نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

لا غارمات.. بالقانون

نوال مصطفى

الأربعاء، 26 أكتوبر 2022 - 05:51 م

منذ أن استمعت إليهن وإلى قصصهن التى توجع القلوب، قررت أن أحمل تلك الصرخات المكتومة إلى المجتمع والرأى العام. وكانت سعادتى كبيرة عندما تفاعل المجتمع مع هذه القصة وتعاطف مع أبطالها البسطاء، البؤساء، وبدأ ينتبه إلى هذه القضية الإنسانية القاسية.

إنهن «سجينات الفقر» اللاتى واجهن أكبر محنة فى حياتهن، محنة السجن بعيدا عن أطفالهن الأبرياء الذين دفعوا هم أيضًا ثمنًا فادحًا لسجن الأم، من تشرد ووصمة اجتماعية من الصعب التخلص منها أو محوها..

قضية «سجينات الفقر» التى احتلت تفكيرى، بحثت كثيرًا أنا وفريق عمل جمعية «أطفال السجينات» عن حلول لعلاج القضية من جذورها. كانت الفكرة وليدة المعايشة، والتعمق فى عشرات بل مئات القصص الحقيقية لنساء بائسات، قاسيّن الأمرين نتيجة وقوعهن فى فخ الدين، واستغلال بعض التجار الجشعين معدومى الضمير لظروفهن..

قررت أن أستعين بالخبراء فى القانون، والاقتصاد، والمجتمع المدنى، على أن يكون نواب الشعب هم الشريك الأهم لإنجاح تلك الفكرة، وتقديم حلول عملية، واقعية، قابلة للتنفيذ لحماية هؤلاء النساء الفقيرات، اللاتى ليس لديهن الحد الأدنى من الوعى القانونى، من خطر السجن وتشريد أطفالهن كنتيجة حتمية لهذا المصير.

قمت ببحث طويل تضمن تجارب دول عديدة فى مواجهة هذه المشكلة، وبعضها دول عربية. ورأيت فى «العقوبات البديلة» لعقوبة السجن مدخلا مناسبا لهذه الحالة. دعوت إلى تشكيل التحالف الوطنى لحماية المرأة بالقانون ولبى الدعوة أكثر من 35 جمعية أهلية مهتمة بتلك القضية، وكذلك شاركنا عدد كبير من نواب ونائبات البرلمان. أقمنا أكثر من عشر موائد مستديرة خلال السنوات الأربع الماضية، وتقرر تأسيس ثلاث ورش عمل الأولى؛ قانونية لبحث التعديلات المطلوبة فى القانون الجنائى المصرى من أجل حلول أكثر رحمة وعدالة بالنسبة لتلك الحالات.

الورشة الثانية؛ كانت خاصة بالحلول الاقتصادية التى تتيح للنساء الفقيرات الاقتراض الآمن، والمساعدات المجتمعية التى تغنيهم عن شر اللجوء إلى التجار معدومى الضمير أو بعض شركات وجمعيات الإقراض التى تتاجر فى فقرهن. أما الورشة الثالثة؛ فكانت خاصة بالإعلام والثقافة، هدفها الأول هو خلق مناخ صحى يتفهم أبعاد القضية ويقوم بالتوعية بين النساء الفقيرات لتعديل السلوك والعادات المجتمعية التى تدفعهن إلى الاستدانة والتوقيع على بياض.

حصيلة هذا الجهد المخلص أعلناها فى مؤتمر صحفى الأسبوع الماضى، بحضور النائب المحترم عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، والمستشار محمد عمر القمارى المستشارالقانونى لوزيرة التضامن الاجتماعى، ورئيس اللجنة الوطنية للغارمين والغارمات. كان هدف المؤتمر هو تقديم مشروع القانون الذى تقدم به النائب عبد المنعم إمام، وقد استطاع النائب المحترم الحصول على توقيع أكثر من 60 نائبا على هذا المشروع.

شرح النائب التعديل المطلوب فى المادة 341 من القانون الجنائى، ويدور حول ضرورة إثبات مدنية العلاقة فيما يتعلق بإيصالات الأمانة. أصبح المشروع جاهزًا لإدراجه فى أجندة مجلس النواب الموقر، وهو إنجاز نعتز به، وثمرة سنوات طويلة فى البحث المخلص الدءوب لحل قضية «سجينات الفقر» فى مصر. كذلك تتضمن الرؤية بعض الحلول الاقتصادية، الثقافية، والتوعوية، التى سوف يعلن عنها السادة النواب فى هذا المؤتمر بإذن الله.

لقد بذلنا جهدًا مخلصًا من أجل حماية عشرات بل مئات الآلاف من النساء وأطفالهن من خطر السجن بسبب الفقر والعوز وقلة الوعى، وأنا على يقين من أن هذا الجهد سيرى طريقه إلى التشريع والتقنين من خلال مجلس النواب الموقر، والقيادة السياسية الحكيمة الرشيدة.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة