‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وأن‭ ‬مشاعر‭ ‬العداء‭ ‬لديه‭ ‬تجاهها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬بنفس‭ ‬القوة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬عليها‭ ‬سابقًا‭.‬

تستضيف‭ ‬المذيعة‭ ‬لوسى‭ ‬أهريش،‭ ‬فى‭ ‬برنامج‭ ‬اهمهدوراه‭ ‬همركزيتب،‭ ‬جونى‭ ‬الخوري،‭ ‬وهو‭ ‬ابن‭ ‬لضابط‭ ‬فى‭ ‬ميليشيا‭ ‬جيش‭ ‬لبنان‭ ‬الجنوبى‭ ‬التى‭ ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬ساعدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬احتلال‭ ‬الجنوب‭ ‬اللبناني،‭ ‬فيتكلّم‭ ‬هذا‭ ‬عن‭ ‬الزوال‭ ‬التدريجى‭ ‬للمشاعر‭ ‬العدائية‭ ‬العربية‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وعن‭ ‬تغير‭ ‬الدلالات‭ ‬السلبية‭ ‬لكلمة‭ ‬اتطبيعب‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬العربي،‭ ‬وفى‭ ‬خضم‭ ‬الحديث،‭ ‬يتذكر‭ ‬الهجوم‭ ‬الذى‭ ‬دار‭ ‬مؤخرًا‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬رمضان،‭ ‬فيقول‭:‬

ارأينا‭ ‬العاصفة‭ ‬التى‭ ‬اشتعلت‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬مع‭ ‬الممثل‭ ‬المغنى‭ ‬الذى‭ ‬أُخذت‭ ‬له‭ ‬صورة‭ ‬مع‭ ‬عومر‭ ‬آدم،‭ ‬والضجة‭ ‬الذى‭ ‬أثارها‭ ‬هذا‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سلامًا‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تطبيع‭ ‬بين‭ ‬السكان‭. ‬رأيت‭ ‬تغييرًا‭ ‬يجرى‭ ‬هناك،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬أجابوا‭ ‬باستهزاء،‭ ‬بل‭ ‬وضحكوا‭ ‬عندما‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬فى‭ ‬دبى‭ ‬واستهزأوا‭ ‬به‭ ‬قائلين‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الثمن‭ ‬الذى‭ ‬يدفعه‭ ‬المطبّعونب

بعد‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬الاعتراضية‭ ‬العابرة‭ ‬منه،‭ ‬يواصل‭ ‬الشاب‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬لبنانى‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬الإيجابية‭ ‬التى‭ ‬بدأ‭ ‬العرب‭ ‬يكنّونها‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬ويدعى‭ ‬أن‭ ‬الجديد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرغبة‭ ‬فى‭ ‬السلام‭ ‬تأتى‭ ‬أخيرًا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الساسة‭.‬

لن‭ ‬ندع‭ ‬شيئًا‭ ‬يفسد‭ ‬علينا‭ ‬احتفالنا‭ ‬الزائف،‭ ‬سنحبكم‭ ‬رغمًا‭ ‬عنكم‭ ‬ورغمًا‭ ‬عنا،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الحب،‭ ‬كما‭ ‬نعرف‭ ‬وكما‭ ‬تعرفون،‭ ‬لا‭ ‬يكلفنا‭ ‬شيئًا‭.‬

فيما‭ ‬يبدو،‭ ‬فإن‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬محمد‭ ‬رمضان‭ ‬كان‭ ‬حدثًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬فى‭ ‬الدوائر‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الرسمية‭ ‬وفى‭ ‬إعلام‭ ‬التيار‭ ‬السائد‭ ‬هناك‭. ‬أفسد‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬وصلة‭ ‬الغزل‭ ‬الدائرة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬ليؤور‭ ‬بن‭ ‬دور،‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬مصر‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬بالخارجية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ليزعق‭ ‬فى‭ ‬المصريين،‭ ‬وبلسان‭ ‬مصرى‭ ‬عربى‭ ‬هو‭ ‬الآخر،‭ ‬متهمًا‭ ‬إياهم‭ ‬بـبالنوم‭ ‬فى‭ ‬العسلب‭ ‬وبـبالتخندق‭ ‬بأيديولوجيات‭ ‬الخمسينيات‭ ‬والستينياتب،‭ ‬وبالتمسك‭ ‬بالشعارات‭ ‬اللى‭ ‬مافيهاش‭ ‬فايدةب‭.‬وفى‭ ‬قلب‭ ‬وصلة‭ ‬التقريع‭ ‬هذه‭ ‬تفلت‭ ‬منه‭ ‬جملة‭ ‬عابرة‭: ‬اإحنا‭ ‬متفهمين‭ ‬لتضامنكم‭ ‬كعرب‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬بصراحة،‭ ‬ولكن‭..‬ب

ولكن،‭ ‬هل‭ ‬يتفهم‭ ‬الساسة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فعلًا،‭ ‬وبصراحة،‭ ‬تضامن‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وما‭ ‬هى‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم؟

يقول‭ ‬الصهاينة‭ ‬الأكثر‭ ‬تطرفًا‭ ‬ألا‭ ‬شيء‭ ‬هناك‭ ‬اسمه‭ ‬زفلسطينيونس‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يسمّونهم،‭ ‬بحسب‭ ‬التسمية‭ ‬التوراتية،‭ ‬زفلشتينيينس،‭ ‬أى‭ ‬غزاة،‭ ‬أما‭ ‬الأكثر‭ ‬اعتدالًا‭ ‬فيقولون‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬فلسطينيين،‭ ‬ومن‭ ‬حقهم‭ ‬العيش‭ ‬بحقوق‭ ‬شخصية‭ ‬كاملة،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بحقوق‭ ‬قومية،‭ ‬مثل‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬العَلَم‭ ‬وفى‭ ‬المطار‭ ‬وفى‭ ‬التعريف‭ ‬كشعب‭.‬

فى‭ ‬الحالتين‭ ‬إذن‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لما‭ ‬يُسمَّى‭ ‬بـسالقضية‭ ‬الفلسطينيةس،‭ ‬ومع‭ ‬هذا،‭ ‬ففى‭ ‬معرض‭ ‬مغازلة‭ ‬الصهاينة‭ ‬للعرب‭ ‬الآن،‭ ‬نجدهم‭ ‬يعلنون‭ ‬عن‭ ‬تفهمهم‭ ‬لتضامنهم‭ ‬معها،‭ ‬يتفهمون‭ ‬تضامن‭ ‬العرب‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬يعترفون‭ ‬بها‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬بالأساس‭.‬

أطنان‭ ‬من‭ ‬المودة‭ ‬الدبقة‭ ‬المفتعلة‭ ‬يبيعها‭ ‬الصهاينة‭ ‬الآن‭ ‬للعرب‭ ‬غير‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بغرض‭ ‬واحد‭ ‬ووحيد،‭ ‬تفعيل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬صاحب‭ ‬الشأن‭ ‬نفسه،‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬اجتثاثه‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬هو‭ ‬المحرك‭ ‬التاريخى‭ ‬الأساسى‭ ‬لكراهية‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬لإسرائيل‭. ‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة