كتب:ابراهيم عبدالمجيد
كتب:ابراهيم عبدالمجيد


النسبية الضائعة

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 08 فبراير 2021 - 02:25 م

العام‭ ‬هو‭ ‬العاشر‭ ‬على‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬أعظم‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬بالبلاد‭ ‬منذ‭ ‬ثورة‭ ‬1919‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ماجرى‭. ‬وجدت‭ ‬نفسى‭ ‬عازفا‭ ‬عن‭ ‬الدخول‭ ‬فى‭ ‬مناقشات‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬ولماذا‭ ‬ضاعت‭ ‬الثورة‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬سيقتنع،‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬من‭ ‬مرتادى‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬قرروا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬نشر‭ ‬صور،‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬ذكريات‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬الثورة،‭ ‬خاصة‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬إلى‭ ‬11‭ ‬فبراير‭ ‬يوم‭ ‬تنحى‭ ‬مبارك‭ ‬عن‭ ‬الحكم‭. ‬بدا‭ ‬لى‭ ‬الأمر‭ ‬وهو‭ ‬حقيقة،‭ ‬أن‭ ‬استرجاع‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬وصورها،‭ ‬هو‭ ‬اقتناع‭ ‬بأن‭ ‬الثورة‭ ‬لم‭ ‬تمت،‭ ‬وأن‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬الشعوب‭ ‬شىء‭ ‬بسيط،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬الفرد‭. ‬لكنى‭ ‬وجدت‭ ‬ناقدا‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الثورة‭ ‬وكيف‭ ‬دفعت‭ ‬إلى‭ ‬السطح‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬الثقافية‭ ‬بأنصاف‭ ‬الموهوبين‭ ‬فى‭ ‬الشعر‭ ‬والرواية‭ ‬والقصة،‭ ‬وأن‭ ‬الثورة‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬فى‭ ‬شيوع‭ ‬التافه‭ ‬من‭ ‬الأشعار‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭. ‬أثارنى‭ ‬الحكم‭ ‬لكنى‭ ‬لم‭ ‬أفعل‭ ‬كغيرى‭ ‬وأتهمه‭ ‬بأى‭ ‬شىء،‭ ‬بل‭ ‬قلت‭ ‬مفترضا‭ ‬فيه‭ ‬حسن‭ ‬النية‭ ‬كعادتى‭ ‬،‭ ‬ربما‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬غيظ‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬الساذج‭ ‬الذى‭ ‬يحاصرنا،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضي،‭ ‬وما‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬جديدة‭ ‬متسرعة‭ ‬للكتابة،‭ ‬لكنه‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬الثورة‭ ‬هى‭ ‬السبب‭.  ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬ماهو‭ ‬حقيقى‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬رائع،‭ ‬لكنى‭ ‬بعدت‭ ‬عن‭ ‬النقاش‭ ‬وأخذت‭ ‬أتذكر‭ ‬كم‭ ‬الروايات‭ ‬والقصص‭ ‬القصيرة‭ ‬الجيدة‭ ‬والممتازة‭ ‬التى‭ ‬ظهرت‭ ‬بعد‭ ‬الثورة،‭ ‬وكم‭ ‬القصائد‭ ‬والدواوين،‭ ‬وكم‭ ‬الأغانى‭ ‬والفرق‭ ‬الغنائية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكم‭ ‬الأفلام‭ ‬القصيرة‭ ‬التى‭ ‬وجدت‭ ‬طريقها‭. ‬أخذنى‭ ‬الموضوع‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬أوسع‭ ‬وهى‭ ‬المطلق‭ ‬والنسبى‭ ‬فى‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬الإنساني‭. ‬عندما‭ ‬نقول‭ ‬مثلا‭ ‬إن‭ ‬ثورة‭ ‬1919‭ ‬انتجت‭ ‬جيلا‭ ‬عظيما‭ ‬من‭ ‬الغناء‭ ‬والموسيقى‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬سيد‭ ‬درويش،‭ ‬ومن‭ ‬المسرحيين‭ ‬مثل‭ ‬نجيب‭ ‬الريحانى‭ ‬وغيرهم‭ ‬كثير‭ ‬جدا،‭ ‬وجيلا‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬الرواية‭ ‬والقصة‭ ‬مثل‭ ‬يحيى‭ ‬حقى‭ ‬وكتاب‭ ‬المدرسة‭ ‬الحديثة،‭ ‬فهذا‭ ‬يعنى‭ ‬أننا‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬الأثر‭ ‬الجيد‭ ‬للثورة‭ ‬كمفصل‭ ‬تاريخى‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬الأمم‭. ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الكباريهات‭ ‬والأغانى‭ ‬الجنسية‭ ‬والتافهة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬واستمرت‭ ‬فى‭ ‬الملاهى‭ ‬الليلية،‭ ‬واعتبرنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الثورة‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬الخطأ‭ ‬الكبير‭. ‬أعرف‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬الثورة‭ ‬الجميل‭ ‬فى‭ ‬الإبداع‭ ‬أنها‭ ‬ستمنع‭ ‬غيره،‭ ‬لكن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬غيره‭ ‬وهو‭ ‬نسبيا‭ ‬قليل‭ ‬قياسا‭ ‬على‭ ‬الأفضل،‭ ‬هو‭ ‬العلامة‭ ‬الوحيدة‭ ‬على‭ ‬الثورة‭. ‬المقياس‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬الفن‭ ‬لا‭ ‬ما‭ ‬تتيحه‭ ‬الآن‭ ‬صفحات‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضى‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الشاشات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬التى‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬متابعين‭. ‬هذه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخدع‭ ‬الإنسان‭ ‬العادى‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تخدع‭ ‬الناقد‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬لايمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬وتيرة‭ ‬واحدة،‭ ‬فالمهم‭ ‬هو‭ ‬الكم‭ ‬الجيد‭ ‬والكم‭ ‬الردىء،‭ ‬وغض‭ ‬البصر‭ ‬عن‭ ‬الجيد‭ ‬يفتح‭ ‬الطريق‭ ‬للردىء‭ ‬ويجعله‭ ‬يتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬انتقدته‭. ‬الفنون‭ ‬ينتجها‭ ‬بشر‭ ‬وليس‭ ‬آلات‭ ‬تعطيها‭ ‬الأوامر‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬الثورة‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الحروب‭. ‬وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬الحروب،‭ ‬كم‭ ‬رواية‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬مسرحية‭ ‬أو‭ ‬فيلما‭ ‬انتجته‭ ‬حرب‭ ‬فلسطين‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬1956‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬1967‭ ‬أو‭ ‬حرب‭  ‬1973وبينها‭ ‬حرب‭ ‬اليمن‭ ‬وجاءت‭ ‬كلها‭ ‬فى‭ ‬مستوى‭ ‬فنى‭ ‬عال؟‭ ‬هل‭ ‬انخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬بعضها‭ ‬سببه‭ ‬الحروب‭ ‬أم‭ ‬قدرة‭ ‬صانعيها‭ ‬ومواهبهم؟‭ ‬روايات‭ ‬وقصص‭ ‬جيدة‭  ‬كانت‭ ‬عن‭ ‬الهزائم‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬عن‭ ‬النصر‭ ‬فهل‭ ‬يعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الحروب‭ ‬أتت‭ ‬لنا‭ ‬بكتاب‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لهم؟‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬روايات‭ ‬الهزيمة‭ ‬ممتلئة‭ ‬بالإنسانية‭ ‬وبروح‭ ‬القتال‭ ‬عند‭ ‬أبطالها‭ ‬رغم‭ ‬فشلهم‭.. ‬أحداث‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬1952‭ ‬لم‭ ‬تنتج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬أدبية‭ ‬قليلة‭ ‬عن‭ ‬الثورة‭ ‬وأفكارها‭ ‬وجاءت‭ ‬فى‭ ‬معظمها‭ ‬أقل‭ ‬قيمة‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬فهل‭ ‬كانت‭ ‬الثورة‭ ‬السبب‭ ‬أم‭ ‬قدرة‭ ‬الكاتب؟‭ ‬معظم‭ ‬الأعمال‭ ‬استمرت‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬الحدث،‭ ‬أو‭ ‬كانت‭ ‬عن‭ ‬الفترة‭ ‬السابقة،‭ ‬وأكثرها‭ ‬حين‭ ‬دخلت‭ ‬إلى‭ ‬حدث‭ ‬الثورة‭ ‬لم‭ ‬تهلل‭ ‬للاشتراكية‭ ‬ولا‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬ولا‭ ‬الإصلاح‭ ‬الزراعي،‭ ‬وأعظم‭ ‬ماكتب‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬مثلا‭ ‬كان‭ ‬عن‭ ‬الرقابة‭ ‬والرقيب‭ ‬وسقوط‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأقلام‭ . ‬كُتب‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬وتم‭ ‬تحويله‭ ‬لأفلام،‭ ‬والأمر‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬المعتقلات‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬فيها،‭  ‬لكنا‭ ‬لم‭ ‬نر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬1967‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬مانراه‭ ‬قبلها‭ ‬أو‭ ‬معظمه‭ ‬تمجيداً‭ ‬فى‭ ‬الثورة‭ ‬وكان‭ ‬ردىء‭ ‬المستوى‭ ‬فهل‭ ‬كانت‭ ‬الثورة‭ ‬السبب‭ ‬فى‭ ‬الرداءة‭ ‬أم‭ ‬قدرات‭ ‬كتاب‭ ‬وفنانى‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭. ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنسب‭ ‬الأعمال‭ ‬الأخرى‭ ‬الجيدة‭ ‬عن‭ ‬انتقاد‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬الثورة‭ ‬المضادة‭ . ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كان‭ ‬ضيقا‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬بظهور‭ ‬الانتقاد‭. ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬تصدر‭ ‬المشهد‭ ‬للغث‭ ‬من‭ ‬الأشعار‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬القصص‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬انتاج‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضى‭ ‬الذى‭ ‬يتصور‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬سيصدقونه،‭ ‬ومن‭ ‬انتاج‭ ‬البرامج‭ ‬التى‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مشاهدين‭ ‬ساذجين،‭ ‬بمعنى‭ ‬طيبين‭.  ‬يجعلنى‭ ‬هذا‭ ‬التفكير،‭ ‬وهو‭ ‬النظر‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬واحدة،‭ ‬أتساءل‭ ‬لماذا‭ ‬تشيع‭ ‬كثيرا‭ ‬النظرة‭ ‬الكلية‭ ‬فى‭ ‬أمر‭ ‬هو‭ ‬نسبى‭ ‬تماما؟‭ ‬هذه‭ ‬النسبية‭ ‬التى‭ ‬للأسف‭ ‬تصبح‭ ‬حكما‭ ‬مطلقا‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬حركات‭ ‬أدبية‭ ‬كثيرة،‭ ‬أبرزها‭ ‬حركة‭ ‬ماسمى‭ ‬بجيل‭ ‬الستينيات‭ ‬التى‭ ‬اعتبرت‭ ‬التجديد‭ ‬بدأ‭ ‬معها‭ ‬بينما‭ ‬التجديد‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬ثورة‭ ‬1919‭ ‬مع‭ ‬يحيى‭ ‬حقى‭ ‬والمدرسة‭ ‬الحديثة،‭ ‬ومع‭ ‬شخصيات‭ ‬أدبية‭ ‬مرموقة‭ ‬سبقت‭ ‬الجميع‭ ‬وحدها‭ ‬مثل‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ويوسف‭ ‬إدريس‭ ‬ويوسف‭ ‬الشاروني‭. ‬لا‭ ‬يعنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬الستينيين‭ ‬لم‭ ‬يعرفوا‭ ‬التجديد،‭ ‬بل‭ ‬عرفوه‭ ‬بقوة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬أكثرهم‭ ‬لأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬أبناء‭ ‬مرحلة‭ ‬تغير‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬وكانوا‭ ‬جيلا‭ ‬لكثرتهم،‭ ‬وربما‭ ‬لعدم‭ ‬انفراد‭ ‬أحدهم‭ ‬عنهم‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬ساووا‭ ‬بعضهم‭ ‬ببعض‭ ‬وهذا‭ ‬غريب‭ ‬لا‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬تفرد‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬سعيه‭ ‬إليه‭. ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬القصة‭ ‬والرواية‭. ‬أما‭ ‬فى‭ ‬الشعر‭ ‬فحدث‭ ‬عن‭ ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصبور‭ ‬وأحمد‭ ‬عبد‭ ‬المعطى‭ ‬حجازى‭ ‬قبلهم،‭ ‬وأما‭ ‬فى‭ ‬المسرح‭ ‬فحدث‭ ‬عن‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬المجددين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬السيتنيات‭ ‬مثل‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬وهبة‭ ‬وألفريد‭ ‬فرج‭ ‬ونعمان‭ ‬عاشور‭ ‬ويوسف‭ ‬إدريس‭ ‬وميخائيل‭ ‬رومان‭ ‬وغيرهم‭

. ‬أكرر‭ ‬أنى‭ ‬لا‭ ‬أقصد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬انفجروا‭ ‬فى‭ ‬الستينيات‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مجددين‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬أقصد‭ ‬أنهم‭ ‬نسبوا‭ ‬التجديد‭ ‬إلى‭ ‬أنفسهم‭ ‬فقط،‭ ‬وهكذا‭ ‬صارت‭ ‬النسبية‭ ‬هى‭ ‬المطلق‭ ‬فى‭ ‬الأحكام‭ ‬النقدية‭ ‬الشائعة،‭ ‬وصارت‭ ‬بعدها‭ ‬طريقا‭ ‬للدراسات‭ ‬جعلتهم‭ ‬قرية‭ ‬وحدهم‭. ‬صار‭ ‬النقد‭ ‬يجعل‭ ‬لنفسه‭ ‬حديقة‭ ‬يدخلها‭ ‬سعيدا‭ ‬غير‭ ‬ملتفت‭ ‬إلى‭ ‬الحدائق‭ ‬الأخرى‭ ‬والأشجار‭ ‬القديمة‭ ‬والجديدة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬ظلالها‭ ‬على‭ ‬الحياة‭. ‬بالتاكيد‭ ‬هى‭ ‬عملية‭ ‬أسهل‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬عملك‭ ‬النقدى‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأشخاص،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تعتبر‭ ‬ماتفعله‭ ‬نهائيا،‭ ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬أستاذا‭ ‬فى‭ ‬الجامعة‭ ‬تقوم‭ ‬بتدريسه‭ ‬على‭ ‬تلامذتك‭ ‬باعتباره‭ ‬المطلق‭. ‬من‭ ‬حقك‭ ‬أن‭ ‬تريح‭ ‬نفسك‭ ‬لكن‭ ‬اترك‭ ‬الآخرين‭ ‬يتعبوا‭. ‬استمر‭ ‬أمر‭ ‬الراحة‭ ‬فتم‭ ‬تصنيف‭ ‬كتاب‭ ‬بالسبعينيين‭ ‬والثمانينيين‭ ‬والتسعينيين‭ ‬وهكذا،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أراه‭ ‬إلا‭ ‬راحة‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬حتى‭ ‬إنى‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬أضحك‭ ‬على‭ ‬تصنيفات‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬الشباب‭ ‬يتميزون‭ ‬بكسر‭ ‬التابوهات‭ ‬وأتذكر‭ ‬يحيى‭ ‬حقى‭ ‬ويوسف‭ ‬إدريس‭ ‬ونجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وغيرهم‭. ‬أو‭ ‬بالكتابة‭ ‬عن‭ ‬المهمشين‭ ‬وأتذكر‭ ‬خيرى‭ ‬شلبي‭. ‬أتفهم‭ ‬الخلاف‭ ‬حين‭ ‬تحدثنى‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬الكتابة‭ ‬لا‭ ‬موضوعاتها‭. ‬على‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬لم‭ ‬أقرأ‭ ‬دراسة‭ ‬عن‭ ‬تطور‭ ‬أساليب‭ ‬الكتابة‭ ‬عند‭ ‬أعلام‭ ‬أى‭ ‬جيل،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬اعتدنا‭ ‬أن‭ ‬نسميهم‭ ‬جيلا،‭ ‬مستفيدين‭ ‬من‭ ‬تغير‭ ‬مظاهر‭ ‬الحياة‭ ‬حولهم،‭ ‬وكيف‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬بعدهم‭ ‬بما‭ ‬فرضته‭ ‬أساليب‭ ‬الحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬وظواهرها‭. ‬لقد‭ ‬تحدثت‭ ‬كثيرا‭ ‬أن‭ ‬الأجيال‭ ‬هى‭ ‬بنت‭ ‬الأحداث‭ ‬الكبرى،‭ ‬ولا‭ ‬أرى‭ ‬حدثا‭ ‬موازيا‭ ‬لما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬الستينيات‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬غير‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬2011‭  ‬وما‭ ‬سمى‭ ‬بالربيع‭ ‬العربى‭ .‬لكن‭ ‬تم‭ ‬اختصارها‭ ‬بالردىء‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬أو‭ ‬الأدب‭ ‬الذى‭ ‬تفسح‭ ‬له‭ ‬القنوات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬شاشاتها‭ ‬أو‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضي‭. ‬فصار‭ ‬النسبى‭ ‬هو‭ ‬المطلق،‭ ‬وصارت‭ ‬القنوات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬ومواقع‭ ‬الفضاء‭ ‬الافتراضى‭ ‬هى‭ ‬الثورة،‭ ‬وهذا‭ ‬والله‭ ‬خطأ‭ ‬كبير،‭ ‬لكنه‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬علينا‭ ‬فهو‭ ‬مريح‭.  ‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة