هل يعود الفن لمحطات المترو؟
هل يعود الفن لمحطات المترو؟


هل يعود الفن لمحطات المترو؟

أخبار الأدب

السبت، 26 مارس 2022 - 04:03 م

منى عبد الكريم : تكتب

لعل واحدة من أكثر القاعات الفنية التى افتقدناها منذ فترة طويلة، والتى نتمنى عودتها من جديد هى قاعة محطة مترو الأوبرا، حيث تم توظيف جدران المحطة لإقامة عروض تشكيلية، والتى كانت تتيح الفرصة لجموع الشعب من مستخدمى مترو الأنفاق مشاهدة المعارض الفنية التشكيلية التى خرجت من القاعات المغلقة.

وذلك قبل أن تتوقف القاعة ويتم غلق الباب المؤدى لدار الأوبرا من داخل محطة المترو.
لهذا السبب سعدت سعادة شخصية بحضور فعالية «ناس من هليوبوليس» الفنية التى نظمتها مؤسسة «أراك» للفنون والثقافة برئاسة د.أشرف رضا، بمحطة مترو هليوبوليس التى تقع بالخط الثالث الذى يطلق عليه الخط «الأخضر»، وذلك بالتعاون مع شركة إدارة وتشغيل المترو،إشراف الهيئة القومية للأنفاق، برئاسة «د. عصام والى»، والتى جاءت تماشيًا مع المشروع الثقافى المقرر تنفيذه فى جميع محطات الخط الثالث، لرفع الوعى بالفنون ونشرها بين الجماهير من مختلف فئات المجتمع. 


إذ يذكر د. أشرف رضا إن «ناس من هليوبوليس» كانت الفعالية الثقافية الأولى التى يتم تنظيمها داخل محطات المترو ضمن عدد من الفعاليات المتنوعة التى ستشهدها محطات المترو فى الفترة القادمة.

وقد أقيمت بالتعاون مع عشرة من شباب التشكيليين من كلية الفنون الجميلة، تحت إشراف الفنان «مراد درويش» حيث قام الفنانون برسم أكثر من ١٠٠ إسكتش وبورتريه حىّ لجمهور المترو.

ولكنها لم تكن الفعالية الوحيدة فى ذلك اليوم فقد كان هناك فعالية موازية وهى «ثلاثية هليوبوليس» التى أبدع فيها ثلاثة فنانين ورسموا ثلاث لوحات كبيرة لتجميل المحطة، وهم «سامح إسماعيل» الذى قدم لوحته بتوظيف الخط العربى والفن الإسلامي، والفنان «علاء عوض» الذى استلهم عمله من الفن المصرى القديم، و«مينا ميلاد» مستلهما من الفن القبطى..
ربما كان تفاعل الناس واهتمامهم بالفن هو أكثر ما لفت الانتباه.

وهو أيضا ما أكد عليه د. مراد درويش الذى قال: كل الناس المتواجدين أرادوا أن يتم رسمهم، وكنا نحاول لآخر لحظة أن نرسم أكبر عدد من الناس المشاركين.

 

ولكن فى النهاية اضطررنا لأن نعتذر لبعضهم من كثرة الضغط ، فالناس تحب أن ترى نفسها بعيون غيرها، ولكن ما فاجئنى أيضا هو أنهم شعروا بالسعادة حتى حين تم رسمهم كاريكاتيريا بنسب مبالغ فيها.


أسئلة عديدة كشفت عن احتياج الناس وتعطشهم لهذه النوعية من الأنشطة الفنية الفعالية، إذ أخبرنى د.مراد أن أحد الأسئلة التى تكررت كان « هتيجوا تانى إمتى وينفع نجيب ولادنا يرسموا معاكو» ليكشف أنهم يشعرون أن الرسم متنفس حقيقى لهم وأولوية من أولوياتهم.


ويبدو أن كثير من الناس ليس لديهم المعلومات الكافية حول العروض الفنية التشكيلية، فقد سألت جانب من الجماهير المشاركين فى الفعالية الفنية بذلك اليوم وعرفت أن عددا منهم لا يعرف بوجود الكثير من القاعات والجاليرهات الفنية التى تقدم العروض التشكيلية باستمرار.


توقفت لأتابع ملامح الجماهير التى تجمعت للمشاركة فى فعالية «ناس من هليوبلويس»، حالة من البهجة ومن الاندماج التى تؤكد على أهمية مثل هذه الفعاليات، إذ لفت انتباهى ابتسامة المهندس سمير حلمى -الذى تعرفت على اسمه لاحقا - حيث وقف ليلتقط صورة لابنته الطبيبة الشابة نانسى وهى تحمل بورتريها شخصيا رُسم لها للتو، سألته عن كيفية معرفته عن الفعالية فأخبرنى: بالصدفة شاهدتهم وأنا فى الطريق إلى إنجاز بعض المهام، فأنهيت مشاويرى وعدت مرة أخرى.

واتصلت بابنتي، لتشاركنى الحدث، وقد رسمت لى الفنانات بورتريهين، وعن رأيه فى إقامة تلك الفعالية الفنية فى المترو قال : أعجبنى أن إدارة المترو بدأت فى تنظيم تلك الفعاليات وأنها ستقام بصورة دورية.

وقد كنت مقيما بأوربا لفترة، وكان من الشائع أن تشهد محطات المترو عروضا فنيا، وهو أمر مبهج للغاية، وأنا عن نفسى محب للثقافة والفنون وأحرص على متابعة أكبر قدر منها حسب المتاح، فالفنون غذاء للروح.


على الصعيد الآخر وقف كل من الفنانين سامح إسماعيل وعلاء عوض ومينا ميلاد لرسم لوحاتهم الفنية أمام الجمهور، إذ قدم الفنان علاء عوض الذى يعمل مدرسا للتصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الأقصر لوحته «لحن الخلود» بخامة الأكريلك على القماش.

والتى صورت فتاة تعزف الهارب لتذكرنا بالجداريات المصرية القديمة التى صورت عازفات الهارب، بينما ارتدت بطلته قرطا من زهرة اللوتس، والمعروف أن الفنان يركز فى تجربته الفنية على كيفية استلهام الفن من الحضارات القديمة بشكل عام.

 أما الفنان الشاب مينا ميلاد والذى يعمل معيدا بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان والموجودة بالزمالك، فقد اختار أن يقدم تفصيلة من وجوه الفيوم مع إضافة كتابات محيطة به، إذ يقول: إن وجوه الفيوم من أجمل الأعمال الفنيه التى سبقت عصرها والتى تم تنفيذها بتقنية خاصة من خلال توظيف ألوان الشمع المنصهر.

والحقيقة أن كثير من الناس لا تعرف أنها تنتمى للعصر القبطي، بل إن الصورة الذهنية المترسخة عند كثير منهم حال ذكر الفنون القبطية هى الأيقونات، لذا أردت أن أسلط الضوء على وجوه الفيوم لأنها من الأعمال الفنية المتفردة، وأضفت كتابات باللغة القبطية لجزء من صلاة «أبانا الذى فى السموات».


وحول الرسم فى الفضاء العام يقول مينا: بالطبع الفن التفاعلى يختلف عن العمل داخل مكن مغلق، إذ راعيت أسس تنفيذ اللوحة كعمل فنى حى أمام الجميع، كما اخترت تصميمات تتلاءم مع فن الشارع وفن العرض العام.

وسعدت جدا لتساؤلات الناس عما نفعل ولماذا، بعضهم فى البداية اعتقد أن اللوحة تفصيلة من بورتريه لمحمد صلاح فكنت أشرح لهم الموضوع، وأخبرهم عن وجوه الفيوم، والحقيقة أن رغبة الناس فى التقاط صور معنا ومع اللوحات أشعرنى أن الناس فعلا لديها رغبة فى مشاهدة الأعمال الفنية ولذا أتمنى تكرار التجربة بصورة أكبر.


منذ أن تعرفت على الفنان سامح إسماعيل وهو  يتوقف أبدا عن التجديد فى تجربته الفنية والبحث خاصة فيما يتعلق بتحرير الحروف العربية من الأطر التقليدية، إذ إنه ومنذ البداية والحروف ترافقه فى بحثه الدؤوب.

وفى رحلته لاستكشاف الخفى والمتفرد فى جملته التشكيلية.. وعلى الرغم من تعدد مشاركاته التشكيلية إذ إن له أكثر من 50 مشاركة جماعية داخل مصر وخارجها، إضافة إلى إقامته أكثر من تسعة معارض فردية.

وله العديد من المقتنيات فى متاحف مصر والدول العربية ومجموعة خاصة فى متحف ماليزيا للآثار والفنون الإسلامية، إلا أنه يعتبر هذا العمل الذى قدمه فى ثلاثية هليوبوليس واحد من أهم الأعمال أو بالأحرى أهم المشاركات الجماهيرية له، إذ يخرج باللوحة إلى الفضاء العام ليلتقى بمشاهدين جدد.

 


ربما لم تكن تلك هى التجربة الأولى للفنان سامح إسماعيل للفن التفاعلى أو حتى للرسم بأحد هيئات النقل العامة، إذ سبق له تجربة الرسم على عربة قطار النوم القاهرة / أسوان سنة 2008 فى إطار مشروع حوار على القضبان (جرافيتى) بالاشتراك مع فنان الجرافيتى النمساوى توماس موك.

والذى نظمه المنتدى الثقافى النمساوى، وبحديثى معه حول ثلاثية هليوبوليس يقول سامح : أفضل أن أترك انطباعى عن المشروع ككل حتى النهاية، فالأمر لن يتوقف عند الرسم والتصوير، بل سيتضمن كذلك حفلات موسيقية داخل محطات المترو، فتلك الفعالية هى محطة من ضمن محطات متعددة هدفها وتغيير كثير من الأفكار السائدة عن الفنون.

وفتح أبواب جديدة للتواصل مع الجمهور.  وهو ما نتمناه جميعا .. ولذا فنحن فى انتظار المزيد.

اقرأ ايضا | متحف الحضارة ينظم ورشة عمل عن مبادئ رسم الزخارف النباتية | صور

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة