علقة الجرنال البايت
علقة الجرنال البايت


فرفش كدة | علقة الجرنال البايت

الأخبار

الخميس، 18 نوفمبر 2021 - 06:22 م

محمد محمد مستجاب

لا تزال أصداء تلك الليالى الطويلة البهيجة تنعش القلب، كنت أعيش فيها منتظرًا الجرائد، وخاصة الطبعة الأولى، والتى يجب أن يلقى عليها والدى مستجاب الأب نظرة قبل أن ينعس وينام.


أذهب لعم أبو حامد أمام معهد السينما، وكانت فرصة عظيمة للتدخين حتى تأتى الجرائد، وكان أقصى تأخير يمكن أن يحدث الواحدة صباحًا، لأعود للبيت بعد حرق سجائرى أنا وأصدقائى.


وذات يوم لم تأت الأهرام، فعدت للبيت بالأخبار والجمهورية، التهمهما والدى سريعا، وغط فى النوم، وفى الصباح، نبه أمى أن توقظنى لشراء جريدة الأهرام قبل ذهابه للعمل، وظلت أمى توقظ فى ثلاث ساعات، وفى الحادية عشرة، نهضت فزعًا من علقة ساخنة، ذهبت لعم حامد، فوجدت الطبعة الثالثة نفذت، ولبائع آخر فى نصر الدين بأول الهرم، ثم عرجت على بائع آخر أمام مستشفى أم المصريين، لكن جريدة الأهرام نفذت أيضًا.


أثناء عودتى، عرجت على محل بقالة لعائلة صديقى على إبراهيم وشهرته «على قريشة»، فوجدته واقفًا امام المحل، وقد فرش جريدة الأهرام على البنك، يقرأ فى هدوء ونهم، وكأنها طوق النجاة، أخذتها دون دفع الربع جنيه ثمنها، فهو جرنال بايت.


 وأعدت ضبط الجريدة وكأنها خارجة من المطبعة الآن، فقد كان أبى يكره أن يفتح أحد الجريدة قبله، وعدت للبيت ونبهت أمى أننى لم أجدها إلا بسعر غالى «جنيه»، وكانت أمى قد انتهت من ترتيب غرفة أبى، ووضعت الثلاث جرائد بجواره على السرير.


 وفور عودة أبى من العمل، وبعد تناولنا الغذاء، دخل غرفته لأخذ القيلولة وسماع إذاعة لندن، وقراءة الجرائد على مهل، وفوجئنا بصوته عاليا: مين اللى حل الكلمات المتقاطعة؟، فأجاب الجميع، أمى وأنا وأخوتى الثلاث، بأنه لم يلمس أحد منا الجرائد، فيثور أبى ويبدأ فى السباب ويعيد السؤال: مين فتح الجرائد وقرأها يا ولاد الكلب؟، ونظل صامتين، ولا نرد عليه، فيلقى بالجريدة ممزقة فى أرجاء البيت، صارخًا ولاعنا، لننال العقاب، وأنا صامت، لا أجرؤ على قول ما حدث، ولا زال حتى الآن ألعن صديقى قريشة وأسبه كلما شاهدته لأننى نلت بسببه علقة ساخنة، فقد قام صديقى بحل جزء من الكلمات المتقاطعة خطأ، وهذا ما أغضب أبى كثيراً، لأظل حتى الآن أكذب وأصمت وانظر لعلى صديقى أو لجريدة الاهرام أو أى كلمات متقاطعة بنصف عين، وما يزال سباب وزعيق وعلقة أبى معلمة على جسدى وذاكرتى.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة