محمود الوردانى
محمود الوردانى


كتابة

دفتر أحوال جيل الستينيات ( 4 ) من يعرف عادل كامل؟

أخبار الأدب

الإثنين، 25 يناير 2021 - 12:22 م

  لا أظن مطلقا أن بورتريهات العم سليمان عشوائية، أو هكذا بدت لي. فعلى سبيل المثال، عددها 37، نصفها تقريبا، 17 بورتريه آثر ألا يذكر أسماء أصحابها، على الرغم من أنه يمكن بسهولة ويسر التوصل لها، بل كان حريصا على أن يذكر مايفيد معرفة أصحابها.
  من جانب آخر كان حريصا على أن يرسم بورتريهات لعدد كبير من المؤثرين من الأجيال السابقة على جيل الستينيات، مثل محفوظ ويحيى حقى ويوسف إدريس ومندور والمعداوى وسيد قطب- قبل تحولاته- فقد كان الأخير أول من بشّر بمحفوظ وتنبأ له بمكانة فريدة. وإذا كان هؤلاء من نبلاء الأجيال السابقة، فإن العم سليمان رسم أيضا عددا لابأس به من بورتريهات أوباش الأجيال السابقة.
  أما من يستحق أن أخصص له السطور التالية فهو عادل كامل.
  بالنسبة لي، وأنا قد تجاوزت السبعين منخرطا فى هذا المجال تحديدا، فاتنى الكثير مما يمكن معرفته عن هذا الرجل والدور الذى لعبه، ولم أجد بورتريها وافيا ومتكاملا عنه إلا لدى العم سليمان. كان الأخير قد قرأ بداياته فى المكتبة العامة فى حى المختلط بالمنصورة فى أواخر أربعينيات القرن الماضي. وبالتحديد قرأ رواية عادل كامل الأولى» ملك من شعاع» عن إخناتون فى ثلاثينيات القرن الماضي، وقبل أن يكتب محفوظ ثلاثيته الفرعونية بعدة سنوت، والمعروف أنه ربطت بين  محفوظ وعادل كامل صداقة عميقة نادرة، وكان كامل من بين القليلين جدا الذين سمح لهم محفوظ بدخول بيته، وهو المعروف بتكتمه الشديد، بل كان الوحيد أيضا  الذى سمح لهم بقراءة أعماله قبل نشرها، وقد شاهد العم سليمان بنفسه رواية أولاد حارتنا مكتوبة على الآله الكاتبة، وموجودة على مكتب عادل كامل المحامي، عندما زاره عام 1959 لإجراء حوار صحفى معه، فى الفترة القصيرة التى عمل فيها فى جريدة الجمهورية.
  وكان كامل قد نشر فى أحد أعداد مجلة المقتطف روايته القصيرة» ضباب ورماد» فى مطلع الثلاثينيات، ويصفها العم سليمان بأنها كانت عملا مختلفا تماماعن سائر مايكتب، وتحررت من الحبكة التقليدية والزمن التقليدي. وفى زمن مقارب لكتابة محفوظ روايته خان الخليلي، بادر بنشر روايته مليم الأكبر المنتمية للواقعية الاجتماعية.
  أما الدور الأكبر والأكثر تأثيرا، فهو إتاحته الفرصة لمحفوظ ليعمل فى كتابة السيناريو. كان مكتب عادل كامل محاميا لأغلب فنانى السينما المصريين والوافدين، وأخذ كامل على عاتقه عقد اتفاقات لمحفوظ مع المشتغلين بالسينما، ليكتب سيناريوهات توفر له مبالغ تتيح له التفرغ للكتابة الروائية، عندما كان موظفا صغيرا فى وزارة الأوقاف .
  واتخذ عادل كامل قرارا بالتوقف عن الكتابة بعد أن تقدم بروايته مليم الأكبر لمسابقة المجمع اللغوي، وذهبت الجائزة لرواية رديئة كتبها عبد الحليم عبد الله، وهناك سبب آخر اعترف به كامل وهو أن الكتابة لن تتيح له مورد رزق مناسب.
  وفيما بعد فى ثمانينيات القرن الماضي، حمل الفنان الراحل جميل شفيق، بوصفه من الحرافيش ثلاث قصص لعادل كامل بادر سليمان بنشرها على الفور. ثم حمل جميل روايتين قصيرتين قدمهما سليمان لدار الهلال ونشرتا بالفعل، إلى جانب ثلاث مسرحيات طويلة. أى أن الرجل ظل يكتب وآثر عدم النشر عامدا.
  ذلكم عادل كامل الذى عاش فى الظل ولكن عزاؤه الوحيد أن صديقه محفوظ وصل إلى المكانة التى وصل إليها..هل يمكن أن نطمع فى طبعة جديدة كاملة لتراث هذا الرجل؟!
  فى الأسبوع القادم، أستكمل جولتى إذا امتد الأجل..

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة