ناجي أبو مغنم

الأربعاء، 18 أغسطس 2021 - 03:14 م

لا ينتهي القلق الذي ينتاب طلاب الثانوية العامة وأهلهم بمجرد انتهاء الامتحانات وظهور النتيجة، بل يمتد معهم لحين الاطمئنان إلى قبلتهم المقبلة، - حسبما تحددها منظومة تنسيق القبول بالجامعات، والتي يقضون فيها بضع سنوات، ترسم بعدها معالم حياتهم المهنية.

 

واعتاد الدارسون طيلة الثلاثة عقود الماضية تقريبًا، على أن المرور ببوابة الدخول لكليات القمة - كما يسمونها-  يستلزم الحصول على الدرجات النهائية أو ينقص عنها قليلًا، وأحيانًا يتجاوزها بعد إضافة مادة المستوى الرفيع. 

سيناريو متكرر كل سنة دراسية دون جديد، ولكن طرأت عليه بعض التغيرات هذا العام، يمكن أن نسميها تبعات أزمة فيروس كورونا، ممزوجة بسياسة التطوير في نظام الثانوية العامة، التي قاد شعلتها وتبناها الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، والتعليم الفني. 

 

اقرأ أيضًا| وزير التعليم يوجه التهنئة لطلاب «الدفعة التاريخية» بالثانوية العامة

 

الملامح الجديدة لشكل العملية التعليمية، لا سيما التوسع في نظام الـ «أون لاين»، على حساب استكمال العام الدراسي حضوريًا بالمدرسة، نتج عنه الكثير من الأمور التي عادت بنا إلى أجواء الثانوية العامة التي كانت قبل سنوات طوال، من حيث المجاميع ودرجات الطلاب وكذلك تنسيق القبول بالجامعات.

 

تنسيق التسعينيات يعود من جديد

في العام الماضي كان المتحصلُ على 92 % في شعبة العلمي علوم، يندب حظه، لأنه طبقًا التنسيق المعمول به  حينها لن يجد له مكانًا في كليات الطب والصيدلية والعلاج الطبيعي والبيطري، وحتى العلوم.
الأمر هذا العام تغير، وأضحى صاحب هذا المجموع متاحًا له الالتحاق بأي كلية شاء، حسبما قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في تصريحات تليفزيونية أمس الأربعاء، مطمئنًا بذلك الطلاب وأهلهم الذين تفاجأوا بتدني المجاميع رغم أنهم كاانوا ينتظرون الحصول على الدرجات النهائية من أجل حجز مكان لهم في الكليات المرموقة.

 

اقرأ أيضًا| ننشر حالات حجب التعليم لدرجات الطلاب والإجراء المتبع

 

وأضاف في تصريحاته، أن الحد الأدنى لشعبة علمي علوم 88.4، وعلمي رياضة 80%، وأدبي 65.7 %، وكل من نجح هذا العام له مكان في الجامعات والمعاهد، مؤكدًا وجود 75 رغبة في تنسيق الجامعات 2021، يتسنى للطالب اختيار أيًا منها، وفقا لمجموعه.

 

انخفاض تنسيق القبول الجامعات 2021 بمعدل من 6 إلى 10 درجات مقارنة بـ تنسيق 2020، يرجع بنا إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، عندما كان الأوائل لا يصل مجموع درجاتهم أكثر من 90 %.
الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، أدرك أن النظام الذي كان معمول به خلال توليه الوزارة قبل ما يزيد عن 4 سنوات، وتحديدًا في فبراير 2017، خاطئ، وأسلوب الحصول على مجاميع فلكية أمر غير صحي، وشرع في تطبيق برنامجه لإصلاح التعليم ما قبل الجامعي.

 

دفعة تاريخية من الثانوية العامة

وقال شوقي إنه يسعى إلى خلق مناخ تعليمي يتواكب مع التطور التكنولوجي والتحول الرقمي الذي يشهده العالم، وأنه لا بد أن يكون التعليم معتمدًا على تطبيقات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أكثر من اعتماده على الحفظ والورق، إلى الفهم والإدراك، مؤكدًا في الوقت ذاته أن النظام يهدف إلى وقف الدروس الخصوصية التي تستنزف أموال الأسر المصرية.

 

وأشار وزير التعليم، إلى أن هذه الدفعة من النظام الجديد تعتبر أول دفعة تعليمية في العصر الحديث، موضحًا أن أن طلاب الثانوية العامة تعلموا بشكل جيد، والأجيال القادمة ستكون أفضل بسبب زوال رهبة النظام الجديد، والطلاب سيدركون أهمية هذه الفكرة التعليمية فيما بعد.

 

اقرأ أيضًا| ما بعد الثانوية العامة.. كيف تتعامل مع أبنك بشكل مثالي في تلك الفترة | فيديو

 

نقطة الاختلاف الوحيدة بين النظام الجديد وما مضى قبل أكثر من عقدين، هو نظام التحسين الذي كان معمول به في الثانوية العامة قبل نحو 24 عامًا، وتم إلغاؤه، حينها، ولكن طارق شوقي قد أحيا الفكرة من جديد وتحدث العام الماضي عن تطبيقه في إطار خطة تطوير التعليم التي يتبناها، قبل أن يعود ويؤكد أنه لن يتم تطبيقه وتكتفي الوزارة بنظام الدورين الأول والثاني.

 

ونظام التحسين يهدف إلى إعادة امتحان الطلاب في المواد التي يختارونها والحصول على أعلى درجة في الامتحانين، إذا كانت الإعادة أعلى من الامتحان الأول تُحب للطالب وإذا كانت أقل لا يعتد بها.

 

نظرة على تاريخ الثانوية العامة

كانت مدة الدراسة بالمرحلة الثانوية 5 سنوات منذ بداية الاحتلال الإنجليزي، وفي عام 1897 خفضت تلك المدة إلى 4 سنوات، وفي عام 1905 استمرت 4 سنوات. 

 

وفي عام 1928 زادت مدة الدراسة إلى خمس سنوات تنقسم إلى مرحلتين: الأولى مدتها 3 سنوات يحصل الناجحون في نهايتها على "شهادة الكفاءة"، والثانية مدتها سنتان يتخصص فيها الطالب في إحدى الشعبتين "العلمية أو الأدبية" ويحصل الناجحون في نهايتها على "شهادة البكالوريا".

 

أما  في عام 1935 استمرت مدة الدراسة 5 سنوات ولكن تحول تقسيمها إلى مرحلتين: الأولى مدتها 4 سنوات تنتهي بامتحان الثقافة العامة "القسم العام"، والثانية مدتها سنة دراسية واحدة "سنة التوجيه"، يحصل الطلاب في نهايتها على شهادة الدراسة الثانوية العامة "القسم الخاص"، وتتشعب فيها الدراسة إلى ثلاث شعب هي: العلوم، الآداب، الرياضيات.

 

وفي عام أصبحت مدة الدراسة بالمدارس الثانوية للبنات 6 سنوات اعتباراً من سنة 1937 وكانت مقسمة إلى مرحلتين: الأولى مدتها 5 سنوات للثقافة العامة، والثانية مدتها سنة واحدة "مرحلة التوجيه".

 

في عام 1951 توحدت المناهج ومدة الدراسة بين مدارس البنين ومدارس البنات الثانوية لتكون 5 سنوات وأعيد تقسيمها لتكون على ثلاث مراحل، الأولى مدتها سنتان يحصل الناجحون في نهايتها على شهادة الدراسة المتوسطة، والثانية مدتها سنتان ويحصل الناجحون في نهايتها على شهادة الثقافة العامة، والثالثة مدتها سنة وتنقسم فيها الدراسة إلى "علمي وأدبي"، ويحصل الناجحون في نهايتها على شهادة التوجيهية.
الثانوية العامة في مطلع القرن الحادي والعشرين

 

نظام الثانوية العامة الذي تم تغييره في 2014 يعود بدء تطبيقه إلى خمسينيات القرن الماضي، فقد كان من أهم أهداف ثورة يوليو 1952 الاهتمام بتعميم التعليم ونشره وإقرار مجانيته، حيث صدرفي عام 1953 القانون رقم 211 الذي ساوى بين جميع أنواع التعليم الثانوي حيث قسم الدراسة في المرحلة الثانوية إلى: عامة ونسوية وصناعية وزراعية وتجارية، وحدد مدة الدراسة بثلاث سنوات.

 

فقد كانت الدراسة بالسنة الأولى عامة، تنقسم في السنة الثانية والثالثة إلى شعبتين هما "القسم الأدبي – القسم العلمي"، ويتم في نهاية السنة الثالثة عقد امتحان عام على مستوى الجمهورية يمنح فيه الناجحون "شهادة الدراسة الثانوية العامة".

 

محطات في قطار تطوير الثانوية العامة

شهدت المدرسة الثانوية حالة من التجديد والتجريب، فأنشأت الوزارة مدارس تجريبية ونموذجية بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، وذلك في عام 1956، وفي نفس العام أنشأت الوزارة مدرسة للمتفوقين بالقاهرة يلتحق بها الخمسة الأوائل في الشهادة الإعدادية (من البنين فقط)، كما أنشأت الوزارة مدارس ثانوية نسوية مشابهة للمدارس الفنية. بإصدار القانون رقم 213 لسنة 1956 رسخ استقرار السلم التعليمي على أساس (6 سنوات للمرحلة الابتدائية + 3 سنوات للمرحلة الإعدادية + 3 سنوات للمرحلة الثانوية).