فؤاد حجاج
فؤاد حجاج


فؤاد حجاج: الأمل بهت فى قلبى والواقع سحق توقعاتى تماما

أخبار الأدب

الإثنين، 08 فبراير 2021 - 12:19 م

حوار: حسين السيد

بدأ مشواره الأدبى فى أواخر الستينيات، أصدر ديوانه الأول عام 1971، وأثرى المكتبة العربية على مدار سنوات بالعديد من الدواوين، والمسلسلات الإذاعية، والكتب، والبرامج الشعرية، والمسرحيات وغيرها، إلا أن عمله الأكثر شعبية، والذى ربط اسمه بالجمهور إلى الأبد كان تتر البداية والنهاية لمسلسل «حديث الصباح والمساء» الذى عرض قبل 20 عامًا ولا تزال أصداؤه وجماهيريته حاضرة بقوة، كأن الأيام لم تمر، وكأن حلقاته قد كتبت بالأمس.. عن هذه الرحلة الطويلة، عن الشعر والأدب، وعن المشهد الثقافى، والحياة يتحدث الشاعر الكبير «فؤاد حجاج».

بدأت كتابة الشعر فى سن صغيرة.. فما الذى دفعك نحو هذا العالم؟
مصر كانت ولا تزال دافعى الأول نحو الكتابة، كانت هزيمة 67 شديدة المرارة، وأردت أن أناجى الوطن، أن أبشر بانتصار قادم، خاصة مع مشاركتى فى حرب الاستنزاف ضمن القوات التى بنت قواعد الصواريخ فى السويس.
أنا بشكل عام يمكن أن أقسم شعرى كله إلى قسمين رئيسيين، قسم أغنى فيه للوطن دون انتظار أى عائد أو مكافأة، وقسم آخر أتأمل فيه الحياة وفلسفتها، تمامًا كما فعلت فى حديث الصباح والمساء.
على ذكر «حديث الصباح والمساء».. ألا يزعجك بعد كل هذه المسيرة الطويلة أن يكون اسمك مرتبطًا دائمًا بهذا العمل وحده؟
كان يزعجنى فى البداية بالفعل، لكنى أدركت بعد ذلك، أن هذا العمل هو أيقونة مشوارى التى كتبتها بالصدفة البحتة!
كيف ذلك؟
عرفنى الكاتب الكبير محسن زايد بعد مشاهدته مسرحيتى «محاكمة شخصيات نجيب محفوظ»، أعجبته التجربة جدًا، وأخبرنى برغبته فى كتابة سيناريو لمسلسل مأخوذ عن رواية «حديث الصباح والمساء"، وبحكم الصداقة التى تكونت أخذ يرسل إلى حلقات المسلسل تباعًا لأبدى رأيى فيها أثناء الكتابة، هزتنى الأحداث بشدة، فكتبت تترى البداية والنهاية دون أن يكلفنى أحد بكتابة شىء، كتبت فقط لأنى لم أستطع أن أتمالك نفسى أمام جمال السيناريو.
وماذا حدث بعدها؟
عرضت ما كتبت على محسن زايد، ولم أكن أتوقع الكثير، فكل مخرج مسلسل، أو فيلم كان لديه فى هذا الوقت مجموعته التى لا يغيرها أبدًا من كتاب، ومغنين وممثلين إلى آخره، ولم أكن أنتمى لأى مجموعة، إلا أن «زايد» أعجب بالكلمات بشدة، واعتبرها تلخيصًا وافيًا لكل أحداث المسلسل فى أسطر قليلة، وأذكر أنه نقل لى لاحقًا ثناء الأستاذ نجيب محفوظ وإعجابه الشديد بما كتبت.
إذا خرجنا من عالم «حديث الصباح والمساء» إلى عالم الشعر الواسع.. فكيف تراه اليوم؟ تقدم أم تأخر عن يوم بدأت أنت؟
ببساطة شديدة، الشعر يتأثر بفعل الظروف المحيطة، يزدهر فى ظروف معينة، ويذبل فى ظروف أخرى، ينتعش بالحرية، ويترمل إن فرضت عليه قيودًا، هذا هو المقياس لا مقياس الزمن.
الشعر يتأثر إذًا بما حوله ــ فى نظرك ــ وليس قائمًا بذاته كفن رفيع متعالٍ عن كل ما يحيط به كما يرى البعض؟
الشعر فن منحاز فى تقديرى، يتأثر بما حوله ويؤثر فيه، ولا أؤيد أبدًا وجهة النظر القائلة بمسألة الفن للفن، هذه نظرية استعلائية، تضع الشعراء فى أبراج عاجية بعيدة عن الجمهور.
البعض يرى بالفعل أن الشعر فن نخبوى لا يجب أن يكون فى متناول الجميع..
هذا قول خاطئ تماما فى رأيى، إذا لم تكن لقمة العيش التى نأكلها فيها من الشعر شيء فهى ناقصة كثيرًا، الشعر هو لغة الناس، الشعر وصل لكل الطبقات، ولكل فئات المجتمع، خاصة على لسان شعراء العامية، أمثال فؤاد حداد، وسيد حجاب، وعبد الرحمن الأبنودى، وأحمد فؤاد نجم وغيرهم.
ما ذكرياتك مع هؤلاء الشعراء؟
تصادقت مع جميع الشعراء الذين أحترمهم، زرت فؤاد حداد فى منزله، وكان الجمهور يخلط بيننا لتشابه وقع الاسم، فأبدى إعجابه بأعمالى، وأهدانى كتابه «الحمل الفلسطينى»، سيد حجاب كان من أقرب الناس لقلبى وفكرى، عبد الرحمن الأبنودى أحببته على مدى 30 عامًا، لكن كان له مسلك خاص فى حياته، لم أتفق معه فيه، فأنا أقدر للأبنودى موهبته العظيمة، ولا أقدر له تجربته الإنسانية، أما أحمد فؤاد نجم فهو فاجومى بحق، ومثال للفوضوى الكبير، اتفقنا على مواعيد كثيرة كان يخلفها، لكنه على المستوى الإنسانى شخص محب ورجل عظيم، ابن وطنه فعلا، وأمضى عمره دفاعًا عن هذا الوطن.
وماذا عن المستقبل هل لديك خطط جديدة على المستوى الشخصى؟
مرضت منذ عدة سنوات بما يشبه الشلل، ومنعنى هذا من الحركة، بعد أن كنت دائم التحرك والفعل فى كل الأنشطة الثقافية، مع مرضى توقفت تماما عن الخروج من المنزل، ومن ثم يعطل هذا الكثير من الأمور، ويبعدنى عن المشهد نسبيًا.
بين الأجيال الجديدة أهناك من الشعراء من أنت معجب بموهبته؟
بالطبع هناك الكثير من الشعراء الموهوبين فى الأجيال الجديدة،لا أريد أن أخص اسمًا بالذكر دون الآخر، أنا قريب من الجميع، أحمل سمعة جيدة بين هؤلاء الشباب، لأنى كنت دقيقًا فى كل حرف أكتبه عنهم، ولا أحب أن أذكر اليوم اسمًا فتكون شهادة، فيما بعد، أو قولاً يحسب علىّ، فى حين يمكن أن يكون هذا الاسم مجرد اسم عابر حضر إلى ذهنى أثناء الحديث.
تجربتك ثرية ومتنوعة للغاية.. دعنا نذهب للمسرح كيف تراه اليوم وقد قدمت له الكثير؟
كتبت للمسرح كثيرًا، سواء مسرحيات من تأليفى بالكامل، أو أشعاراً كُلفت بكتابتها، فى كل مرة كنت أبشر بالمسرح، كنت أقول للناس المسرح قادم، لكنه لم يأت أبدًا وكنت مخطئًا فى ذلك، ولم تكن نبوءتى صادقة، لظروف كثيرة أحاطت بالمسرح وزمن، وواقع تغير وعلينا الاعتراف بتغيره.
الأمل وقد تغنيت به كثيرًا، وذكرته فى العديد من حواراتك السابقة.. هل ما زال قويًا فى نفسك كما السابق؟
الأمل بهت فى قلبى، لم يعد بقوته السابقة، الواقع سحق توقعاتى وآمالى بالكلية، لكنى دائمًا ما أناشد الشباب، الأجيال الجديدة، ألا يفقدوا الأمل أبدًا، وإن كان بهت فى قلبى أنا، فلا ينبغى أن يبهت فى قلوبهم، أو أن يضعف، هذا هو ندائى وما أتمناه من الأجيال الجديدة.
قلت إن شعرك فى قسم رئيسى منه كان عن الحياة وفلسفتها.. فما هى رؤيتك اليوم للحياة؟
الحياة جميلة جدًا، والإنسان هو من يصنع جمالها، وهو من يضحى بهذا الجمال، وعلى الشباب أن يتمسكوا بمعنى الحياة، أن يعمقوا هذا المعنى، أن يوصلوه للقاصى والدانى، لأن هذا الإيمان بالمعنى، إيمان بالله سبحانه وتعالى، وإيمان بالقيم التى خلق من أجلها الدنيا، وعليه لا يجب أن يتوقف أحد أبدًا عن الحلم بحياة أفضل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة