خالد العوامي
خالد العوامي


بكاء «المنفيون في جزيرة الندم».. الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء

خالد العوامي

السبت، 14 أغسطس 2021 - 01:45 م

-  تركتم وطن يعيش في زمن مهزوم مقهور مخطوف.. ولولا رجال الظل لكنا عالقين في فخ الماضي الأليم


وها أنا ذا متروك ككم مهمل فوق الرصيف، أبكي أتحسر.. ثم.. ثم أندم على ما فات، أسأت لوطني ولم يعد ممكناً الوثوق بي، اعتذرت والدموع تسح سحاً، ولكن فات آوان الاعتذار، فقد تركت خلفي الجدران مهشمة وفروع الاغصان مكسورة، ليبقي الندم إرثاً طبيعياً لجرائم ارتكبتها في حق الوطن، ندم ربما يبقيني عالقاً في فخ الماضي الأليم سنون طوال. 

أحسب أن هذا لسان حال هؤلاء "ثوار الماضي" ممن شاركوا في أحداث 25 يناير عام 2011، والذين ظهروا خلال الساعات القليلة الماضية في فيديو بعنوان "المنفيون في جزيرة الندم"، ظهروا يتباكون فيه تحسراً علي مشاركاتهم في الأحداث، ويبدو أنه الإبصار الذي يأتي متأخراً، ولا أدري صراحة ماذا أقول لـ مثل هؤلاء؟!، الذين سلموا عقولهم لـ أعداء عبثوا بـ مصير الوطن وتركوه لـ المتآمرين يرسمون مستقبله بكل أحداثه وتفاصيله، يرسمونه وفق مصالحهم لا مصالح الشعب، زاعمين أنها "الحرية والعدالة الاجتماعية"، ويا حسرتاه عندما تترك مصائر الأوطان والشعوب لهواة لا يملكون من أمرهم شيئاً.

وهنا أسأل هؤلاء الثوار: ماذا يحدث عندما يخذلنا الرفيق؟! ، وعندما نتوقف في منتصف الطريق، لنكتشف اننا نسينا شيئاً مهماً اسمه الوطن ؟! حاولنا العودة كي نبحث عنه فوجدناه حطاماً مخطوفاً في قبضة جماعات لا تؤمن بأرض وعرض وحدود، وجدناه وطنُُ يعيش في زمن مهزوم ووعي مقهور ومواطن خائف مذعور، لقد خسرنا حينها كل شئ وأي شئ، ولولا عناية الله ووجود رجال ظل أوفياء لكان الوضع اسوء والخسائر أفدح، وما كان لدينا الان وطن نتعارك فيه ، بل وطن نتصارع فوق جثته.

بالله عليكم ماذا كنا سنفعل بدموع الندم؟، فهل تدرون ان ثورتكم اعادتنا للوراء عشرات السنين ؟! ، هل تدركون ان ازمة سد النهضة وما اعقبها من مخاطر تعود لـ فعلتكم ؟! ، فقد جف الضرع والزرع ، تجلط الاستثمار  وانتشر العنف والخراب ، إحترقت المؤسسات والأجهزة السيادية ، إمتطي ثورتكم اصحاب اللحي والذقون وغيروا مسارها بل واستأثروا بها ، زادت الجريمة واستفحل المجرمون والبلطجية وسرقة المحالات وتدهورت الاوضاع الامنية والاقتصادية ، هرب المستثمرون وانهار حجم الاستثمار ليصل الي حد الصفر  ، توقفت المصانع وتعطل الانتاج وبلغت الاستثمارات الأجنبية التى خرجت فى عام ثورتكم ما يقارب الـ 54 مليار جنيه ، ناهيك عن انتشار الإرهاب وبالأخص في سيناء ، وتنامي لغة الاستقطاب وسقوط مئات الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين .


ثم .. ثم اراكم بعد كل هذا تتباكون وتندمون، وهنا أقول لكم: أن الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء ، لذا دموعكم لم يعد لها ثمن ، والوطن ظل باقيا حياً ليس بالدموع بل بدماء الرجال ، وأخيراً: أن تتأكد خير لك من أن تتأسف ، فمن يلعب في أيام عمره يضيع أيام حرثه ، وها انتم تتأسفون لكن بعد ان ضيعتم حرث السنين .. عاشت مصر وعاش شعبها عزيزاً مكرماً .


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة