الفلسفة طريقة حياة
الفلسفة طريقة حياة
التدريبات الروحية .. من سقراط إلى فوكو
الإثنين، 08 فبراير 2021 - 12:56 م
كتب: أحمد الزناتى
)الكتاب الجيد حقًا والأصيل حقًا هو الذى يجعل الناس تحب الحقائق القديمة(.
انتشلتُ العبارة السابقة من وسط عشرات المقولات والإشارات والإحالات التى يزخز بها هذا العمل لأنها تعبير وافٍ عن روحـه. الكتاب هـو )الفلسفة طريقة حياة: التدريبات الروحية من سقراط إلى فوكو(، الصادر مؤخرًا عن دار رؤية بترجمة رصينة وشـرح ممتاز للدكتور عادل مصطفى.
يذهب المؤلف بيير هادو (1922-2010) وهو فيلسوف فرنسى متخصص فى تاريخ الفكر الرومانى وأكبر مؤرخى الفلسفات القديمة المعاصرين، إلى أن الفلسفة فى العصور الغابرة لم تكن محاولات لفهم الوجود وحسب، بل كانت فى الأساس علاجًا للانفعالات الروحية والنفسية. كانت الفلسفة تدريبًا روحيًا من شأنه أن يفضى إلى تحول عميق فى أسلوب المرء فى الرؤية وفى الوجود، توسيع نطاق رؤيته إلى الأمور، أن يخرج الإنسان من أناه الضيقة وهموم يومـه المُكررة )والتى لن تنتهى بالمناسبة(، ويفرغ للبهجة البسيطة بكونه ما يزال على قيد الحياة، بكونه يستيقظ صباحًا ويشرب قـهوته فى منزله، لا فى أقرب مستشفى.
فى مقدمة هى أقرب إلى مقطوعة من النثر الفلسفى يؤكد المترجم على حقيقة مهمة ينبغى الالتفات إليها قبل الشروع فى قراءة الكتاب، حقيقة مؤداها أن مهمة الفيلسوف الأولى ليست إيصال معرفة موسوعية على هيئة خطاب فلسفى رصين وحـشد المعلومات والأسماء والكتب ونـفـثـهـا فى وجهه، بل بالأحرى تـحويل شخصية المرء وتعليمـه أسلوب التعامل مع الحياة ، ومن ثمّ فالعنصر الجوهرى فى الحياة الفلسفية، وتحديدًا على النحو الذى يقصده مؤلف الكتاب، عـنصر عملى لا قولي؛ عنصر يضع نصب عينيه غاية واحدة: مساعدة الإنسان قدر الإمكان.
يضرب المترجم أمثلة بتقنيات لممارسة التدريبات الروحية، من بينها أن يملك المرء بين يديه وفى ذاكرته مجموعـة من اجوامع الكلمب وفقَ تعبير المترجم أو اعـِدّة شُغـل متكاملةب؛ مجموعة من الكلمات والمأثورات التى تعينه على مواصلة العيش وتـقبّل سخافات الحياة والبشر، أو تأمّل المحن السابقة، بمعنى أن يمارس نـمط الحياة الرواقية، متذكرًا أن المصائب ليست كلها شرورًا لأنها لا تعتمد علينا ولأنها جزء من مسار الطبيعة، مشيرًا إلى قول فيلون السكندري: اإنهم لا ينهارون تحت ضربات القَدر لأنهم تحسّبوا لها مسبقًا، فالتحسّب يجعل من السهل احتمال أصعب الحوادث التى لا نريدهاب. وحتى فى مجال الحياة اليومية العادية يستهلّ الرواقى يومـه مستعدًا لتحمل أى خـشونة فى لعبة الحياة كما علّمه سينيكا وماركوس أوريليوس وغيرهما. فى العصر الهيلينستى والرومانى كانت مفردة الفلسفة تشير إلى اطريقة العيشب (أسلوب حياة)، ولا يعنى ذلك أنها كانت نوعًا محددًا من السلوك الأخلاقي، وإنما كانت طريقة وجود، كانت الرؤية الشاملة للعالم، أو Weltanschauung كما يقول الفلاسفة الألمان.
كان مجرد اللفظ philo-sophia (مـَحبة الحكمة) كافيًا للتعبير عن هذا المفهوم. يقول المؤلف إنه فى محاورة المأدبة وضّـح سقراط أن اإيروسب ابن كلَّ من بوروس (الحيلة) وبنيا (الـعَـوز والحاجة). كان إيروس يفتقر إلى الحكمة، غير أنه كان يعرف كيف يكتسبها، ومن هذا أخذتْ الفلسفة شكل تدريب الفكر والإرادة، كانت الفلسفة طريق التقدم الروحي. كانت الفلسفة إذًا منذ العصور الأولى طريقة عيش، سواء فى ممارستها وسعيها لتحقيق الحكمة أم فى هدفها، فالحكمة الحقيقية لا تؤدى بنا أن نعرف، بل أن نكون، أن نتعامل مع الحياة فى تقلباتها وقسوتها وغبائها. كما يشير المؤلف إلى نقطة مهمة وهـى أن تأمل الموت والاستعداد له عبارة عن تغيير لزاوية الرؤية، طريقة رؤيتك إلى الأشياء. ثمة شيء آخـر ندركه من تأمل ظاهرة الموت: نـفاسَة الحياة وقيمتها رغم ما تقذفه فى وجوهنا من قذارة كل يوم، وأعتقد أن السنة الماضية والحالية علّمتْ البشر كثيرًا عـن قيمة أبسط الأشياء التى رأوها ضئيلة هيّنة كالمشى فى الشارع أو رؤية الناس من دون قيود، فيسوقُ مقولة للشاعر الإغريقى هوراس فى إحدى رسائلـه: ااعــتـبرْ أن كل يوم يطلع عليك سيكون اليوم الأخير لك. إذا فعلتَ ذلك ستتلقى كل ساعةٍ غير مـنـتَـظرة بالشكر والعرفانب، وهى لسان حال ابن آدم اليوم.
من بين التعاليم الفلسفية القديمة الكتابة العلاجية. يقول المؤلف إن لدينا فى كتابات ماركوس أوريليوس مثالا رائعا على التدريب العلاجى بالكتابة، فيخصص الفصل السادس لتأملات ماركوس أوريليوس، فيقول إن الإمبراطور الرومانى السادس عشر قد كتبَ تأملاته الثرية تحت وطأة حالة القلق والأرق الشديدة التى كانت تطوّقه فى أثناء غَزواته.
نقرأ الفقرة التالية: االزمن أشبه بنهرٍ من الأحداث الجارية وتيار عنيف. انظرْ مليًا كيف يُزاح كل ما هـو قائم وكل ما هو قادم ويزول زوالًا. أليس بأحمقٍ من يعيش وسط هذا كله ثم تحدثه نفسه أن يسخط على نصيبه؟ وكأن أى شيء من هذا دائم لـه أو مُقدّر أن يؤرقه طويلًا فالرداء الأرجوانى مأخوذ من فراء خروف منقوع فى النبيذ، واللحم المشوى جثة حيوان ميّت، والجـِمَاع مجرد احتكاك غشاء ورعشة ودفقة مخاطب.
ما الذى نتعلمه من ذلك؟ يقول المؤلف إن تأملات أوريليوس ليست تعبيرًا عن نظرة تشاؤمية أو سوداوية إلى الحياة، ولكنها وسيلة )أو ربما تدريب وفقَ عنوان الكتاب فى تقديري( يستخدمها من أجل أن يغير طريقة تقييم الأحداث والأشياء، طريقة النـظر: الكلّ واحد: الشوكة والوردة. الجميل أن الرجل لم يكتشف ذلك إلا فى أثناء عملية الكتابة نفسِها. لقد كان أوريليوس يتحدث إلى نفسه غير أننا ما زلنا
نشعر بانطباع أنه كان يتحدث إلى كل واحدٍ ما. ويبدو أن آباء الكنيسة الأوائل قـد أخذوا هذه التقنية من الفلسفة القديمة، فقد كان القديس أنطونيوس يوصى تلاميذه بمراقبة أسرارهم وأفعالم وتدوينها، مُعترفًا بالقيمة العلاجية للكتابة فيقول: الـيدوّن كل منا أفعاله وحـركات نفسه، وكأننا سنقّدم تقريرًا عنها، فلتكن الكتابة بديلًا عن عيون الآخرين، فالمرء لا يجرؤ أن يأثم وهـو مُراقَب، فلتراقبه كتابته إن لم تراقبه أعين الآخرينب.
كنتُ أظن بسذاجة أن فكرة التقرير وليدة الأدب المعاصر، فأتذكر الآن اتقرير إلى جريكوب لكازانتاكيس وتطل فى ذاكرتى آخر فقرة فى آخر صفحة، أقصد رسالة المؤلف إلى جـدّه. وأتذكر ايوزيف كاب، عندما قرر فى منتصف رواية القضية، وبرغم ضغوط العمل، إزاحة الأوراق المكدسة فوق مكتبه جانباً ليبدأ كتابة تقرير الدفاع فى قضيته. ينتهى صاحبنا إلى ضرورة إنهاء التقرير، فإن لم يكن فى المكتب، ففى المنزل ليلًا، وإن لم يكن فى المنزل فعليه القيام بإجازة، المهم ألا يتوقّف أبدًا؛ فما ينبغى للمرء الوقوف فى منتصف الطريق، لأن أحدًا غيره لن يمكنه إكمال تقريره، فربـما يعثر الأستاذ كاب عما كان يفتّش عنه بعد إنهاء كتابة تقريره ورفـعه إلى جهة الاختصاص.
***
كتاب د. هادو مـكوّن من أربعة أجزاء، تبدأ بأشكال الحياة والخطاب فى الفلسفة القديمة، ثم تنتقل إلى التدريبات الروحية فى العصور القديمة وفى العقيدة المسيحية، ثم تعرض لصور شخصية لسقراط وماركوس أوريليوس وكيركجارد، وصولًا إلى الجزء الرابع والأخير بعنوان (موضوعات) يعرّج فيها على موضوعات شتى تتناول رؤية المحدثين لقضية العيش، فيقدم تحليلًا لافتًا لفاوست جـوته ورغبته فى حيازة كل شيء ثم إدراكه فى النهاية أن حيازة كل شيء لن تغنيه فى شيء، لأنه لن يبلغ كل شيء أبدًا. برغم ذلك كان ينبغى للبطل أن يجرّب ويتألم ليتعلّم، فالمعرفة باهظة الثمن. لذلك نرى المؤلف فى الفصل الثالث المعنون بــالتدريبات الروحية يطالب القارئ ببدء تدريبات روحية تتمثل فى نصائح قد تبدو للوهلة الأولى مدرسية ساذجة مملة (مثل من يبدأ فى ممارسة رياضة بدنية ويستثـقل الأمر فى البداية ثم يُدمنها إدمانًا بعد فترة وجيزة). لا بأس أن أسوقها إلى القارئ: (القراءة مع التركيز على مقولات الشعراء والفلاسفة أوapophthegmatic (مجموعات الحِكَم) الإنصات إلى الآخرين، الانتباه، عدم الاكتراث بالأشياء اللا فارقة، عدم الاهتمام بما لا يعنى المرء منا حقًا وضرورة اهـتمامه بما يعنيه حقًا، أن تــفــرّق بين الرغبات الضرورية والرغبات غير الضرورية فى الحياة. أعتقد أنه يمكن للإنسان أن يبعد كثيرًا عن منغصات العيشة غير الضرورية، الراجعة فى الأساس إلى رغبته فى الحُكم على كل شيء ومحاولة فهم كل شيء وامتلاك كل شيء. فى الجانب المقابل (أقصد الأبيقوري) يوصى الحكيم أبيقور بسدّ صرخات اللحم الثلاث: الشبع من الجوع والريّ من العطش والدفء من البرد، فإذا نَعِم المرءُ بامتلاك هذه فقد ينافس الإله زيوس فى سعادته.
قرأتُ مرة أن هيرمان هسّه اكتفى فى سنواته الأخيرة بقراءة اعترافات القديس أوغسطين وسِـفـر الأمثال وأكـل الخضروات التى يزرعها بنفسه فى حديقة منزله، ثم التمشية مع زوجته فى حديقة المنزل عند الغروب.
السؤال: ما الفائدة من قراءة حِكَم القدماء وفلسفتهم؟ الإجابة يقدمها المؤلف بقوله إن العبرة ليست بحلّ مشكلة بعينها، بل بالطريقة التى نتخذها لحلّ المشكلة. عندما يُسأل طفل أن يتهجى حروف كلمة ما هل علينا أن نعتبر هذا التمرين غرضـه اكتشاف الهجاء الصحيح لكلمة معينة أم نعتبره مصممًا لتحسين قدرة الطفل فى التعامل مع جميع الكلمات التى قد يُطلب منه أن يتهجاها؟ الأمر هنا بالمثل؛ فعبر هذه التدريبات الروحية نكون أكثر قدرة على الحوار مع جميع الموضوعات/ العقبات الممكنة. ربما يسخر بعض الناس من ذلك، وهذا طبيعى ومفهوم فى سياقه، فالمعرفة غالية والسخرية بضاعة رائجة. وهل بالإمكان أن يكون الخلاص ميسورًا ومبذولًا من دون عناء ومشقة. الأشياء الغالية دائمًا صعبة بقدر ما هى نادرة.
تتفق جميع المدارس الفلسفية على رؤية واحدة مفادها أن البشر تعساء لأنهم مستعبدون لأهواء النفس ومطالبها (أذكر أن العارف أبا يزيد البسطامى اعتاد مخاطبة نفسه قائلًا: يا نفسي.. يا مأوى كل سوء). تعلمنا التجربة أن نفس ابن آدم عادة تعيسة لأنها تتوق بشدة إلى أشياء صعبة المنال، وربما لا نفع من بلوغها، والتدريب الروحى هنا ليس دعوة رضا وقبول بالمعنى الميتافيزيقى أو الديني/الوعظي، بل دعـوة إلى إزالة الغشاوة (أو الغشامة)، لو كانت لكَ لجاءتكَ إلى عقر دارك.
من بين الملاحظات اللافتة أيضًا أنّ الحب قد يصير تدريبًا روحيًا مهمًا، فيشير المؤلف إلى ثلاث مقولات توجز بإحكام هذا البعد الإيروسى (بالمعنى الرَحب للكلمة). أحدهما لنيتشه فى مدخل إلى دراسة الفلسفة الكلاسيكية حين يقول: اأعمق الاستبصارات تنبع من الحب وحدهب، والثانى لأمير الشعراء والعشّاق يوهان فولفجانج فون جـوته: انحن لا نتعلم إلا من أولئك الذين نحبّهمب، والثالث للشاعر الرومانسى الألمانى هولدرلين: االإنسان الفانى يعطى أفضل ما عنده عندما يُـحبب.
***
يوصينا المؤلف أيضًا من أجل عيش الحياة كما يجب بأن نقرأ كما ينبغى للمرء أن يقرأ. فينقل عن كاتب المقالات والفيلسوف الفرنسى فوفنجارس قوله: االكتاب الجيد حقًا والأصيل حقًا هو الكتاب الذى يجعل الناس تحب الحقائق القديمة، ثمة حقائق لن ينضب معناها أبدًا عبر أجيال البشر، ليس لأنها صعبة، بل بالعكس لأنها بسيطة للغاية فى الأغلبب. ومن ثم لكى يُفهم معنى الحقائق القديمة يجب أن تُعاش وتُعاد معايشتها على الدوام. نحن نقضى حياتنا نقرأ، أى نُـجـرِى تفسيرات لأشياء ما فى حياتنا. لنسمّها أشياء غامضة أو رؤى وأحلام.
فى اعتقادى ربما تكون حياة كل إنسان منا مكتوبة بلغة لا يفهمها، ومن ثـمّ فـهو فى حاجة إلى مترجم يفسّر له المكتوب. الأدب هنا هــو المترجم، لكنه وَفق التعبير الشهير مترجم خائن لأنه ينقل روح النص الأصلي، غير متقيد بألـفاظه، لا يُخبركَ المترجم بكلمات النص الأصلي، بـل بروحـها، فيظل الإنسان طَوال حياته فى أشواط سعى بين نـص أصلى وآخر مـتـرجَـم.
على ذكر توصية المؤلف بمدوامة الاحتفاظ بمقولات/أشعار/اقتباسات تعين المـرء على مـرور يـومِه، ثمة عبارة لم أنسَها لهنرى ميللر فى ثلاثية الصَلب الوردى (بليكسوس بترجمة أسامة منزلجي) تقول: اوإذا كنتُ أقرأ كتابًا وتصادف أنى وقعت على فقرة رائعة، أغلق الكتاب على الفور وأخرج لأتمشى [...] المسألة ليست التعرف على روح شقيقة، بل هى مسألة التعرف على ذاتك، أن تقف وجهًا لوجه مع ذاتك. إنـكَ بإغلاقكَ الكتاب تواصل عملية الخلقب.
وفق قراءتى فهذا العمل أقرب إلى اقــصّــاص أثرب يقوم بتعقّب آثار النصوص والأفكار القديمة ذات الطابع التأملى والروحانى فيحللها ويضعها داخل سياقها التاريخى ، رابطًا إياها باللحظة الراهنة، مؤكدًا المقولة التى بدأتُ بها هذه المراجعة: التأكيد على الحقائق القديمة للأجيال الجديدة، ومؤكدًا أن الفلسفات الحديثة حـولّت الفلسفة من فـنّ للعيش إلى خطابات تنظيرية جافة ومن ثم انصرف عنها الناس، مُتسائلًا: لماذا نعود حتى اليوم إلى تأملات أوريليوس ومختصر إبكتيتوس واعترافات القديس أوغسطين؟
أودّ فى النهاية الإشارة إلى عبارة مهمة أخذها المؤلفُ من الفيلسوف الفرنسى الكبير هنرى برجسون تقول: اتقتضى الحياة أن نضع غمائم على أعيننا فلا ننظر يمينًا ولا شمالًا ولا وراءً، بل أن ننظر أمامنا فحسب، فى الاتجاه الذى يُفترض أن نسير فيه. لكى نعيش علينا أن نكون انتقائيين فى معرفتنا وذاكرتنا، ولا نحتفظ إلا بما يُسهم فى فعلنا للأشياءب.
بمرور الأيام وتراكم الخبرة يتحجّـر الذوق الجمالى للإنسان وتنضج بصيرته ويصير انتقـائـيًا بشكل صارخ، فيُعاود قراءة نصوص بعينها ومؤلفين بعينهم، فالحياة أقصر من احتمال قراءة كتاب رديء كما قال جويس. وكأن النضـج فتاة جميلة مُدللة لا تأتى إلا متأخرًا وعلى الجميع انتظارها. ربما يكون ذلك لونًا من ألوان التدريبات الروحية بحسب عنوان كتابنا، أو قد يكون تدريبًا على ضرورة أن ينتقى الإنسان ما يقرأ، أن يتأمل أكثر، أن يدقق فى اختيار الكتب وفى اختيار البشر أيضًا.
نصوص النديم الشعرية والنثرية
صدر مؤخراً عن دار المرايا للإنتاج الثقافى انصوص عبدالله النديمب فى جزئين يتضمنان الديوان الشعرى والآثار النثرية الكاملة، جمع وتحقيق وتصوير د. علاء الدين محمود.
يحتوى الجزء الأول على كل إنتاج عبدالله النديم الشعرى، شعراً وزجلاً، والذى ضاع منه الكثير، مما اضطر الباحث إلى خوض رحلة بحثية طويلة لجمع المتبقى وتحقيقه فى ضوء عدد من السياقات، كالسياسى والاجتماعى والثقافى، كما قسّم النصوص إلى عدة فصول منها: المدائح والاستغاثات النبوية، شعر الوطنية والسياسة والثورة، الغزل. الوصف، شعر الحكمة، شعر المناسبات، الذّم والهجاء، الألغاز، منوعات، الأزجال، ومن مسرحية االوطن وطالع التوفيقب.
أما الجزء الثانى فيضم أربعة أقسام وملحقاً، هى: مقالات لم تُنشر من قبل، فضل من مسرحية االوطن وطالع التوفيقب الرسائل الأدبية خمس رسائل من النديم إلى عرابى، والهدف منها استعراض ما خطّه قلم النديم طوال حياته المهنية فى حقل الكتابة النثرية صحفياً ومسرحياً، إلى جانب رسائله التى وصفها بعض الدارسين بالمقامات الإخوانية، وكذا ما نُشر عن عبدالله النديم من دراسات متنوعة سواء باللغة العربية أو الإنجليزية وغيرها من اللغات.
وُلد عبدالله النديم فى الإسكندرية وشغل بعض الوظائف وأنشأ الجمعية الخيرية الإسلامية، وبدأ بكتابة المقالات فى جريدتى االمحروسةب واالعصر الجديدب قبل أن يصدر جريدة االتنكيت والتبكيتب، وبعد قيام الثورة العرابية صار واحداً من كبار خطبائها وعرّضه ذلك لأزمات سياسية مع الملك اضطرته للهروب عشر سنوات ثم حبسه سنة.
علاء الدين محمود أكاديمى ومترجم مصرى حاصل على الدكتوراة فى الأدب المتقارن بكلية الألسن جامعة عين شمس، مهتم بحثياً بأدب النهضة العربية الحديثة وفنونها وتاريخا الثقافى، وقد تجلى ذلك فى انصوص النديمب إذ يكشف عن فترة زمنية مهمة فى تاريخ مصر الحديث وهى الثورة العرابية وأحداثها ومآلاتها.
أحمد سليم يعيد تقديم
اللهجة السيناوية فى "غالية"
أصدرت دار االمسكب رواية اغاليةب للكاتب أحمد سليم وقدم لها الدكتور ياسر ثابت مؤكدا أنها عمل إبداعى يحمل للقارىء فكرة جديدة، ذات بنيان متماسك ولغة سردية متدفقة، يقف وراءها روائى شاب أجاد نقل المجتمع السيناوى بطريقة مميزة.
وأضاف: االلافت للانتباه هو إجادة الروائى توظيف اللهجة السيناوية ونجاحه فى نقل ثقافة هذا المجتمع بعد جريمة بئر العبدب مؤكدا أن عبارة اهنا فى سيناء شيء ما خفى غير معلوم لأى أحد ولكنه محسوس للجميعب تلخص كل شىء، وتوضح معنى تعمق الروائى فى حكايته، حتى وهو يردد رثاء الموتى على لسان أبطاله، مثبتا أن الحكاية هى جوهر التخييل، وأن المغامرة هى طغيان الصدفة أو القدر فى الحياة اليومية، حيث يقدم فى سردية ممتعة كل ما يدفعنا إلى تأمل الموت، سواء أكان هذا الموت ممكنا، أو محتملا، أو حاضرا.
يهدى أحمد سليم روايته التى تقع فى 248 صفحة من القطع المتوسط إلى أمه ويبدأها بهذه الجمل: اانفض الجميع من حولنا، وعادوا إلى بيوتهم يلفهم الصمت وقت أن لملمت المدينة أطرافها وتلحفت برداء الليلب.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة