نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

عيد الأم في وادى النطرون

نوال مصطفى

الأربعاء، 23 مارس 2022 - 07:39 م

قال شكسبير: ليس فى العالم وسادة أنعم من حضن الأم، وقال سقراط: لم أطمئن قط إلا وأنا فى حجر أمى. أما الشاعر محمود درويش فقال: أنا لن أسميك امرأة سأسميك كل شيء. هذه أقوال مأثورة وصف بها كبار الأدباء والفلاسفة عاطفة الأمومة، أما أنا فأقول إن الأمومة هى سر الكون، لمعة الإلهام، ورمز الحب الصافى،غير المشروط.

فى مجمع مراكز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون؛ عشنا أنا ومجموعة من الفنانين والإعلاميين، والشخصيات العامة يوماً رائعاً مع أمهات يقضين فى هذا المكان عقوبة سلب الحرية، وتتفاوت مدتها حسب نوع القضية المحكوم عليها فيها. كانت المناسبة هى الاحتفال بعيد الأم، وهو تقليد تحرص عليه وزارة الداخلية المصرية، وقطاع الحماية المجتمعية كل عام. حيث تتم إقامة حفل مبهج يدخل الفرحة إلى قلوبهن فى هذا اليوم.

قدمت عدد من النزيلات أغنيات جميلة «ست الحبايب» و»أمى» و»أنا نص الدنيا» ومجموعة من الأغنيات الوطنية التى تدربن عليها مع دكتورة سارة من كلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان. بكت الفنانة ماجدة زكى تأثرا، فهذه طبيعة هذا اليوم الذى تحتفل به مصر والدول العربية بعيد أغلى شخص فى قلوبنا «الأم» ست الحبايب، التى كرمها الله تعالى، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات. وعندما يكون الاحتفال فى هذا المكان تتضاعف مشاعر الشجن الإنسانى النبيل.
 تقليد إنسانى جميل تحرص عليه الوزارة منذ سنوات عديدة، حيث تلتقى النزيلات الأمهات بأطفالهن الذين يأتون فى زيارة خاصة استثنائية لمشاركة أمهاتهم هذا اليوم، ويتم تقديم الهدايا للأمهات النزيلات، كما تقدم هدايا للأطفال أيضا.

أصوات النساء هزتنا جميعا، شحنة المشاعر عالية، ولحظات لقاء الأمهات بأطفالهن مؤثرة، اللواء طارق مرزوق قام بتقديم بعض الأجهزة المنزلية لجهاز بنات بعض المفرج عنهن حديثاً، واللاتى تمت دعوتهن لحضور هذا الحفل الخاص.

الفلسفة العقابية فى مصر تتغير فى الجمهورية الجديدة، يتبنى الرئيس عبد الفتاح السيسى تلك الفلسفة ويؤمن بأنه «يجب ألا يعاقب النزيل مرتين»، هذا ما قاله الرئيس فى أكثر من لقاء، يكفى الحرمان من الحرية، وهى أغلى ما يملكه الإنسان، لكن بخلاف ذلك يجب أن يتمتع النزيل بحقوقه الإنسانية كاملة، هذا ما أكده الرئيس، وهذا ما رأيناه فى مجمع مراكز التأهيل والإصلاح بوادى النطرون. مستوى عالٍ من الخدمات، مستشفى على أعلى مستوى مجهز بأحدث الأجهزة الطبية التى تضاهى المستشفيات الاستثمارية الكبيرة فى مصر، ملاعب، مزارع شاسعة، أماكن إعاشة نظيفة، ورش تدريبية يتعلم ويتدرب فيها النزلاء نساءً ورجالاً حرفة يتكسبون منها أثناء فترة العقوبة، وتتدعم فرصة حصولهم على عمل بعد خروجهم للحياة الطبيعية مرة أخرى.


 الحقيقة أن الوضع اختلف كثيراً عما كان، هذه شهادة إنسانة عاشت مع النساء وأطفالهن لسنوات طوال فى القناطر، ليست كنزيلة، بل كمؤسس لجمعية أطفال السجينات، أقدم جمعية تتبنى رسالة إنقاذ أطفال النزيلات من التشرد والوصم الاجتماعى، وتأهيلهم نفسياً، وتعليماً، ورياضياً حتى يعبروا هذه المحنة الكبيرة فى حياتهم، ويندمجوا فى المجتمع بصورة طبيعية.

مجمع وادى النطرون تم تشييده على مساحة 500 فدان، ويضم 6 مراكز تأهيل وإصلاح تم نقلهم من السجون القديمة المتهالكة، فى إطار تطوير المنظومة العقابية فى مصر، وهناك مجمع آخر فى مدينة بدر، وكما قال لنا اللواء طارق مرزوق مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، فإن خطة الدولة إنشاء أربعة مجمعات حديثة مماثلة لمجمع وادى النطرون تغطى محافظات الوجه القبلى والبحرى.

كالعادة فى مثل هذا اليوم من كل عام تغطى المشاعر على كل شيء، بكيت أمى الغائبة، وبكيت مع صديقاتى فى وادى النطرون اللاتى يعرفننى وأعرفهن جيداً، «عشرة عمر» التقطنا العديد من الصور معاً، و تمنيت أن تنقضى فترة عقوبتهن سريعاً، وأن يعدن إلى دفء بيوتهن، وحضن أولادهن الذى يعادل الدنيا وما فيها فى أقرب وقت.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة