أميمة كمال
أميمة كمال


أميمة كمال تكتب: عندما يتكلم الصامتون

أخبار اليوم

الجمعة، 30 سبتمبر 2022 - 07:15 م

ماذا سيصبح عليه العالم لو كثر فيه أمثال تلك الفتاة الأمريكية التى دفعت والدها جون بركنز الى الاعتراف بالأعمال القذرة التى تقوم بها الشركات الامريكية لتركيع الدول النامية واستنزافها لإدخال المليارات لخزائن الشركات.. فعندما صارحها والدها القرصان الاقتصادى بمخاوفه من مغبة إعلان توبته فى كتاب يفصح فيه عن ماهية عمله كونه واحدا من الخبراء المحترفين الذين يقومون بسلب الدولارات بالخداع، بحيث يحولون المال من المؤسسات مثل البنك الدولى وهيئة المعونة الامريكية وغيرها ليصبوه فى خزائن الشركات.

وجيوب العائلات الثرية فى البلد المقترض، من خلال فبركة التقارير المالية واختلاق مبررات للقروض الدولية لإنشاء مشروعات بدعوى مساهمتها فى النمو. وبعدها يتم إغراق الدول بالديون. وتصبح هدفا سهلا لتنفيذ مايُطلب منها.

عندما صارح ابنته بخوفه من نشر اعترافاته قالت: «لاتخف لو استطاعوا النيل منك، سأكمل الطريق من أجل الاحفاد»، ويبدو أن طيفا من ذلك الطفل الأمريكى الطيب ظل يعيش بداخله لأنه يحكى كيف تعاطف مع قبائل الاكوادور التى قررت الوقوف فى وجه شركات البترول الامريكية، التى دمرت قراهم من أجل السيطرة على مواردهم الطبيعية.. ووصف ذلك بأنه حرب من أجل المال والقوة، لحفنة من الرجال الشرهين لإمبراطورية امريكية..

وبذلك اختفت مساحات شاسعة من الغابات وأوشكت حضارات على الاندثار.. وقال بسبب عملى وزملائى تم تخريب ذلك البلد المسالم، وساءت أحوال شعبه. خاصة بعد أن قامت مخابرات بلاده باغتيال زعيم الاكوادور خايمى رولدوس فى ١٩٨١.. بعدما أصدر قانونا ثوريا يعيد تشكيل علاقة الدولة بشركات البترول.. ويعتريه الخجل ثانية من جعل دولة بنما ترزخ تحت وطأة الديون خاصة بعد أن قابل زعيمها عمر توريخوس، وتأثر بشخصيته واهتمامه بالفقراء والمهمشين وتصميمه على استقلال بلاده عن السيطره الأمريكية. لذلك عندما علم بأن زعيم بنما قد قُتل فى حادث طائرة، لم يشك أنها بأيادى المخابرات الامريكية.. وعندها تذكر العبارة المكتوبة على إحدى حوائط بنما «لم تُخترع الآلة التى تستطيع قتل الأهداف النبيلة».

وتساءل فى الكتاب الذى أسماه (اعترافات قرصان اقتصادى) كيف استطاع الطفل اللطيف أن يقوم بتلك الأعمال القذرة. أما عن الترجمة التى قام بها دعاطف معتمد ومصطفى الكنانى فقد أضافت الكثير لروعة الكتاب،الذى ترجم فى ٢٠٠٨. ولم اقرأه إلا الآن.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة