محمد حافظ رجب فى شبابه
محمد حافظ رجب فى شبابه


الطـاووس المعـزول

البستان

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 22 فبراير 2021 - 01:52 م

كتب: شعبان يوسف

فى عام 1979 نشرت دار آتون، المجموعة الثالثة «مخلوقات براد الشاى المغلى»، وجاءت هذه المجموعة بعد ما يزيد عن عشر سنوات، دون أن يجد أحد تفسيرا لذلك، فقط كتب الشاعر حسين على محمد تذييلا للمجموعة جاء فيه: «..فى عام 1963، أثار محمد حافظ رجب _صاحب المجموعة الممتازة_ الرأى العام الأدبى، حينما قال فى برنامج تلفزيونى مقالته الشهيرة المدوية، نحن جيل بلا أساتذة»، وشهدت جريدة الجمهورية قضية خصبة طرفها الأول الحداثة المتمثلة فى حافظ رجب، وطرفها الثانى المعمرون المتمسكون بالمساحات الممنوحة لهم فى بقعة الضوء»، وراح الشاعر حسين على محمد يتساءل عن غياب رجب : «أين ذهب؟ هل عانق البحر وابتعد عن الحلبة التى يرقص فيها الأوغاد؟”.
ورغم أن تساؤلات الشاعر كانت مشروعة وطبيعية حول غياب محمد حافظ رجب وانقطاعه المثير للجدل، بعد أن كان مثارا للحديث النقدى الحاد بين فرقاء من النقاد والمبدعين عموما، إلا أنها عاطفية وفضفاضة، خاصة أنه لم يقدم أى إجابات حول ذلك الغياب، ولكنه وجّه بضعة شتائم لأوغاد دون تحديد، ولم يتساءل لماذا غاب دون غيره من كتّاب القصة الآخرين، رغم أن حياة محمد حافظ رجب كان يعرفها القريبون منه، وهو لم يفصح عنها كثيرا.

فى ظنى أن هناك عدة عناصر أحاطت بحياة حافظ رجب، جعلت منه بطلا تراجيديا لقصص واقعية مرة، ومرة أخرى ومتخيلة فى الوقت نفسه، لكن ما هو مؤكد أنه بدأ حياته فى مناخ لا يخلق كاتبا أو مبدعا أو مثقفا، المناخ كان شديد القتامة، ولكن قوة الجماعة الشعبية التى كان ينتمى إليها، دفعته للأمام وللقتال من أجل الاستمرار فى المرحلة الأولى من حياته، أما المرحلة الثانية، فهى التى تم تدشينه بشكل كبير كأحد نجوم الكتابة، خاصة أن قصة كفاحه الاجتماعية كانت مثيرة، أما المرحلة الثالثة، فهى التى غاب فيها، وانزوى، واستغلقت كتابته على النقاد، فتجنبوه بضراوة، دون الاقتراب من إبداعه إلا قليلا، فظلت مسيرته شاخصة فى الحياة الأدبية كعلامة استفهام كبيرة ومثيرة للجدل، ومن ثم لم يفحص أحد من النقاد المتعالين ما الذى حدث لهذا الرجل.
بدايات شائكة
فى شهادة مفعمة بالصدق ونادرة، قدمها محمد حافظ رجب فى أوج مجده، ولم يلتفت إليها أحد من الباحثين، نشرت بمجلة الهلال الصادرة فى أكتوبر 1962، اختار لها المحرر عنوانا مثيرا وهو «مذكرات.. بائع لب»، بدأها رجب قائلا: «حبيب إلىّ كل ما يذكّرنى بها، حبيب إلىّ كل من يحدثنى عنها، إنها محطة الرمل بالأسكندرية، المكان الذى تعيش ذكراه حية دائمة بين ناظرى.. فهناك على أحد الأرصفة، بجوار سينما (ستراند) بدأت الحياة مع أبى، وبين عشرات الباعة، الشيخ عبده وعلى الأبيض وحمد الانجليزى وحسين الأعمى .. بدأت أخطو خطوات العمر الأولى.. ومن قراطيس اللب الذى كنت أبيعه ومن عشرات المجلات والكتب التى كان يبيعها هؤلاء الأصدقاء، رحت أتلمس البحث عن السطور».
ويسترسل رجب فى سرد معالم الحياة الأولى، حيث كان الأب بائعا، وكان الجميع يعتبرونه «المعلم»، إذ أنه كان الأكثر حركة وخبرة وشطارة وكسبا، وكذلك أكثرهم خسارة، وكان رجب فى ذلك الوقت وحيد أبويه، وذلك فى مطلع عقد الأربعينات بالتحديد عام 1942، حيث مات أخوة له، وكان عددهم عشرة أبناء، يقول بأنهم ربما ماتوا من الجوع، رغم أن المثل الشائع يقول «محدش بيموت من الجوع»، لكن أخوته ماتوا بالفعل، كان حافظ فى السابعة من عمره، فى ذلك الوقت أدخله أبوه المدرسة الابتدائية، رغم أنه لم يترك حياة البيع، ولم تكن تربطه بتلك المهنة، سوى الأوراق التى كانت تستخدم للقراطيس، فيقرأها، ويعبّ منها ذلك العالم السحرى من مجلات الهلال وغيرها.


كان البيت مساحة للصراع بين الأم والأب، كانت الأم لا تحتمل، وكان الأب عنيفا، وانتهى الأمر بالطلاق  النهائى، وجاءت سيدة أخرى، شعر رجب بعدها أن عرشه قد تهاوى، ذلك العرش الذى عرفه فى حضن الأم، ونشأ بالطبع صراع بينه وبين زوجة الأب، فاختار أن يقيم مع والدته، وكان قد بلغ ثلاثة عشر عاما فى ذلك الوقت، وكان أبوه ينتقل كثيرا بين أشكال متواضعة من البيوت، والتحق حافظ بورشة نجارة، ولكن قسوة المعاملة دفعته للهرب، ليعمل فى مصنع للزجاج، وكان المشرفون على العمل يكوون أصابع العاملين من الصبية بالنار، إذا بدرت منهم أى بادرة لم تعجبهم، ثم ترك المصنع، وعمل مع ابن خالته فى حمل الخضروات، ولكن والدته قد اتخذت قرار الزواج، وبالفعل تزوجت، فتركها وعاد إلى أبيه، وكان الوالد قد فتح مطعما للفول، وكان الصبى يجلس أمام المطعم لبيع الفول السودانى.
فى ذلك الوقت، كان الفتى يأتى بكتب لكى يصنع منها القراطيس كما أسلفنا، والتقى فى ذلك الجو بروايات أجمل من الواقع «كانت روايات الجيب هى نافذتى الأولى على عالم القصة، والتقيت فيها بكاتب البؤساء فيكتور هيجو، فعشقته وبدأت صورته تحتل مكانا فى مخيلتى كفارس وددت أن أكون مثله، فى كل شئ، حتى فى لحيته البيضاء..».
الشهادة التى قدمها حافظ رجب، مصحوبة بصورته وهو فى قسم الأرشيف بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، تنم عن حياة شديدة البؤس، وشديدة الفقر، للدرجة التى لا تساعد على الكتابة، ولكن من يطالع صحف ومجلات تلك الأيام، سوف يجد أن حافظا، كان لا يملّ من مراسلة كل الصحف المهتمة بفن القصة، وبالفعل تم نشر بعض قصص له، خاصة أنه كان يكتب أسفل خطاباته المرسلة «رئيس رابطة الثقافة للأدباء الناشئين»، وهذه قصة حقيقية، إذ اكتشف حافظ رجب أن بعضا من زملائه الباعة والمكوجية والنجارين، كانوا يمارسون الكتابة الإبداعية بشتى صورها، فهناك من يكتب الزجل، وهناك من يكتب القصة، وكان ذلك عام 1952، واتفق هؤلاء الزملاء لتنصيب زميلهم حافظ رجب، سكرتيرا للرابطة التى أنشأوها معا لمواجهة عالم الكتابة الغامض والمجهول.
مرحلة المجد والذيوع والتحقق:


بدأ اسم الكاتب الشاب محمد حافظ رجب يلمع، مع اعتبار قصة كفاحه التى شاعت، فقدمه صلاح عبد الصبور عام 1957، فى باب كانت جريدة المساء أنشأته، وكان هذا الباب يهتم بثقافة العمال، وأثنى صلاح عبد الصبور على قصة حافظ رجب، وإن كان قد لاحظ أن القصة تتسم بصوت مرتفع، واكتفى عبد الصبور بتقديم نصيحة للكاتب العمالى الشاب، فحواها أن الفن يحتاج للأصوات الخافتة، فالفن لا يحتاج إلى ذلك الصراخ، ولكن المناخ العام كان دافعا ومشجعا للصراخ، خاصة أن القصة كانت عن انتصارات حرب 1956، فلا بد من أن يكون الحماس فى أعلى صوره.
ظلّ حافظ رجب ينشر قصصه فى شتى مجلات وصحف ذلك الزمان، ويقدم فى المسابقات، وبالفعل فاز عام 1959 بقصتى «البطل والجنيه»، وبدأت نبرة قصصه الواقعية تتخذ مسارا حادا، ومن بين قصصه المنشورة قصة «المليونير» التى نشرتها صحيفة «المساء» فى مارس 1959، ونلاحظ أن حافظ رجب أراد أن ينتقم من تلك الطبقة التى أهانته وأهانت كافة شرائح طبقة الفقراء من العمال والفلاحين، فراح فى تلك القصة يطلق صفات انتقامية لذلك المليونير، إذ أن ذلك المليونير كان متوجها إلى أسيوط، وكان شخصا شديد البخل، وتتسم ملابسه بالقذارة، لذلك كان لا يركب الدرجة الأولى أو الثانية فى القطار، لأن ركاب تلك الدرجات سوف ينفرون منه، إن لم يطردوه، وكذلك هو لا يريد أن يدفع مبالغ كبيرة بالنسبة له، لذلك كان يؤثر ركوب الدرجة الثالثة، فهو يجد ألفة مع ركابها الفقراء والمعدمين، ولكنه كان يمعن فى البخل، إذ يمر عليه بائع الشاى، فلا يناديه لكى يشرب كوبا من الشاى، رغم احتياجه الشديد لذلك، لكنه كان ينتظر من أحد الركاب أن يتفضل عليه بكوب شاى، خاصة أن هيئته كانت «تصعب على الكافر»، وكان الراوى يبالغ فى إضفاء صفات البؤس الظاهرى على الرجل، ومن أجل تدريم الحالة كان الكاتب يخبر قارئه، بأن ذلك المليونير المختفى فى ملابس رثة وفقيرة، كان من أمهر المضاربين، ولم يكن يدخل صفقة إلا وكسبها، لدرجة أنه كان مخيفا لكل السماسرة وأصحاب رؤوس الأموال.
أراد الكاتب أن ينهى القصة بملمح درامى أكثر من واقعى، إذ توقف القطار فى محطة بنى سويف، وذلك لتناول بعض الماء حتى يبل ريقه الجاف، وهناك حدث أن ثلاثة من السماسرة أرادوا أن يحققوا صفقة بعيدا عن ذلك المليونير، ولأن مجال حركة ذلك المليونير كان فى القاهرة وأسيوط، فاختار هؤلاء السماسرة إبرام تلك الصفقة فى بنى سويف، وعندما رأوه، أسقط فى أيديهم، وهجسوا بأن المليونير علم بتفاصيل تلك الصفقة، وجاء من أجل إفسادها، وحدثت مفاوضات شديدة الطرافة بينه وبينهم، لأنه أدرك _ بخبثه الرأسمالى _ ارتباكهم، فبالغ فى طلب المقابل، وبالفعل حصل على خمسة آلاف جنيه، دون أدنى جهد، وبمحض الصدفة.
القصة تحتاج إلى حديث طويل، إذ أن الكاتب كان غارقا لـ «شوشته» كما يقال فى تلك الواقعية المحضة، وكان المتابعون يشجعون ذلك البطل القادم فى مجال القصة، وشارك زملاءه الخمسة سيد خميس ومحمد جاد وعز الدين نجيب والدسوقى فهمى وعباس محمد عباس فى كتاب «عيش وملح» الذى صدر فى عام 1960، وقدّمه العظيم يحيى حقى، وأثنى على الكتاب، والقصص، واعتبر أن تلك المجموعة سيكون لها شأن عظيم فى المستقبل، وكان حافظ رجب قد نشر القصتين الفائزتين فى المسابقة، وهما «الجنيه والبطل»، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لكن الكتاب قوبل بحفوة بالغة، وخاصة محمد حافظ رجب، وكتب الناقد الكبير فؤاد دوارة دراسة نقدية طويلة فى جريدة المساء، ونشرت على حلقتين، وخصّ حافظ رجب بكلام عظيم، هذا الكلام يكفى أن يجعل المرء طاووسا، وربما هذا الشعور كان قد طال الكاتب من بعيد ومن قريب، ماذا قال فؤاد دوارة الذى توقف عند قصتيه طويلا، قال: «تذكرنا براعة «محمد حافظ رجب» فى تصوير موكب الخطيئة فى قصة البطل، بالموكب المشابه الذى صوره جوركى فى قصته المعروفة «فيفود».. ولست واثقا إن كان الكاتب قد استوحى هذه القصة القصيرة أم لا، ولكن الذى لا أشك فيه ولا أتردد فى إعلانه أن محمد حافظ رجب .. قد قدّم قصة أنضج من قصة جوركى، وأغنى منها من ناحية عنف الموقف الإنسانى الذى صوّره، ومن ناحية بناء القصة المتكامل..».
بالطبع استرسل فؤاد دوارة فى الحديث عن قصة «البطل»، وراح يعقد مقارنات بين قصة رجب، وقصة جوركى، مثنيا بشكل كبير على قصة رجب، وأوضح بأن حافظ رجب استطاع أن ينفذ إلى عمق الشخصيات التى تعرض لها فى القصة، بينما جوركى توقف عند سرد الأحداث فقط، وبالطبع كان يحيى حقى قبل فؤاد دوارة قد أثنى بدوره على الكتاب الستة، وبينهم حافظ رجب، وكان دوارة ويحيى حقى أكثر المتحمسين لهذا الشاب، وذاع صيته، وذاعت قصة كفاحه، وعلم يوسف السباعى بموهبة ذلك الشاب، فأرسل له لكى يعمل موظفا فى الأرشيف بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ومن ثم راح حافظ رجب يدخل عالم الثقافة والمثقفين من باب واسع.
الانقلاب على الواقعية
كان حافظ رجب، قد امتطى حصان الواقعية بكل قوته، ولكن قراءاته فى الأدب المترجم، خاصة الأدب الوجودى، وبدأ يبتعد رويدا رويدا عن القصة الواقعية، وإبراهيم أصلان وصف ذلك بدقة شديدة فى مقال بديع له فى كتابه «خلوة الغلبان»، كان حافظ رجب يريد أن يصنع قصة «ضد واقعية»، وراح يجرّب ذلك المجال، ونشر قصة «أصابع الشعر»، فى العدد الصادر فى يونيو 1965 من مجلة «القصة»، وهى قصة تكاد تكون تمهيدا لقصتيه «الأب حانوت، و«الكرة ورأس الرجل»، إنه يصف ذلك الانسان الذى يختنق داخل علبة سجائر، أو رف دكان، فيبدأ قصته هكذا: «استلقت «هنا» فوق وسادة المخمل البنفسجى.. داخل علبة التواليت، ووضعت الغطاء فوقها..تركت وراءها الباب مواربا عن قصد، ليجذب الرجل.. وتثاءبت ليس من أجل النوم .. إنها تطرده .. بعد لحظات تسلل وراءها (الشعر)..مدت (هنا) أصابعها.. عانقته.. لفّها الشعر ..غطاها ..صارت سجينة..».
تحكى القصة صراع «هنا» التائقة إلى عالم الحرية، مع ضيق العالم الذى رمز إليه بعلبة «التواليت»، وراح رجب يطرح رموزه بشكل يكاد يكون مغلقا، وكانت الذائقة الأدبية والنقدية ليست معتادة على ذلك النوع من الكتابة، وذلك التعقيد اللغوى، والذى يحتاج إلى متابعة ذهنية شديدة التركيز، وتوقف الناقد د عبد القادر القط، عند القصة بحكمته المعروفة عنه طويلا، وبدأ قراءته: «لا شك أن القارئ يحسّ بأن أسلوب هذه القصة شيئا غير مألوف، فهو لا يجرى على النسق المنطقى المتتابع الواضح كما فى سائر القصص، بل يعتمدعلى شئ غير قليل من الغموض، يكون موحيا شفافا فى كثير من الأحيان، ويكون أحيانا أخرى مغلقا يصيب القارئ بكثير من الحيرة..»، وراح الدكتور القط يعزف على وتيرة الغموض، لدرجة أنه عزا القصة كلها إلى عالم الشعر، حيث اللغة الجميلة، والتى تنطوى على قدر كبير من البلاغة، رغم أن هذه البلاغة جنحت إلى الإغراب بشكل كبير، وبالغت اللغة فى ابتعادها عن سمة السرد، وهكذا كان يختار د القط عباراته ومفرداته فى دقة شديدة، دون أن يلقى باللائمة على هذا النوع من الكتابة.
ورغم تلك الرقة التى جاءت بها مقالة القط، إلا أن كتابات حافظ رجب، راحت تثير حفيظة بعض النقاد، وعلى رأسهم يحيى حقى الذى قدمه، كما أن فريقا آخر راح يمجّد فى ذلك النوع من الكتابة، ولكن ذلك المناخ الضاغط على الكاتب نفسه، راح يدفع كاتبنا إلى الإحباط، فرغم صدور مجموعتين قصصيتين له فى عام واحد «1968»، إذ أن جهات كثيرة راحت تتجنبه، ولا تنشر له، ومن ثم عاش رجب تلك المرحلة الثالثة فى شبه عزلة ظلّت تزداد يوما بعد يوم، حتى استطاعت أن تغلق عليه كافة الأبواب، ورغم كل ذلك سيظل إبداعه محل تساؤلات جديدة، وربما طرح ذلك السؤال الناقد شوقى خميس فى أغسطس عام 1970 بمجلة الهلال: «ما الذى يدفع كاتبا ناجحا جدا من مجال القصة الواقعية، إلى القصة النقيض تماما؟»، وأعتقد أن حافظ رجب يحتاج إلى أكثر من قراءة، حتى نستطيع استيعاب ذلك الكاتب الكبير الذى رحل وحمل أسرار معبده إلى عالم آخر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة