نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

الأعمدة السبعة

نوال مصطفى

الأربعاء، 25 مايو 2022 - 05:19 م

لعله من أمتع وأهم الكتب التى قرأتها فى حياتى. أتحدث عن كتاب الكاتب والمفكر دكتور ميلاد حنا رحمه الله «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية».
فقد استطاع الكاتب أن يغوص فى جذور الشخصية المصرية ويحلل أسباب خصوصيتها وتفردها من منظور لم يره أحد قبله..  

يبحر دكتور ميلاد فى أعماق التاريخ المصرى، ويلتقط تلك الحقب الزمنية التى تعاقب خلالها حكم مصر جنسيات وأعراق من حضارات مختلفة، ويكون نظريته من خلال فكرة الرقائق التى ترتفع بعضها فوق بعض ثم تذوب فى سبيكة واحدة.

يبدأ الكاتب بالعمود الأول وهو انتماء مصر الفرعونى، الذى اعتبره الركيزة الثقافية أو الأساس الذى يقف عليه كل مصرى، يعتز بانتمائه إلى تلك الحضارة التى قدمت للبشرية تراثا إنسانيا عظيما وفريدا، ويفخر بكونه من سلالة الفراعنة العظماء الذين شيدوا أول دولة وحكومة مركزية فى التاريخ هى حكومة مينا موحد القطرين (3100-2778 ق.م).

ينتقل المؤلف إلى العمود الثانى وهو انتماء مصر اليونانى الرومانى، ويقول إنها كانت فترة قصيرة (300 عام) لكنها تركت بصمتها العميقة المؤثرة. ثم يأتى العمود الثالث وهو العمود القبطى الذى تداخل مع الحقبة اليونانية الرومانية، وأثرت تلك الحقبة فى التركيبة المصرية حتى الآن، حيث استمرت اللغة القبطية كلغة شعبية سائدة فى مصر طوال القرنين السابع والثامن وشاركت مع اللغة العربية طوال القرنين التاسع والعاشر حتى دخول الفاطميين إلى مصر عام 969 ميلادية.

العمود الرابع فى تشكيل الشخصية المصرية هو الانتماء الإسلامى، حيث كان لمصر إسهام كبير فى الحضارة والفقه الإسلامى وذلك بفضل الأزهر الشريف والذى يعد أول صرح فكرى إسلامى منذ نشأته مع دخول الفاطميين مصر فى القرن العاشر وحتى الآن.

العمود الخامس يتصل بجغرافية المكان التى تؤكد انتماء مصر العربى، واللغة المصرية القديمة وكذلك اللغة العربية تحملان نفس الأصل. وهناك الكثير من القواميس بها آلاف المفردات المصرية التى تشترك مع العربية فى نفس المبنى والمعنى. العمود السادس هو انتماؤها لدول البحر المتوسط. والعمود السابع هو انتماؤها الأفريقى.

كتاب يستحق أن يقرأه الأجيال الشابة التى ربما لم تسمع عنه. معرفة الشباب بالرقائق التى انصهرت جميعا وكونت الشخصية المصرية الفريدة سيجعلهم أكثر فهما، وإدراكا لمناطق القوة والتفرد فى هويتهم المصرية، وسوف يعزز قيمة الانتماء لمصر، ويجعلهم أكثر فخرا بجنسيتهم ووطنهم.

● صلاح منتصر:
 فقدت الصحافة المصرية كاتبا مرموقا صاحب مشوار وتاريخ مشرف فى بلاط صاحبة الجلالة.. تقلد العديد من المناصب القيادية فى الأهرام ودار المعارف ومجلة أكتوبر بين رئاسة التحرير ورئاسة مجلس الإدارة. لكن اللقب الذى ظل يعتز به ويتمسك بقيمته ويعتبره رسالة وأمانة هو (الكاتب الصحفى)..  كان عموده اليومى «مجرد رأى» بالأهرام الذى بدأه بعد رحيل أستاذنا الكاتب القدير أنيس منصور واختفاء عموده فى الصفحة الأخيرة «مواقف» من الأعمدة التى ينتظرها القراء المتابعون والمحبون لكتاباته وتحليلاته للقضايا السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والإنسانية التى يتناولها بترقب وشغف. فقد كتب فى كل الموضوعات التى تشغل بال الناس على اختلاف محاورها بأسلوب جذاب.. وتدقيق وبحث صحفى دءوب يبحث عن الحقيقة حتى لو اعتمد على ضوء شمعة.
 رحم الله فقيدنا الغالى الأستاذ صلاح منتصر.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة