موسكوفاكيس: أحببت ترجمة لغة ديوب وتراكيبه
ديوب: قصدت أن يسكن القارئ عقل شاب أفريقى
الأربعاء، 16 يونيو 2021 - 12:17 م
ترجمة: رفيدة جمال ثابت
فازت رواية “شقيق الروح” لـ ديفيد ديوب بجائزة البوكر الدولية، ليكون ديوب أول كاتب فرنسى يفوز بهذه الجائزة التى تُمنح للكتب الأجنبية المترجمة والمنشورة فى بريطانيا أو أيرلندا. وقاسمته المترجمة آنا موسكوفاكيس الجائزة البالغة قيمتها 50 ألف جنيه إسترليني.
هنا ترجمة لحوار مع الكاتب والمترجمة عقب إعلان القائمة الطويلة.
أولًا: ديفيد ديوب
ما شعورك بعد وصول روايتك للقائمة الطويلة للبوكر؟
من دواعى الشرف رؤية كتابى بجانب اثنتا عشرة رواية بارعة. هذا التميز سيتيح للقراء فرصة اكتشاف روايتي.
صف لنا الرواية فى جملة واحدة
إنها قصة عن صداقة تربط بين فلاحين أفارقة فى مقتبل العمر، خاضا غمار حرب صناعية عنيفة زعزعتهما, وجردتهما من هويتهما، وأجبرتهما على البحث عن إنسانيتهما المفقودة.
كيف ترى أهمية سرد قصص متنوعة عن الحرب العالمية الأولى، بعيداً عن السرديات التقليدية؟
قصدت من كتابة هذه الرواية أن أجعل القارئ يسكن عقل شاب أفريقي، وأن أمنحه رؤية مباشرة لتجربة الحرب التى عاناها. اختيار تكنيك تيار الوعى أسلوبًا سرديًا فى الرواية أتاح لى تضخيم الصوت الداخلى لهذا الشاب الذى لم يكون صوته مسموعًا، مثل جميع رفاقه من الجنود الأفارقة إبان فترة الاستعمار الفرنسي.
علق النقاد على العلاقة بين الراوى وأسلوب القص الشفهي، هل كانت هذه العلاقة فى ذهنك وأنت تكتب الرواية؟
لم أرد أن يكون ألفا ندياي، بطل روايتي، متحدثًا للغة الفرنسية. نقلت أفكاره إلى الفرنسية، لكنى قصدت كذلك أن يفهم القارئ بفضل إيقاع اللغة التى استخدمها أن ألفا كان يفكر بلغة الولوفية Wolof, وهى لغة مستخدمة فى السنغال. وكأى لغة أخرى، الولوفية لها إيقاعها الفريد وتعبيراتها المميزة، والتى قمت بمضاعفتها فى الفرنسية عبر تكرار عبارات خاصة وتراكيب معينة. وتمثل التحدى الأكبر أمام المترجمة آنا، ونجاحها الكبير فى إعادة إنتاج هذا الإيقاع بعينه باللغة الإنجليزية، كى يفهم القارئ أن النص متلبس بالصوت الأفريقي.
ثانيًا: آنا موسكوفاكيس
ما شعورك بعد أن وصلت الرواية للقائمة الطويلة للبوكر؟
تغمرنى السعادة لأن الناس سيقرؤون هذا الكتاب ويقدرونه، وكلى أمل أن يزيد هذا الترشيح من وصوله إلى القراء. وبصفتى مترجمة، وهو دور يشعرنى أنى مبتدئة، شعرت بالحماس وبعض الارتباك لرؤية اسمى فى قائمة تضم أسماء أكن لها بالغ التقدير.
ما الذى أحببته فى ترجمة الرواية؟
أولاً، أحببت العمل مع تراكيب وإيقاعات لغة ديفيد ديوب. غير أن أحد أمتع الأمور حول ترجمة هذه الرواية كان فى ذات الوقت أكثرها صعوبة وتحديًا؛ وهو محاولة استيعاب الوضع الإشكالى للغة فى السرد. الرواية مكتوبة بضمير المتكلم، بالفرنسية، لكن الراوى ألفا يتحدث الولوفية ولا يعرف الفرنسية. ما نقرأه هو نص أفكاره، إذ اضطرته الظروف لخوض ثورة فى علاقته مع ذاته والعالم. إنه ضرب من التفكير لا يحدث بالضرورة فى اللغة، وبذلك فالسرد يشغل مكانًا بين اللغة والوعي, هذا المكان ربما يكون أيضًا مساحة للترجمة. ثمة فقرة واضحة فى الرواية تخاطب بشكل جلى إخفاقات الترجمة، غير أن ذلك، ويا للغرابة، لم يزعجني، بل سمح لى بالاستمتاع بالعمل دون قلق كبير.
كيف استطعتِ إعادة بناء الصوت المميز للبطل ألفا؟
وجد ديفيد أن حل مشكلة نقل أفكار ألفا إلى لغة لم يستخدمها يكمن فى الكتابة باللغة الفرنسية، وأنها ربما تنقل شيئًا من اللغة الولوفية عبر إيقاعاتها وتعبيراتها. وبذلك يكون البطل الفرنسى مسكونًا باللغة الولوفية. هذا السكون، أو المطاردة، يناسبان اهتمام الرواية بالقصص المقموعة لعنف الاستعمار، والعلاقات المتشظية، وإشكاليات الحدود بين الذات والآخر، والقَبل والبَعد، والعدو والصديق. طوال عملى مع اللغة، بإيقاعاتها وأنماطها وتكرارها وتسارعها ومفرداتها المحدودة، كنت مدركة أنى أترجم ترجمة (أى ترجمتى لترجمة المؤلف لأفكار الشخصية). وبصفتى شخص لا يتحدث الولوفية، وجدتنى بعيدة عن لغة أفكار البطل مثل القراء غير المتحدثين لهذه اللغة، وقد ساعدنى ديفيد فى التفكير فى أن هذا البُعد مفيد. تكمن خدعة الرواية فى نقل التأثيرات المضطربة للغة البطل بحيث أنها تسمح وتقاوم وساطة اللغات الاستعمارية للفرنسية والآن الإنجليزية.
بعض أحداث الكتاب مروعة، كيف تعاملتِ مع الموضوع؟
كانت المتعة العميقة التى وجدتها فى لغة الرواية وتحديات الترجمة مستمرة وثابتة، وتناقضت مع الأهوال المتعددة فى القصة. كنت أجدنى أتحدث بحماس عن الرواية مع الأصدقاء، وحينما أصغى إلى ما أقول كان يغمرنى فيضان من المشاعر أضطر إلى كبحها مؤقتًا كى أنهى العمل. رغم أن تجارب ألفا مختلفة عن تجاربي، عذابه النفسي، إذ يحاول النأى بذاته عن الظروف المستحيلة، كان مألوفًا. لذا بعض الرعب اختبرته شخصيًا، بينما شعرت بالكثير منه من زاوية معينة؛ زاوية شاقة وقاسية من قصص الاستعمار والعنصرية والاختلاف بين الجنسين، وهيمنة اللغة. أعتقد أن أحد أهم انجازات الرواية يتمثل فى كيف أنها وضعت القراء وجهاً لوجه أمام العناصر المختلفة لسرد ألفا، خالقة حالة فريدة من الفزع الذى كان فى بعض الأحيان ضروريًا.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة