الفتى الذى أزهرت الورود فى عينيه
الفتى الذى أزهرت الورود فى عينيه


حكاية الفتى الذى أزهرت الورود فى عينيه

أخبار الأدب

السبت، 28 مايو 2022 - 05:57 م

بقلم : أسماء علاء

كنتُ أفكر بولدٍ تائه سار من التلة حتى وسط المدينة ومن المدرسة إلى الجامعة. فى الحقيقة لقد كنتُ فى الحافلة حين بدأت العاصفة فى الصحراء تركل كل الغبار باتجاه ذاك الولد. يسير كأن لا ظهر له ولا أبَ، يسير ثم يلتفت للمرايا فى كل اتجاه، يلمس عظام وجهه وينظر لكفيه، يضغط على عينيه كى يشعر بالزمن، كى يستفيق فى نفس المكان لكن كل الأبعاد كانت خفية رغم أنها تمتد على مرمى البصر. قرر أن يتجاهل المرايا حتى ينتهى الطريق لأنها لا تعطيه الحقيقة. فى الطريق تتشعب الطرق ثم تصغر مجددًا. لقد كانت الشمس تتدفق فى السماء كالمد أيامًا باعثة نورًا يمسح وجهه الذى ينقض عليه الغبار كل يوم وأيامًا أخرى كانت جحيمًا يحفر فى الرأس بقعًا عميقة من اليأس. تحت الشمس ظن أن الموت ممكن وكذلك الحياة ممكنة، تحت الشمس تذكر أنه لم يبدأ الطريق وحيدًا لكن فى داخل كل منا حوائط تعزلنا حتى لو أحاطت بنا أذرع أخرى. فى البداية أحزنته الحقائق ثم بدأ يعتاد لكن العادات يصيبها الضجر والضجر يهدم كل الخطوات لنعود إلى حيث بدأنا. لقد عَلِّم الفتى أننا نركض لأننا خُلقنا لذلك مهما انقض الغبار ومهما امتدت الصحارى وراء أبعاد مجهولة لم يفهمها الإنسان بعد.


أُغمض عينىَّ ثم أفتحها لأرى الرمال تنجرف وراء الفتى سربًا وراء سرب كأفواجٍ من العصافير تسافر إلى الأمد البعيد. يسير مجهول المعالم والاسم تمامًا كما كان فى الماضى، صوت الرياح يصم أذنيه معظم الوقت تقريبًا لكن روحه على الشاطئ تمامًا كما تركها فى رداءٍ طويل أخضر يليق أكثر بالفتيات. لقد كانت آخر أيامه على الشاطئ كما يحب أن يتذكرها. إنه يعمد إلى كشط الماضى الذى لم يُحسن صورته. لقد ختمه الماضى هذا بأختامٍ كثيرة. هناك الكثير من الوصم على جسده كعلاماتِ حرقٍ لكنها ليست مرئية لأحد إلا هو؛ علامات كل الغرف التى غادرها مهزومًا وكل الصحف التى قرأ فيها الأكاذيب وبقعة الدم على رداءٍ قديم وحكايات الوجوه التى غادرت الحياة باكرًا. لقد كان صغيرًا كى يختبر همومه، صغيرًا جدًا ليصادق أناسًا لم يرغب بهم. الرياح تحمل له كل الأشياء التى يهرب منها كرائحة العرق الدائمة للصديق الوحيد الذى تمكن من إيجاده فى الثانية عشرة. يعود طفلًا يركض على جسرٍ مُختلٍ. لقد كان الخطر الوحيد الذى يهاجمه فى أحلامه ومن بعده آلام صغيرة بين ذراعى أمه وصوت أبيه.


الحافلة مستمرة فى طريقها بلا توقف. نسير فى طريقٍ واحد ممتد أبدى. كل الغيوم تسير على اليمين فوق رأس الولد والجانب الأيسر كأنه غير موجود، ليس اليوم ولا البارحة ولا منذ قام الوجود نفسه. لقد كان مسارنا مستقيمًا، يمشى الولد بطيئًا وأنا أتحرك بحافلة متوسطة السرعة ورغم ذلك كنا متوازيين تمامًا. تهطل الظلمة على الحافلة لكن الولد ظل يسير فى أجواءٍ دائمة أشبه بأواخر النهار. يسير الولد كما الملايين على الأرض، يسيرون لكنهم مختفون، لا يمكن لأحد رؤيتهم، لم يلمس أحد روحهم المرتعبة من قبل ولم يقدها أحدٌ لباب الخروج. لكن الفتى مضى من الثانية عشرة للثالثة عشرة، نال أقساطًا أخرى من خيبة الأمل ثم تعلم أن يجلس فى الفراغ مجوفًا كبئرٍ قديمة. رغم أننى لم أستطع تمييز ملامح الفتى لكننى رأيت عينيه كما سمعت أفكاره. إنها العيون البشرية الوحيدة التى تفتحت فيها الورود ثم هطل عليها المطر الأسود وأتى المزارعون ليهلكوا البستان فالورود لن تسد جوع أحد. العيون التى ركضت بجوار كل البيوت بحثًا عن نورها الذى ضاع والعيون التى وضعت ورودها الميتة فى الشمس علها تستفيق. تمضى الحافلة وكذلك الفتى. قدماى ثابتتان لكنى أشعر بالألم فى قدميه. ألاحظ مع الوقت تراكم الغبار على قميصه ويبدو لى أن رمال الصحراء لا تعيق المسير فقط وإنما تريد أن تقبره وتمحو خطاه. لا أراه يبحث عن الشرق أو الغرب. لا أراه يفتش عن أى اتجاه. لقد كان طريقه كطريقى فى ثباتٍ واستقامة كأن الحياة قد لفظتنا ونستنا. أسمع الموسيقى التى يتذكرها كما تتردد فى رأسه. ذاك الولد الذى غطتْ الرمال ظهره بالفعل ومن ورائه تسير المرايا وحذاء قديم وصديق الثانية عشرة مُطأطأ الرأس كأنه يرثيه، كتفاه يوازيان رأسه تقريبًا، لا أستطيع أن أرى ملامحه هو الآخر لكنه يبدو لى من عينيه اللاتى ارتسمتا فى أفكارى كعيون جثة اشتملها البرد للتو.


الولد يريد أن يتذكر شيئًا لكنه لا يستطيع التوقف فينقش كل شىء فى رأسه. إنه حانق، لا يستطيع التعرف على نفسه، الجميع ينظر إليه كأنه صاحب علة لكنه لا يدرى ما يجب عليه أن يصدق. تأخذه الذكرى إلى أحد المرايا على الحائط حيث نظر إلى نفسه بحزن؛ الحزن الذى يشتمل الإنسان حين يفقد الحيلة والسبب. ثم غادرت به الذكرى لمرآة أخرى فى تلك اللحظة البعيدة حين لم يدرِ لمَ كان هذا الولد ولم يكن ولدًا آخر؟ ثم سأل نفسه سؤالًا لا يليق بفتى فى الرابعة عشرة أن يسأله، هل حقًا من ينظر إلىَّ فى المرآة هو أنا؟ 


فى الخامسة عشرة وجد أفكاره منقوشة بالقلم الرصاص فى كراسٍ فوق مقعد صف آخر فثارت ثورته وندم على مشاركتها. لقد أخبر الجميع أنها ثمينة جدًا بالنسبة له، ولا يليق بها أن تُنقل على أوراقٍ رخيصة ثم تُلقى فى الطرقات للرياح ودعسات الأقدام المتعجلة. كان البعض يومئ فقط والبعض يسخر من وراء ظهره والبعض لا يهتم لكنه تعلَّم أن يُقسِم القَسم وحده ويطحن الرياح وحده ويقاسى القبح وحده. لقد كان مقتنعًا فى الخامسة عشرة أن له ظلاً قبيحاً وشرفة تمرر له ما لا يختلف كثيرًا عن ظله. هُزم أيامًا طويلة ونسى روحه أيامًا أكثر طولًا. من ورائه تصحبه رغمًا عنه المرايا وظلٌ قبيح، أوراقه القديمة وبقايا جسد صديق الثانية عشرة الذى كان يتبدد شيئًا فشيئاً كقطعة قماش يمزقها العالم السفلى عن ظهر جثة. باستطاعتى الآن رؤية الرمال وقد غطت رأسه وظهره بالكامل. لا شروق ولا مغيب يمران عليه، فقط نسيم آخر النهار وبقايا الشمس. يسير الولد فى الصحراء وإلى جانبه بحر عميق يغرق وراء شمس الظهيرة التى لا يسير تحتها وتقف عند شاطئه فتاة حزينة خلَّفتها أسراب الطيور كأنها لم تُولد. الطنين يختفى فى صوت البحر، الغربان تسير على الشاطئ تنعق بطريقة عجيبة وتسير ببطء باتجاه جثة قِط. الولد يرى كل شىء لكن رأسه لا تتحرك بحرية. يريد أن يركض باتجاه القط، يريد أن يدفع عنه الذباب ويدفنه تحت الرمال لكنه لا يستطيع لأن قدماه مغروزتان فى صحراءٍ سار فيها ألف عام ثم هطل المطر عليه ألف عام حين فكر بالاتجاه شرقًا بدلًا من السير فى خطٍ مستقيم. صارت الموجات مجرد خطوط متعرجة تسير وراء الفتى وجثة القط والدمعات الباقية للفتاة تحملها الطيور المهاجرة فى سربٍ جديد يقوده الولد. فى الطريق سأل ما السعادة؟ طفق الفتى يفكر أما أنا فكنتُ أعرف أنه يلهث وراء وهمٍ.


لم يفكر الولد فى معنى للسعادة أو غيرها. لقد عاش فى بيتٍ صغير حيث كل المعانى مُسلَّمٌ بها وكل النوافذ تطل على عالمٍ واحد. وعندما غادر النافذة شعر أن الرياح امتدت من كل الصحارى باتجاهه هو؛ رياح كل العوالم التى لم يرها كأنه بقى فى غرفة مظلمة لألفِ عام ثم عبر النور فجأة من تحت جفنيه. تبادرت لذهنه أسئلة ثقيلة، أسئلة أكثر ثِقلًا من تلك التى سألها للمرآة فى الرابعة عشرة. بدأ يبحث عن المعنى، بدأ يتمعن فى الأذى الذى تخلفه الأيام ثم قرر أن يهدم النافذة ويمحو العالم. بدأ الولد يفترض الحقيقة وما وراء الحقيقة لكن الجدران صدمته بحقائقٍ أخرى وكبلت الأمل فى عينيه. فى خضم الثورة لا يستمع المرء للرياح رغم أنها تحمل كل شىء، تحمل حتى رماد بعض البشر الذين خلَّفهم العالم. عندما تشتعل الأصفاد وتسقط نظن خطأً أننا تحررنا لكننا نصل فقط إلى مرحلة جديدة من البحث. الفتى يكره التاريخ. لا يثق به، كما خُيل إليه أن كل شىء قديم لابد أن يلفظه الحاضر كى يستمر الإنسان فى الارتقاء لكنه لم يكن على صواب. كل قديم ما هو إلا ذكرى سواء حياة المرء أو تاريخ أمة أو قيامة بلد. هل إنكار العالم الصغير يخلق عالماً جديداً؟ هل هدم النافذة سيغير ما خلفته تلك النافذة التى جلس وراءها ألف عام فى نفسه؟ لقد كان الفتى على خطأ ولهذا كان عليه أن يمشى فى الصحراء ألفَ عام.


حين طلت الورود من عينيه لم يجد من يسقها بالماء. لقد تجرأ ولدٌ محدود مُختزل فى مساحة ضيقة تسكنها نافذة فى عالمٍ ليس على أحدٍ فيه سوى أن يكون ترددًا. إن لم يكن مميزًا فقد كان مرفوضًا، وكل هذه الجرأة ما كانت إلا وجوده الذى هُيأ عليه. حلت عليه أوقاتٌ كان يرفض فيها أن يفتح عينيه لأن الجميع أخبره أنهما قبيحتان تملؤهما الرمال لكنه عندما يطل فى المرآة كان يرى الورود تُزهر فى عينيه. كانت تطارده فى هذا العالم أجساد ترأسها مكبرات صوتية، تسير وراءه فى كل مكان، تبث الصراخ فى أذنه، وتصحبه لنفس الشوارع الهادئة حيث تلاحقه مخاوفه كلما عبر. فى السابعة عشرة كان الفتى قد اقتنع أن الرمال لا تملأ عينيه لكنهما قبيحتان لا ترصدان سوى شوارع من الكوابيس.


يلومون المرء دائمًا على غيابه من اللحظة الحالية لكن حين يسير الإنسان فى الصحراء ومن ورائه الماضى ومن أمامه يمتد المجهول، لا يجد مفرًا من الفزع. يظل ينظر للخلف ثم يتفادى ما تراه عيناه على امتداد البصر ويشرع فى التصلب على ذراع أوهامه التى تهمس دائمًا فى قلبه وتتأكد من تطلع ناظريه إلى الأفق. فى الصحراء لم يتعرف الفتى على كلمة «الآن» أبدًا. لقد غابت كل اللحظات الحاضرة من تاريخ حياته وعاش ما مضى وما سيمضى. فى الصحراء حيث لا ينقضى النهار ظل هذا المشهد مهيبًا؛ يحترق عمر الإنسان فى الركض دون أن يعى ما هو مدفوعٌ به وما هو مدفوع إليه. هل حاز هذا الولد يومًا على إرادته؟ هل انعكست الشمس على الورود المطلة من عينيه حقًا؟ أم دفعه الموج والرمل؟ كيف يتجاوز المرء هذا الحيز المحدود من الحياة اليومية ليبحث عن أشياءٍ تعذبه، أشياء غير ملموسة. أتسأل عن الإرادة يا فتى؟ سأقول لكَ، سأقول أنهم أشاروا للإنسان هذا الكائن المبهم كأشر مخلوقٍ على الأرض، هؤلاء العميان لم يردوا الاعتراف بهذا الشىء الذى يجوب أدمغتنا، هذا الشىء الذى لو تأملتَ فيه لدقيقةٍ ستدرك كم نحن أشبه بالدمى. الإنسان هلام انصهر نصفه على الشمس والنصف الآخر انصهر على الأرض وهكذا تعيش وتدور وتختفى المفاهيم من حوله. نصف الإنسان فى قدرٍ يألفونه وقدرٍ آخر يحاولون تحاشيه. ما يألفونه يصفقون له وما يتحاشونه يُحملوك مسئوليته وحدك كأنكَ يا ولد قادرٌ على الاختيار. هل تسألنى، أم أنكَ نسيتنى ولم تعد ترانى؟ هل تسألنى يا فتى؟ ألم تدرك بعد أنكَ أنا؟ لكننى تملصتُ منكَ وهجرتكَ. تركتكَ عند النافذة خائفًا مذويًا كبقايا الهلام فى قدرٍ عميق. إنك تنسانى لكنى أذكرك. يتألم قلبى لأنك ركضتَ ألف عام وما زلتَ تركض. ما زلتَ تظن والظنون تخون، ما زلتَ تحاول وتحاول والمحاولات فى وقتكَ هذا كانت نحتًا فى أعمدة السماء. 
على اليمين لم يعد البحر يعدو بمحاذاة الفتى. تلك الشمس التى أنارت صفحاته لم تعد موجودة بعد الآن. لقد حل الظلام. اختفت الفتاة وتباعدت كل السفن وراء النجوم ثم ابتلعت الصحراء كل شىء. موكب الفتى يتفكك، ترحل عنه أشياء وتصحبه أشياء والرمال تلتصق به أكثر وأكثر. تطل الرءوس من شرفات العمائر. كل الغرباء وقفوا ينظرون. تارة يشيعون الولد وتارة يصرخون. كل ما يراه الولد ظلام لكننى أرى وجوهًا صامتة. لم تكن تلك النظرات شيئًا حقًا لكنك يا فتى لم تدرك ذلك. عندما يكبر الإنسان فى العمر تهون له الأشياء وتلين، يظن أنه كان غبيًا لأنه اقترف كذا وكذا لكنه لم يكن كذلك. لقد كان ولدا صغيرا يتخبط فى الدنيا، تؤلمه النظرات ويكره النصائح لأن لا أحد سيقيه من الحياة. كل الآلام كانت حقا ولم يكن لتنقذه منها كلمة. هل ترانى يا فتى؟ هل تنتظر منى أن أنقذك مما أنتَ فيه؟ لا لم أنسْ الخوف الذى تيبس على يديك وذاكرتك حتى جاء وقتٌ نسيتَ فيه مَن تكون وما تريد. لم أنسْ أنك ركضتَ ألف عام وتظن جهلًا أن الركض هو الطريق إلى نفسك. لم تر إلا ما يُقدم لك وكثيرًا ما انتظرتَ يدًا واحدة تسحبك خارج الهزيمة لكن لم يكن هناك واحدة. لقد صرتَ ما فاتنى فأصبحتُ أركض بجانبك علك تنظر إلىَّ، علك تفهم أن كل ما آلمك لم يكن خطأك ولو لمرة واحدة. كل ما آلمك يؤلمنى وأريد أن أطلقه بعيدًا. ربما لا تستطيع النظر للخلف لكننى أستطيع. لقد ذابت مكبرات الصوت عن الأجساد وامتدت الجذور فى الأرض وعلى الرمال -وإن لم تبصر بعد- استوت صفحة السماء تملأ لوحة الصحراء.


إننا لا نؤذى ما آذانا لكننا ندفع ثمن الشفاء. كل ما حدث كان خطأ فى خطأ لكننى نسيتُ وأنتَ لم تنسَ. كانت الحرية تنتظر وراء فهم الألم ولقد أطلقته للرياح عندما رأيتُ الآلام تنخر فى عظامهم. لم يكن شىء مما حدث جديرًا سوى بالشفقة. لا تبرر الألم، فقط اغفر للألم وسيموت كل شىء مهما بدا حيًا. ستنسى الحزن يا ولد وعندما يطالعك مجددًا كأنك زُرت كل المعارك الخاسرة وفقدت كل الدروع، ستهطل الشمس وتدرك أنك لن تعيش طيلة الحياة مهزومًا. ظننتَ أنك ستهزم الصحراء؟ لن أحدثك عن الممكن وإنما سأحدثك عن الأسباب. سأقول إن الأمر لم يكن يستحق. كان الوقت قد حان وقد وجد قلبى حبالاً ذائبة تمسكتُ بها، قررتُ أن أتبعها وحين سامحتُ توقفتَ أنت يا فتى وتوقفت الحافلة وقام الناس وأزهرت من جديد الورود فى عينيك. لم تكن قط فى الصحراء. لقد غادرتَ منذ زمنٍ من بعيد وكل ما بقى الآن هو أنا فسلمنى قدميك لن يؤذى ورودك أحدٌ بعد اليوم.

اقرأ ايضا | قلب البراح

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة