الأديب بهاء طاهر
الأديب بهاء طاهر


الأديب بهاء طاهر: وشوشة في الأذن

أخبار الأدب

السبت، 05 نوفمبر 2022 - 02:35 م

أتيتُ إلى عالم بهاء طاهر متأخرة. 
حدث ذلك قبل سنتين، فى 2020، أثناء ماراثون القراءة الخيرى الذى اعتدنا أن نقيمه فى المكتبة بين فترةٍ وأخرى. وكنتُ فى حاجة إلى عملٍ صغير أستطيع إتمام قراءته فى يومٍ ويمثّل لى اكتشافًا. فى ذلك اليوم قرأتُ «شرق النخيل»، أولى قراءاتى لبهاء التى أعقبها «واحة الغروب» و «نقطة النور»، التى لسببٍ ما، لم يكن لها تأثير «شرق النخيل» علىّ، وإن كنتُ أحببتها بدورِها. 


كانت «شرق النَّخيل» هى طبيعة الأدب الذى أحبُّ قراءته أكثر من غيره؛ فهو مقتصِد، متوتّر، الكثافة فيه تبدأ من اللغة وتنتهى فى القلب. يمزج بعفوية بين ما هو سياسى وما هو اجتماعى وعاطِفى. كانت مثالًا مثاليًا لمقولة إدوارد سعيد بأن «الممتع فى الأدب هو درجة امتزاجه بالأشياء، وليس نقاوته».


فى 2020 كفرتُ تقريبًا بما يسمى «الوحدة الموضوعية»، ووجدتها طريقة لخداع القارئ بكتابة شىءٍ «نظيف ومقطّر» وقابل للتصنيف بسهولة، وأعتقد بأننى واصلتُ القراءة لبهاء طاهر لهذا السبب تحديدًا؛ لأننى قادرة على قراءة نصوص تشتبك مع العالم عبر التعقيد لا التبسيط، عبر المعادلات اللا خطية التى ليس لها إجابة واحدة، التى تورق فيها «الموضوعات» أو «الثيمات» عفويًا مثل قطافٍ مُر ولاذع، شىء لن تجد معه الراحة مهما حاولت. 


إن أجمل ما فى أدب بهاء طاهر، عندى، هو أنه قادر على أن يكون بسيطًا ومركبًا معًا.ولا شك أنَّ رحيل بهاء طاهر مؤلم لقرائه ومحبّيه، فما بالك بأصدقائه وعائلته؟ وأنا لم أكن محظوظة بما يكفى للاقتراب من شخصه.

ومع ذلك لم أشعر حتى بالاضطرار إلى ذلك، لأن نصوصه قريبة إلى القلب وتشبه وشوشةً فى الأذن، ولأن أسئلته الوجودية التى ينكشها بخفةِ يدٍ هى أكثر أسئلتى إيلامًا، ولأنه أصبح منذ أول كتاب قرأته له، أحد معلمىّ.  


ألف رحمة ونور يا سيّدى..

اقرأ أيضا | بهاء طاهر: الصورة التى لم يفسدها توقيت صافى ناز الخاطئ

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة