إبراهيم المنيسي
إبراهيم المنيسي


أما قبل

واسترد الله وديعته الطيبة

إبراهيم المنيسي

الأربعاء، 26 يناير 2022 - 09:15 م

«إنا لله وإنا إليه راجعون « هذا التسليم بما قدر به الخالق والذى أوصانا به رسوله الكريم بأن لا نقول عند الحدث الجلل إلا ما يرضيه سبحانه وتعالى راضين بما شاء ولا رد لما قدر ..

ولا أظن أن الجماعة الصحفية فى مجملها قد فجعت فى رحيل عزيز وغال من أبنائها النابغين الصادقين قدر فجعتها أمس برحيل ياسر رزق . ياسر رزق مات ؟.. لا أصدق .. اللهم لا اعتراض.
عرفته بكلية الإعلام بجامعة القاهرة منذ أكثر من ٣٥ عاما، كنت فى أولى خطواتى ، وكان هو ودفعته اليافعة فى السنة الرابعة وجمعت بيننا تفاصيل أحداث واهتمامات وفعاليات كثيرة كان يبدو فيها ياسر دوما شديد الحماس للصحافة ومتدفقا فى حسه الوطنى .. ودارت الأيام وجمعتنا بدفء دارنا الحبيبة أخبار اليوم التى سكن عشقها وجدان ياسر بعمق فكان شديد الانتماء لها وترقى فيها كرئيس لتحرير الأخبار ورئيس لمجلس الإدارة قبل أن يسلم عصا القيادة فى تتابع الأجيال وأبناء الدار الذين حملوا له من المودة والمعزة والتقدير الكثير ..
هاتفنى ياسر يوم الخميس الماضى : «مش هتيجى تاخد نسختك من الكتاب .. دى آخر نسخة من الطبعة الأولى»
سارعت لمكتبه وكان معه ضيفان من قطاع التوزيع يتابع معهما ترتيبات كتابه المهم والذى كان محل اهتمام الكثير من برامج التوك شو ومقالات كبار الكتاب .. وكأنهم يودعونه..
(سنوات الخماسين .. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص).. كتاب سكب فيه ياسر رزق بمهنية عالية وحس وطنى كبير وأمانة ومسئولية ظاهرة ؛ كل ما أمكن سرده من تفاصيل وكواليس أصعب الفترات التى مرت على الوطن، وكان هو خلالها فى قلب الحدث .. شهادة للتاريخ والوطن ..والأجيال القادمة الباحثة عن الحقيقة..

فى لقائنا الأخير استفاض ياسر، كعادته فى الإفصاح عن ترتيبات كتابه الجديد القادم الذى ألححت على ضرورة إصداره ليكمل به سرديته الرائعة وروايته الأمينة للتاريخ عن أهم سنوات وأحداث الوطن الغالى الذى سكن فؤاده وتفاعل مهنيا مع قواته المسلحة كمحرر بارع فى الشئون العسكرية يدرك جيدا قيمة الشرف الوطنى ومكانة جيشه وقادته وتاريخ العسكرية المصرية الناصع ..
وقبل أن أغادره استل ياسر قلمه ليكتب إهداءه لى على نسخة من كتابه الذى رتبت الأقدار ليكون شهادته للتاريخ .

أبكتنى الآن كلمات الإهداء وأنا أعاود النظر لحروفه وخط يده:
«أخى الحبيب .. هذه شهادتى عن سنوات صعبة، قاسية، مريرة، عاشتها بلادنا ، وعشناها معا ، نأمل فى ضوء يلوح ، فى فجر يشرق ، وأرجو أن تكون تلك الشهادة لامست مرفأ الحقيقة . كل المحبة لك أخا وصديقا «.
ودعته بحضن دافئ على وعد بلقاء شلة الأصدقاء : عماد الدين حسين ومحمد على خير وأكرم القصاص وعادل السنهورى وحاتم محمود وأسامة سلامة وحمدى عبد الرحيم ، كما اعتدنا منذ سنوات فى النادى الأهلى، لنحتفل معه ،هذه المرة، بالكتاب المهم .. لكننا لم نلتق ، فقد استرد الله وديعته الطيبة ..النقية ..الطاهرة ..
ألف رحمة ونور يا صاحبى ..


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة