هالة العيسوي
هالة العيسوي


هالة العيسوي تكتب: أكتوبر النصر.. ومعركة تشكيل الوعى

هالة العيسوي

الأربعاء، 05 أكتوبر 2022 - 06:49 م

فى مثل هذا اليوم من العام الماضى كتبت مقالًا بعنوان «آسفين أيها النصر العظيم»  ذكرت فيه ضمن ما ذكرت: «إن تناول نصر أكتوبر فى المناهج الدراسية لا يرقى أبدًا للإبهار العالمى الذى أحدثه هذا النصر وكأن واضعى المناهج يخجلون من الإسهاب فى شرحه، وأن كل ما يذكر هو بضعة سطور بلاغية لا تفى بغرض التوعية بالظروف السياسية والتاريخية التى أحاطت بهذا النصر العظيم وأدت إليه. ولا تؤدى إطلاقًا لاستنهاض مشاعر الفخر والولاء لهذا البلد». 

ما يستفز المرء أن تجد الخصم المهزوم فى تلك الحرب، يولى هذا الحدث اهتمامًا أكبر، ويحرص على تلقين طلاب المرحلة الثانوية دروسًا مطولة عن حرب يوم الغفران، أسبابها ودوافعها والظروف الإقليمية التى أدت إليها، ويعرفهم أسماء القيادات السياسية والعسكرية ووظائفهم إبان الحرب، ولا يكتفى بهذا، بل يعرفهم أسماء القيادات السياسية والعسكرية بمصر وسوريا، مع صورهم بدءًا من السادات وحافظ الأسد مرورًا بالفريق سعد الدين الشاذلى وعبد الغنى الجمسى وصولا إلى حافظ إسماعيل مبعوث الرئيس السادات.

ويقرر عليهم  قراءة أهم الكتب العبرية التى صدرت عن تلك الحرب وهو كتاب «المحدال» (التقصير) الذى صدر بالعبرية وهو شهادة عن حرب 1973 كما رآها صحفيون إسرائيليون ممن خدموا كمراسلين عسكريين أو ضباط احتياط خلال الحرب. والكتاب شهادة عن الحرب يرويها أشخاص مطلعون على بواطن الأمور، ويركز على تقصير الجيش الإسرائيلى. 

يدهشنى اهتمام الخصم المهزوم بتشكيل وعى أجياله، بتعليم شبابه الذين لم يشهدوا تلك الحرب وربما سمعوا عنها من أجدادهم وآبائهم. يتم ذلك بعدم الاكتفاء بالشرح النظرى والخرائط، إنما بعرض فيديو مدته عشرون دقيقة يشرح أسباب الحرب من وجهة نظر إسرائيلية، ونتائجها وعواقبها والاستعانة بفيلم رسوم متحركة عن نفس الموضوع، بناء على ذلك يقوم بعده الطلاب بشرح أسباب دهشة إسرائيل عندما اندلعت حرب يوم الغفران.

قد أفهم أن التطورات السياسية تفرض تواؤمات تقضى بالحرص على إزالة الأفكار والمعلومات التى تحرض على كراهية الآخر. لكن نظام التعليم نفسه فى إسرائيل كما يشير الصحفى إيتان نيشين، لا يبلغ ذروته فى الجامعة، بل بالخدمة العسكرية؛ حيث يتم التحدث عن الجيش كواجب اجتماعى، كمكان لتحقيق الذات، أما المدرسة فهى مكان لتشكيل جنود المستقبل. إن الروح المهيمنة هى الخدمة العسكرية كإجماع. وها هى دولة الاحتلال تحذف من مناهج الكتب الدراسية وخرائطها خط التقسيم الصادر عام  1949، ففى نظر الرواية الإسرائيلية الرسمية، لا تستحق قصة الفلسطينيين أن تُروى لأنهم ليس لديهم ماضٍ أو مستقبل. ولأن نظام التعليم الإسرائيلى يصور الفلسطينيين حتمًا على أنهم الخصم أو العقبة فى طريق الإسرائيليين الذين يعيشون فى سلام.

على أية حال أظن أننا الأجدر والأحق بالاحتفاء بنصر أكتوبر المجيد، والواجب علينا عدم ترك وعى الأجيال الشابة عرضة للعبث بعقله وتزييف التاريخ. ومن الضرورى تعميق مناهج التاريخ والتربية الوطنية، لخلق أجيال تزهو بانتصارها وتعتصم بولائها لوطنها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة