الجمعة، 12 أغسطس 2022 - 04:58 م

بقلم: محمود سالم

توقفت طويلا أمام كلمات لأستاذ الطب النفسى ومستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة النفسية والتوافق المجتمعى د. أحمد عكاشة لكونها ترسم واقعا وتعبر عن مشاعر كامنة ربما لا يتم الإفصاح عنها صراحة. تلك الكلمات أرى أن تكون فى مقدمة التوصيات التى ينتهى إليها الحوار الوطنى.. 

بداية هو يستشهد بما قاله الحاصل على جائزة نوبل دانيال كاهنيمان أن نهضة أى أمة لا تعتمد على القوة الاقتصادية أو العسكرية أو الموارد الطبيعية وإنما تعتمد على أخلاق المواطنين وأن الإصلاح لا يتم إلا بالتوعية من البداية وإجلال المعلم حتى يشعر بقدسية مهنته فيحترمها ويتحلى بالأخلاق الحميدة مما يجعله قادرا على تقويم نشء معافى نفسيا وأخلاقيا، فاليابان تقدمت لعدة أسباب أهمها تدريس مادة من السنة الأولى إلى السادسة الابتدائى اسمها «الطريق إلى الأخلاق» لتعليم التلاميذ الاخلاق والتعامل مع الآخرين والتربية وغرس المفاهيم والقيم الاجتماعية وبناء الشخصية وليس التعليم والتلقين.

كما تناول أسباب الانفلات الأخلاقى فقال إنها تتمثل فى غياب الضمير وتدهور الصحة النفسية وعدم الرضا النفسى. نحن نعيش الآن فى عصر غنى بالفرص والإمكانيات للتنمية البشرية لم يسبق لها مثيل وإذا كان لديك الطموح والذكاء والقيم يمكنك تسلق جميع الطبقات إلى الأعلى لتحقيق ذاتك أيا كانت نقطة البداية.

والصحة النفسية هى أساس الأخلاق وهى القدرة على التكيف مع ضغوط الحياة بالصمود والمرونة والتحكم فى العصبية أى إدارة الغضب ، وهى التى تخلق القدرة على العمل والعطاء بحب وإتقان.

كلام د. عكاشة طرحه أمام الملتقى النوعى الأول لمؤسسة المصرى اليوم عن الجامعات والطلبة الجدد بحضور نخبة من كبار المسئولين والخبراء تطرق خلاله لقضية التطرف مشيرا إلى أن التجارة بالدين بضاعة رائجة فى عصور التخلف الفكرى رغم أن الإسلام دين الرحمة والتسامح والعمل الصالح، مستشهدا بالشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم الذى قال «يتحرش باسم الدين ويُحرم باسم الدين ويُكفر باسم الدين ويحرق باسم الدين، يفعلون كل شىء باسم الدين ولا يعرفون عن الدين سوى تعدد الزوجات! وقال د. عكاشة إن الغرض من الحياة هو السعادة ومحاولة علاج القلق اليومى والغضب واليأس.

والتعليم هو أساس الأخلاق والصحة ولذا يجب البدء بالمدرس والطالب اللذين يبنيان إنساناً ووطناً، والابتكار والوعى والإدراك والفهم الصحيح والقضاء على الفكر المتطرف لن يحدث إلا بنوعية تعليم جيد.. إن الذين يمارسون الكذب والنفاق والرشوة بلا حرج يحسون بالذنب فقط إذا فاتتهم إحدى الصلوات!

وبعد.. إذا كان د. خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى قد أكد مشكورا خلال اللقاء إنشاء عدة جامعات حكومية وخاصة وأهلية على أعلى مستوى فالمهم والأهم هو إعداد المادة الخام من تلاميذ الابتدائى والإعدادى والثانوى تعليميا وأخلاقيا مثلما فعلت اليابان!