اللوحات للفنان: مصطفى الرزاز
اللوحات للفنان: مصطفى الرزاز


يَحدثُ فى وقتٍ متأخرٍ من الحياة ..

أخبار الأدب

الإثنين، 25 يناير 2021 - 12:40 م

أشرف البولاقي

لا تَعتذِر عما فَعلت
لستَ وحدَك مثقلاً يا صديقي
ففي وقتٍ متأخرٍ من حياتنا
كهذا الذي نعيشُه الآن
يَحدثُ أن يسأل قبرٌ بعيدٌ
لماذا لا يزورني أحد؟
يَحدث أن تبتسِم الأكاذيبُ
في وجوه مُطلِقيها
أن يصبِح بيننا سِرٌّ صغيرٌ
عن مواعيد أحلامِنا
أن يصبِح السرُّ
طوقَ نجاتِنا مِن هزيمة الروح
أن يصبِح آخِرَ حائطِ مَبكىً
لأوجاعِنا القاسية
لا تَعتذِر عما فَعلت
كلنّا نكذِبُ
كلما ضاقت بنا الأحوال
أنا أحيانًا أضطرُّ أن أقولَ لزوجتي
إنني أحِبها
رغم أنني أحِب أختَها الصغيرةَ
كلما غابَ زوجها دَعَتني
إلى فنجان قهوةٍ
وحفلةٍ من دموع
تشكو لي أنه طيبٌ
لكنه ينام مبكرًا بعد صلاة العشاء
يَكره الشِّعرَ
ولا يميل إلى الشعراءِ كثيرًا
ورغم أنه مَنحها عصفورين
إلا أنها كانت تحلمُ
أنْ يَمنحها شاعرٌ قصيدةً
تشبِه أحزانَها
العصافيرُ حلوةٌ
لكنّ القصائدَ أحلى
هكذا كانت تحدّثني
وتقسِم لي أنها خبّأت امرأ القيسِ
في خِدرها سنواتٍ طويلة
وأنها ذهبت إلى الحج مرةً إثرَ مرة
على أملٍ أن يتعرّض لها
ابنُ ربيعةَ المخزوميّ
وأنها كانت تضع قصائدَ نِزارٍ
تحت وسادتِها كل ليلةٍ
وتدعو اللهَ وهي تبكي
ألا يكتشف زوجُها
خياناتِها الليليةَ المتكررة
كانت تحِب أصدقائي الشعراءَ
وتنتظر قصيدتَها التي تشبِه أحزانَها
لكنهم خَذلوها جميعًا
أخت زوجتي لم تكن تميلُ
إلى شاعري المفضّلِّ
رغم أنه كان واحدًا
من دراويش هذا الزمان
وكان يعمل موسيقيًا
في حقول الكلام
ويدافِع باستماتةٍ عن بلادِه
ويبكي من أجلها
قالت إن موسيقاه صاخبة
ويثرثِرُ كثيرًا
ويفضح البلادَ التي يدّعي
أنه يدافع عنها
أختُ زوجتي مضت واختفت
منذ عشرين عامًا
لكنني منذ حنينٍ قريبٍ
التقيتها صدفةً في شارعٍ رمادي
كانت تتأبط ذراعَ زوجِها بيدٍ
بينما تمسِك – سعيدةً – في يدِها الأخرى
قصيدةً حلوةً  
مِن قصائد شاعري المفضّل!


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة