نوال مصطفى
نوال مصطفى


نوال مصطفى تكتب: ليلة خاصة جدًا

نوال مصطفى

الأربعاء، 19 أكتوبر 2022 - 04:49 م

كنت أضع يدى على قلبى خوفًا من أن أذهب إلى القاعة الواسعة الفسيحة، ولا أجد غير عشرة أو خمسة عشر شخصاً على الأكثر. فهذا المشهد كثيرًا ما رأيته فى العديد من الندوات أو الملتقيات الثقافية أو الأدبية. الموقف يكون أسهل عندما تكون ضيفَا، لكن حينما تكون المسئول الأول عن تنفيذ الفكرة يصبح الأمر مقلقًا، موترًا للغاية.

فكرت مع مصطفى حمدى، رئيس الشركة العربية الحديثة للنشر، فى تأسيس أول صالون أدبى لـ «روايات مصرية للجيب». وجرى الإعداد له على مدى شهر كامل، فكرنا أن يكون الهدف الأول للصالون الأدبى هو «استعادة الروح الخلاقة» التى خلقها مشروع «روايات مصرية للجيب» عندما بدأه حمدى مصطفى، الناشر الذى سبق عصره، بحث فى ربوع مصر عن الشباب المبدع الذى يحلم بفرصة تحتضن أحلامه، وتخرج إبداعاته إلى النور. كذلك كان حلمه الشخصى هو أن يربط الشباب من النشء بالكتاب والقراءة، ويفتح آفاق خياله مبكرًا لشغف القراءة والمعرفة. من هنا بدأ مشروع «روايات مصرية للجيب» الذى اكتشف عشرات الكتاب والرسامين، وأصدر مئات الآلاف من العناوين، فى سلاسل شائقة من أدب المخابرات والجاسوسية، وكذلك الخيال العلمى، والكوميكس. ولمع مع هذه السلاسل أسماء ارتبط بها شباب أجيال الثمانينات والتسعينات، ولا تزال تلك السلاسل مطلوبة حتى الآن، ويعاد طبعها،  نجوم «روايات مصرية للجيب» أهمهم دكتور نبيل فاروق، ودكتور أحمد خالد توفيق رحمهما الله، والكاتب الرسام خالد الصفتى.

امتلكنى الرعب من أن يتكرر المشهد الذى عشته كضيفة وليس كمسئولة عن حدث ثقافى مهم، أن يكون الحضور ضعيفًا، ونجد أنفسنا بعد كل هذا الجهد لتدشين صالون أدبى له أهداف محددة، ورؤية واضحة، كأننا نحرث فى المياه، فلا مجيب ولا مهتم.

لكن ما حدث فاق توقعاتى، وأحلامى، وجدت اهتمامًا وحضورًا من كل أطراف الثقافة والأدب. الحدث الثقافى الذى أحدثكم عنه أقيم فى مبنى القنصلية بوسط البلد بالشراكة بين «الشركة العربية الحديثة» ومنصة «اقرأ لى». اتفقنا أنا ومصطفى حمدى راعى هذا الحدث أن يكون من تقاليد الصالون أن يكون مكونًا من جزأين، الجزء الأول يستضيف أحد كتاب روايات مصرية للجيب، أما الجزء الثانى فيستضيف كاتبًا أو فنانًا من خارج كتاب الدار، وذلك من منطلق أن هدفنا هو خلق حالة ثقافية، فنية، وبؤرة إشعاع تجذب الشباب مرة أخرى إلى هذا العالم الساحر الجميل، عالم الكلمة وشغف المعرفة.

الروح التى غمرتنا جميعًا فى تلك الليلة الجميلة من الصعب أن توصف، الحوار الذى جرى على المنصة بينى أنا وخالد الصفتى ومصطفى حمدى كان نابضًا، متدفقًا، ثم انتقل الحوار واتسعت الدائرة ليشارك الحضور فى الحوار ويحدث التفاعل الخلاق بين الأفكار والاقتراحات، الحضور كان مشعًا بأسماء كتاب كبار أمثال أحمد الخميسى و أحمد القرملاوى، وفاطمة ناعوت، ومجدى صابر، ومحمود رضوان، والمايسترو كريم جوهر، والممثل محمود العزازى، والشاعر صلاح عطية وآخرين.

بالإضافة إلى أدباء شباب تلمع عيونهم بوهج الموهبة، وتنطلق عباراتهم بأحلام ومشروعات إن شاء الله ستتم دراستها وتنفيذ ما يتوافق منها مع سياسة النشر فى الشركة والمشروع الذى يفتح أبواب الأمل أمام المبدعين من الشباب.

الفقرة الثانية من الصالون كانت أكثر من رائعة. تحاورنا خلالها مع الدكتورة فادية عبد الجواد، وهى صاحبة تجربة إنسانية فريدة وملهمة، فقدت حاسة السمع وهى طفلة واستمرت صماء لمدة 33 سنة، لكنها تحدت الإعاقة ودخلت كلية الطب وتفوقت فيها. سجلت دكتورة فادية تجربتها الإنسانية فى كتاب عنوانه «أنين الصمت» وعاش معها جمهور الصالون بكامل إحساسهم، رأيت لمعة فى العيون تأثرًا، وانبهارًا بالإرادة والإصرار على النجاح رغم كل الصعاب.

وفى النهاية فاجأنا مصطفى حمدى بالإعلان عن مفاجأة تدشين الصالون وهى «إطلاق مسابقة روايات مصرية للجيب» للكتاب والموهوبين فى الكتابة والرسم، السيناريو والحوار والكوميكس.. ألم تكن فعلًا ليلة خاصة جدًا؟.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة