هالة العيسوي
هالة العيسوي


من وراء النافذة

متاهة الإيصال الإلكترونى

هالة العيسوي

الأربعاء، 08 يونيو 2022 - 06:34 م

لا يعرف المواطن من تطبيقات الفاتورة الإلكترونية سوى أنها متاهة جديدة يدخلها صاغرًا بأوامر من وزارة المالية.
مؤخرًا بدأت حركة التجارة، وشركات الخدمات كالكهرباء والغاز والمياة، والاتصالات، فى التحول  التدريجى إلى إصدار الفاتورة الإلكترونية، كبديل عن الإيصال الورقى المعتاد. تسهيلًا على المستهلكين ظهرت شركات التحصيل الإلكترونى الخاصة كطرف وسط بين المستهلك ومقدم الخدمة، وبالطبع تقوم هذه الشركات  بتحصيل مبالغ إضافية نظير عملية التحصيل وتوصيل المدفوعات  لمقدمى الخدمة، ثم يضيف وكلاؤها مبالغ أخرى أقل لصالحهم مقابل حيازة آلات استخراج الإيصال الإلكتروني.  وتقليصًا لأعداد المحصلين لجأت شركات الخدمات، إلى شركات التحصيل الخاصة لتقوم نيابة عنهم «بجمع الغلة» من المستهلكين. ولايخفى أن شركات الخدمات تتعاقد مع شركات التحصيل الخاصة بمقابل، نظير خدماتها وكله من جيب المواطن.

ناهيك عن إضافة أعباء جديدة على المستهلك نظير هذا الإيصال الإلكتروني، مقارنة بقيمة الفاتورة الورقية أو الإيصال المعتاد الذى كان يدفعه مباشرة للشركة مقدمة الخدمة،  والذى يعبر عن الاستهلاك الحقيقى لصاحب الإيصال، فإن ثمة عيوبًا أخرى خطيرة  للإيصال الإلكترونى تضر بحق المواطن فى متابعة استهلاكه وقدرته على مراجعة مقدمى الخدمات لو حدث خطأ فى الحساب، منها مثلًا خلو الإيصال من أى معلومات حول القراءة السابقة والحالية، او حول وجود أقساط مستحقة الدفع من عدمه، أو غرامات أو خصومات، أو حتى الرسوم والضرائب المقدرة على فاتورته، وهى معلومات كانت متوفرة فى الفاتورة الورقية العادية. كل المذكور فى الإيصال الإلكتروني، هو إجمالى المبلغ المدفوع دون أى بيانات تفصيلية وتاريخ الدفع. عيب آخر يكمن فى رداءة طباعة الإيصالات الإلكترونية التى تنمحى بياناتها فى أقل من أسبوع، فيتحول الإيصال الإلكترونى إلى مجرد قصاصة من الورق فى حجم تذكرة الأوتوبيس بلا قيمة.
وجاء قرار وزارة المالية بإلغاء إصدار الإيصالات الورقية بدءًا من أول يوليو القادم والعمل بمنظومة «الإيصال الإلكتروني»، وذلك - حسب الوزارة - لضمان وصول ما يدفعه المستهلكون من ضرائب على السلع والخدمات إلى الخزانة العامة للدولة.

مفهوم أن الدولة دخلت عصر الشمول المالى الذى  يخفض تدريجيًا المعاملات النقدية لصالح البطاقات الإلكترونية، حتى أن وحدات المرور تضيف مبالغ  على فواتير الدفع النقدى للضغط على المواطن وإجباره على استخدام البطاقات الإلكترونية، التى لا يمتلكها العديد من البسطاء فيدفعون أكثر من المستحق عليهم.

وإذا كانت من حق الدولة أن توفر شبكة رقابة شاملة على حجم التداول المالى فى الأسواق لضبط إيقاع الاقتصاد، ولتضييق الخناق على الاقتصاد الموازي، أو السري، فمن واجبها أن تيسر على عموم المواطنين، وألا تتعامل مع الجميع باعتبارهم أثرياء.

وإذا كانت وزارة المالية تعتبرالممولين متهربين من الضرائب، فمن المعيب اعتبار أن مقدمى الخدمات الاستراتيجية كالكهرباء والمياه وما شابه متهربين من الضرائب ولا يؤدون ضريبة القيمة المضافة لخزينة الدولة. لو صح هذا، فالعيب لدى الأجهزة الرقابية، ولا تحملوا المواطن أكثر مما يحتمل. فإما إن يكون الإيصال الإلكترونى اختياريًا، وإما حذف الرسوم الإضافية تمامًا مع ضرورة تضمينه فى كل الأحوال كافة بيانات الاستهلاك.  .


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة