هشام عطية
هشام عطية


قلب مفتوح

الاستاذ عمر

أخبار اليوم

الجمعة، 26 أغسطس 2022 - 07:18 م

 لا أدرى كم مرة سقانى الموت كؤس علقم الفقد المر، لم أعد قادرا على أن احصى هزائمى فى معارك إجبارية دخلتها دون ارادة منى أمام الموت الذى اختطف منى كثيرا احبابا وغوالى، ولكن ما ادريه جيدا أننى اعتدت الهزيمة، وأن مرارات غياب الاحباب لم تعد تغادر حلقى، وأننى ابيضت عيناى من الحزن على الذين رحلوا والذين مازالوا على طريق الرحيل وآخرهم الانيق حرفا والوسيم شكلا صديق العمر الاعز الأستاذ محمد عمر مدير تحرير اخبار اليوم.

فى مساء الجمعة قبل الماضية كان الأستاذ عمر معى يمارس هوايته المفضلة فى نشر البهجة بين من أحبوه بصدق يفرش الأرض من حولنا فرحا، ولو كنت أعلم انها اخر مرة سأراه ما كنت تركته بالمرة، وفى ليل الأحد كنا نزفه بالدموع ونودعه الثرى مثوانا الحتمى الذى لافرار منه، وكأن الثرى يريد ان يذكرنا جميعا بأننا اولاد الثرى منه خلقنا واليه نعود.

بحروفه الأنيقة كتب الأستاذ محمد عمر فى اواخر كتاباته مقالا بعنوان «انك لميت» يرسم فيه بروعة وابداع مشهد نهايته كما حدثت فى الحقيقة محمولا فى صندوق حشبى متخيلا أنه قد كشف عنه غطاءه فبصره حديد، وأنه وباسلوبه الفريد فى الكتابة وهو مكفون  لاحول له ولاقوه يتفرس فى وجوه مشيعيه ليرى من احبه وحزن عليه بصدق ومن كان يمثل الحزن.

أذا كنت ياصديقى تنبأت وجسدت مشهد رحليك وقبل أن تغادرنا بكل هذه الروعة والشفافية، فدعنى اجيب تساؤلاتك التى شغلت ذهنك قبل الرحيل. اطمئنك ان غيابك ترك جرحا غائرا فى قلوب جميع اصدقائك وتلاميذك الذين التفوا حول نعشك يمنحوك حبا صادقا ربما لم تكن تتصور وأنت حى ترزق أنهم يكنون لك كل هذا الحب، حزنوا عليك كأنهم لم يحزنوا من قبل، كلهم وبقلوب صافية تضرعوا ياصديقى الحبيب الراحل إلى الحق العدل أن يضعك فى عليين وفى نعيم مقيم بما يليق بصفاء قلبك ونقاء سريرتك.

دعنى أخبرك وانت الان وبالرغم من موتك تعيش الحياة الحقيقية ان إشارات نورانية كثيرة ضوت لحظة دفنك، فقد دخلت إلى قبرك وصوت اذان العشاء يعلو من الأرض إلى السماء، تصاحبك نسمات عليلة طرية رغم حر أغسطس الشديد، وألسنة وقلوب تدعو إليك بدعوات صادقة بأن تكون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.

يقولون يافيقدى العزيز أن ما بعثرته الحياة تجمعه القبور، وانا ادعو وكلى يقين أننى سألقاك وانت وكل الأحبة الذين رحلوا عن دنياينا ولم يرحلوا من قلوبنا ولو بعد سنين وأرجو أن يكون اللقاء قريبا.
 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة