سلوى بكر
سلوى بكر


حوار| المسئولة عن «التراث الحضارى»: إصداراتنا تعرِّف الأحفاد بمجد الأجداد

د.محمود عطية

الأحد، 07 أغسطس 2022 - 10:49 م

«تراثنا العلمى يُذكِّرنا بماضينا وحضارتنا المستنيرة وبقدرتنا ومجد أجدادنا من أفذاذ العلماء فى مختلف تخصصات العلوم والفنون وما قدموه من إضافات قيّمة إلى البشرية كلها، الأمر الذى يُمثل دفعة وتحفيزًا -إذا ما انتبهنا- للمساهمة فى بناء حضارة علمية عربية جديدة.. وسلسلة التراث الحضارى -التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، وترأس تحريرها الأديبة الكبيرة والروائية البارزة سلوى بكر- تذكرنا بذلك.

كيف بدأت هذه السلسلة التى لفتت إليها أنظار المثقفين واجتذبت انتباه المهتمين والمتخصصين، وما مفهومها ورسالتها، وهل هناك معوقات أمامها...؟،  فى الحديث التالى كل ما يهمنا عن تلك السلسلة:

 كيف جاءت فكرة سلسلة «التراث الحضارى» ؟

- البداية جاءت فى معرض الكتاب، حيث كنا نقدم فعالية فى إطاره حول كتاب تراثى حضارى ونستضيف متخصصين فى موضوعه، ونطرحه للنقاش من منظور حضارى، وقد لاقت تلك الفعاليات نجاحًا وحضورًا كبيرًا من جمهور المعرض، والنجاح والإقبال هذا دفع الناقد د.هيثم الحاج علي رئيس الهيئة إلى أن يعرض علىَّ تولى رئاسة تحرير سلسلة تراث، وتقديمها من منظور حضارى.

كررت فى إجابتك مصطلح «منظور حضارى» للتراث.. ماذا تقصدين به؟

أقصد بذلك المصطلح، الأعمال التراثية الفكرية المتراكمة التى أسهمت فى دفع حركة النهضة العلمية العربية الإسلامية، وأسهمت من بعد فى صنع الحضارة الأوروبية، واستفادت منها فى حركات التنوير والتقدم، والمقصود بالمصطلح أيضًا توسيع مفهوم التراث وليس قصره على مفهوم واحد.

ما المقصود بتوسيع مفهوم التراث وما معنى قصره على مفهوم واحد؟

بداية التراث هو كل الإنتاج العلمى والثقافى للحضارة العربية.. وهناك من يقصر ويضيّق مفهوم التراث على المنتج الدينى فقط.. فكان لا بد من توسيع المفهوم بحيث يشمل كل ما أنتجته الحضارة العربية.


 ألم يكن فى الهيئة سلسلة للتراث مماثلة؟!
- بالفعل كانت هناك سلسلة تراثية تصدر، لكن ليست وفق المنظورالحضارى الذى نقدمه وليست بالرسالة ولا انطلاقاً من الهدف الذى نسعى إليه.

وما الرسالة والهدف اللذان تقصدينهما؟

- أولاً لدينا رسالة نتوجَّه بها إلى القارئ المصرى والعربى، وكل قُراء العربية، وهى -ببساطة «ثق بنفسك وبقدراتك فقد كان لديك حضارة علمية عظيمة يومًا.. أفادت العالم وتستطيع أن تستأنفها وتضيف إليها»..والهدف هو «إحياء روح العلم ومنهجه الذى كنا نتبعه، وأوصلنا إلى التقدم العلمى والحضارى».

إذن هناك آلية ومعايير محددة لاختيار ما تقدمونه بالسلسة؟

- لا توجد آلية محددة لاختيار الكتاب التراثى، لأنه ليس لدينا مكتبة خاصة مثلًا عليها رفوف كتب التراث، لذلك أستعين بما لدىَّ من كتب تراثية، وبالمناسبة فأنا عاشقة للتراث، ولدىَّ مكتبة تراثية كبيرة، ويسهم آخرون فى إحضار بعض الكتب والمخطوطات، وهناك متخصصون يتطوعون بما لديهم من كتب نفيسة، ثم نُقيم ما يشبه حلقات النقاش كل 15 يومًا حول ما نحن بصدد إصداره، ويُجرى فحصه ومدى توافقه مع ميثاقنا أو قل للمعايير الحضارية التى أشرت إليها.


 وماذا عن كتب التراث الدينى؟
- نحن لسنا جهة منوطة بنشرها، خاصة أن هناك جهات كثيرة تنشره مثل الأزهر والمكتبات والدور الدينية تنشره سواء كان تراثًا إسلاميًا أو مسيحيًا.. السلسة الحضارية تهتم بالكتب العلمية، كتب فى الطب والهندسة والفيزياء، مثلًا أحضر إلينا د.أحمد هويدى، وهو عالم فى اللغة العبرية، كتابات فى القرون الوسطى لمؤلفين يهود عن تأثر الفرق اليهودية بالفرق الإسلامية فى القرون الوسطى، وهذا الكتاب نفد حين عُرض فى المعرض بالمغرب، وسوف نصدر أحد الكتب المهمة التى كانت مفقودة، وهو بعنوان «الانساب».. وقد قام باحث متخصص بإعادة تجميعه من متون وبطون كتب أخرى.!


هل من دلالة فى إصدار أول كتاب بالسلسلة عن «الفضائل الباهرة فى محاسن مصر والقاهرة» ؟
- الدلالة هنا بالسؤال كيف نأتى بالكتب التراثية العلمية أولًا.. للأسف ليس لدينا كما ذكرت ثبت بتلك المؤلفات، والهيئة فى فترة ما تحت اسم دار الفكر العربى كان لديها كتب تراثية هائلة نشرت، ومعظمها فى مكتبتى الخاصة وبتحقيق محققين عظام من أمثال: عبد المتعال الصعيدى د. مصطفى زيادة.. ومعظم هذ الكتب سُرقت ونُشرت فى الخارج.. ولا أثر لها الآن فى هيئة الكتاب.


 وما موقف جماعة المثقفين من التراث؟
- للأسف جماعة المثقفين منهم من يرفض التراث بكامله بدعوى أن العالم تجاوزه، ويعد متخلفًا، وآخرون ومنهم باحثون يرون التراث فى كل ما هو دينى فقط، لكننا نرى التراث هو كل المنتج الحضارى فى ذلك الزمان، مثلًا نحن أخرجنا كتاب «الأرموى»، وهو أول من نظر فى الموسيقى العربية فى القرن الثانى عشر الميلادى، وأهمية الكتاب فى أننا نعرف من خلاله كيف كنا نفكر فى الموسيقى فى ذلك العصر، وكتب فى الموسيقى علماء آخرون مثل: نصر الدين الطوسى والفارابى والبيرونى، أليست تلك الكتابات تراثًا إنسانيًا، وهو حلقة الوصل بين المعرفة القديمة ومعرفة العصر الوسيط، وتراث «الخوارزمى»، وهو أول من حل معادلة من الدرجة الثانية، والمصريون القدماء واليونانيون حلوا فقط معادلة من الدرجة الأولى، وكل «الخوارزميات» فى التقنيات الحديثة مبنية على ما قدمه الخوارزمى..


هل ما تقومون به يكفى لإحياء التراث العلمى؟
- للأسف لا يكفى.. نحن نواجه صعوبات كثيرة مثلًا ترفض مؤسسات التعاون معنا بدعوى أننا نتعدى على عملهم، وتواصلت معهم حتى ننسق جهودنا معًا ولا من مجيب حتى لا ننشر ما ينشرونه والعكس علاوة على أن العمل فى التراث حاليًا يقوم على جهد جماعى مؤسسى، وليس جهدًا فرديًا كما نفعل فنحن لدينا كم هائل تراكمى من كتب التراث، فحتى نحققه ونخرجه بصورة تصلح للقراءة والفهم نحتاج إلى حشد من المحققين المتخصصين فى فروع العلم المختلفة، مثلًا كتاب مثل «عجائب المخلوقات للقزوينى» يتحدث عن أنواع عديدة من الطيور والزهور، والأشجار والحيوانات، وأشياء كثيرة فنحتاج إلى متخصصين فى كل فرع من هذه الفروع حتى يشرح ما يغمض علينا، يعنى نحتاج إلى جهد جماعى من الباحثين المحققين المتخصصين، وكتاب مثل «تاريخ الآباء البطاركة» لساويرس بن المقفع يتطلب فريقًا بحثيًا متخصصًا فى التاريخ والجغرافيا واللغات القديمة، ولا توجد هيئة لتدريب المحققين بهيئة الكتاب مثلما يحدث فى دار الكتب، والعمل البحثى فى التراث غير جاذب ماديًا، حيث لا يحصل الباحث سوى على 200 جنيه فى الملزمة، علاوةً على غياب ظاهرة المحقق المتخصص علميًا، إذًا هناك معوقات كثيرة أمام تحقيق التراث، ونحن نغزل بما بين يدينا..!

اقرأ ايضا | محمد النعاس يكتب : «الخال ميلاد» ليست عملى المفضل

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة