هالة العيسوي
هالة العيسوي


هالة العيسوي تكتب: حق الزبون

هالة العيسوي

الأربعاء، 03 أغسطس 2022 - 05:56 م

ربينا على ان الزبون دايما على حق.  و«الزبون» فى المعاجم هو المتعامل مع مقدم خدمة أو تجارة. أفضّلها كثيرًا عن كلمة «عميل» التى تعنى فى المعجم الجامع من يعامل غيرَه فى شأْن من الشئون، لكنها تحمل أيضًا معنى  سلبيًا كمعنى الجاسوس.

الزبون هنا هو متلقى الخدمة، أى خدمة؛  تعليمية كانت، أو طبية، أو ناقلة، وغيرها من هذا القبيل. وحق الزبون ليس فقط فى حصوله على الخدمة المُثلى مقابل ما يدفعه من أموال، لكن أيضًا التعويض عن أى ضرر أو عناء، أو خسارة تلحق به من سوء أداء الخدمة التى يطلبها.

صحيح أصبح لدينا جهاز لحماية المستهلك، ساهم كثيرًا فى ضبط وتنظيم العلاقة بين التجار والمستهلكين، وفى ضبط الأسواق بالتصدى لأى فساد تجارى يتعرض له المستهلكون ومراعاة تحقيق مستوى المواصفات القياسية المطلوبة للمنتجات. لكن الزبون بمعناه الأوسع يستحق ما هو أكثر من اختصاصات الجهاز.فالمستهلك بكسر اللام أصبح مستهلكًا بفتحها، يحتاج لتوسيع الإيمان بثقافة الحق، والإقرار به، والتعويض عن الضرر الذى يقره القانون، لكن إجراءات إثباته، تجعل المتضرر يزهد فى اللجوء للقضاء.

الأضرار ناتجة فى غالبيتها العظمى من الاستهتار وعدم الإتقان، أو عدم الكفاءة والمهارة.وربما انعدام المحاسبة، لا يكفى لإصلاحها مجرد الاعتذار، أو تصويب الخطأ.

أخطاء الموظفين التى لا يعترفون بها خوفًا من المجازاة، وقد يتواطأ معهم الرؤساء بحجة الحفاظ على سمعة المكان. من يعوض المسافر عن وقته الذى ضاع نتيجة تراخى وكسل سائق حافلة تابعة لشركة نقل خاصة مع أن زمن الرحلة وموعد التحرك والوصول محددان سلفًا، ما ذنب المسافر فى ان تستغرق رحلته مرة ونصف المحدد لها لأن السائق يؤخر موعد التحرك انتظارًا لركاب تابعين له؟ ما ذنب المواطن فى استخراج شهادة وفاة أو ميلاد باسم خطأ وماقد ينجم عنه من تضييع مستقبل دراسى أو الإساءة لخدمته العسكرية الإلزامية، أو تأخير ميراث؟ ما ذنب الطالب المتفوق الذى يحصل على نتيجة خاطئةـ ويدفع رسوم لإعادة التصحيح، وتثبت النتيجة المعدلة  تفوقه؟  ما ذنب المريض الذى يتلقى علاجًا ضارًا اعتمادًا على نتائج خاطئة من معامل التحليل والأشعة، تؤدى الى التشخيص الخاطئ  ولا تظهر آثارها إلا بعد حين؟ ما ذنب المواطن فى كارثة تقع فى منزله نتيجة خطأ صنايعى كل همه أن «ياخد الفلوس ويجري»؟ ما ذنب المشترك إذا انقطعت عنه الخدمة بسبب رداءة  المكونات أو سقوط السيستم ؟ ومن يعوضه عن الوقت الضائع والمصالح المشلولة وربما ضياع صفقات أو تقصير فى العمل؟
أحيانًا يكون الاعتذار هو الحل لدى مقدم الخدمة، ولكن مع عدم اعتراف حقيقى بالذنب،  بمنطق « ما قلنا سوري».  

بعض المؤسسات تحترم الزبون وتصلح أخطاءها  وتقدم  تعويضًا لائقًا، كإجراء خصم، أو منح مجانية لفترة معينة، أو تقديم هدية رمزية، أو تحمل تكاليف إصلاح الخطأ، لكن البعض الآخر، ومعهم الأفراد  يصم أذنيه ويستهين بحق الزبون  فى التعويض طالما لا يوجد مايجبره على ذلك، سواء بالعرف أو بالتشريع. أظننا نحتاج لتفعيل ثقافة التعويض ونشرها لتسرى على الأجهزة الرسمية قبل الخاصة، وعلى المؤسسات قبل الأفراد، ونتخلى عن ثقافة الدروشة بحجج مثل المسامح كريم، ومعلهش، وربنا يعوض عليك.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة