حمدي رزق
حمدي رزق


حمدي رزق يكتب: البوسطجى

حمدي رزق

الإثنين، 10 أكتوبر 2022 - 08:35 م

لفتنى الاحتفال بـ «اليوم العالمى للبريد»، ولفتنى أكثر، مقولات المؤلف «دانيال بوست سينينج»، المتحدث باسم معهد «إميلى بوست» قائلا: هناك بعض المواقف التى تكون فيها الرسالة المكتوبة بخط اليد هى أفضل شكل من أشكال الاتصال، وهى أحسن بكثير من أى بديل رقمي، حيث إنها تعتبر الأداة المناسبة للتعبير عن الامتنان أو تقديم التعازى».


يقول أيضا: «الرسائل المكتوبة بخط اليد هى أداة قوية فى صندوق الذكريات، ولا يمكن لأحد أن يستخف بالرد على رسالة مكتوبة بخط اليد».

عنده حق، أفتقد بشدة وأجيال سبقت خطابات البريد، أعاد إلينا «سينينج» ذكريات عبرت، كان ساعى البريد شخصًا مميزا محببا لناس الحارة الطيبة، إذا أطل من على الناصية باكرا بجاكيته الكاكى بأزراره النحاسية وخطوته النشيطة، وبصوته الجوهرى ينطقها ممطوطة «بوستااااا»، كنا صغارا نخف سراعا لاستقباله بغبطة وسرور، ونتحلق من حوله.. ونسلقه، الرجل الذى يحمل البشرى.

من جعبته الجلدية تحت ابطه، يخرج خطاب من حبيب غائب أو صديق حميم، رسالة ترد الروح المتعبة من قسوة الفراق،كم حمل إلينا الرجل الطيب بشريات أحالت أيامنا سعادة، وانارت بيوتا كانت مظلمة، وردت الروح فى نفوس متعبة .

ونادرا ما حمل «مبكيات» فى تلغرافات عاجلة، كان التلغراف عادة ما يثير القلق حتى يفضه ليقرأه بنفسه، وكأن قارئاحصيفا، فإذا كان خبرا حزينا يترفق، ويتحسس كلماته، تخرج مترددة، وإذا كان الخبر سعيدا تهلل وجهه، كانت الأنفاس تتلاحق مع قراءته المتلعثمة حتى الكلمة الأخيرة.

اختفى البوسطجى «ساعى البريد» الطيب من حياتنا، وحل محله «الفيسبوك»، صار «ساعى البريد» ذكرى جميلة فى أفلام الأبيض والأسود.


ضاع «صندوق الذكريات» فى لجة الفضاء الإلكترونى، صارت مراسلاتنا سرابا، بين لايك «بارد» وايموشن «ايموجى» ثلجى، خلوا من المشاعر الدافئة، لا تترجم أبدا محبة أو غبطة.


معلوم فى الفضاء الإلكترونى تشوه المشاعر، وتختلط المعاني، لا تعبر البتة عن عواطف جياشة كالتى كانت تسيل بهاالأقلام المغموسة فى حبر القلب يحملها ساعى البريد دافئة المشاعر .


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة