ريزان العرباوي
ريزان العرباوي


أنا و« ويجز » وهواك

ريزان العرباوي

الخميس، 10 نوفمبر 2022 - 11:37 ص

يجلس‭ ‬منير‭ ‬مراد‭ ‬ممسكا‭ ‬بالعود‭ ‬في‭ ‬سهرة‭ ‬غنائية‭ ‬يمارس‭ ‬موهبته‭ ‬المميزة‭ ‬في‭ ‬محاكاة‭ ‬كبار‭ ‬الفنانين‭ ‬والملحنين‭ ‬طريقة‭ ‬وأسلوبا‭, ‬غنائا‭ ‬ولحنا‭, ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬المذيع‭ ‬غناء‭ ‬مقطع‭ ‬من‭ ‬أغنية‭ ‬“أنا‭ ‬والعذاب‭ ‬وهواك”‭ ‬بأسلوب‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬تارة‭, ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش‭, ‬فيبدع‭ ‬وتعلو‭ ‬أصداء‭ ‬تصفيق‭ ‬الحضور‭, ‬يواصل‭ ‬التقديم‭ ‬بطريقة‭ ‬محمد‭ ‬فوزي‭ ‬وبكل‭ ‬سلاسة‭ ‬ينتقل‭ ‬بالكوبليه‭ ‬إلى‭ ‬أسلوب‭ ‬رياض‭ ‬السنباطي‭ ‬والشيخ‭ ‬زكريا‭ ‬أحمد‭ ‬وسيد‭ ‬درويش‭ ‬في‭ ‬اللحن‭, ‬يزداد‭ ‬الحماس‭ ‬وتعلو‭ ‬الهتافات‭ ‬مرددة‭ ‬“الله”‭, ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬دقائق‭ ‬معدودة‭ ‬ضمن‭ ‬تسجيل‭ ‬صوتي‭ ‬نادر‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭, ‬المدهش‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬براعة‭ ‬منير‭ ‬الفنية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬حملته‭ ‬الثواني‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬مفاجأة‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬وقعها‭ ‬هذا‭ ‬الإندهاش‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬التسجيل‭ ‬الآن‭, ‬وذلك‭ ‬عندما‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬المذيع‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬الأغنية‭ ‬بشكل‭ ‬تخيلي‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يؤول‭ ‬إليه‭ ‬الوضع‭ ‬الغنائي‭ ‬بعد‭ ‬20‭ ‬سنة‭, ‬ليقدم‭ ‬الأغنية‭ ‬بطريقة‭ ‬أشبه‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬حاليا‭ ‬بأغاني‭ ‬“المهرجانات”‭.‬

أشعر‭ ‬بالإمتنان‭ ‬للسوشيال‭ ‬ميديا‭, ‬التي‭ ‬أتاحت‭ ‬تدوال‭ ‬مقطع‭ ‬بهذه‭ ‬القيمة‭ ‬الفنية‭ ‬النادرة‭, ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬منير‭ ‬فنان‭ ‬متعدد‭ ‬المواهب،‭ ‬سابقا‭ ‬لعصره،‭ ‬يمتلك‭ ‬بعد‭ ‬نظر‭ ‬برؤية‭ ‬فنية‭ ‬مميزة‭ ‬تتدرس‭.‬

والجوهر‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭, ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬الجدلية‭ ‬التي‭ ‬تصاحب‭ ‬أي‭ ‬تغيرات‭  ‬تطرأ‭ ‬على‭ ‬الفن‭ ‬وأنماطه‭ ‬المختلفة‭, ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تشكل‭ ‬صدمة‭ ‬ربما‭ ‬لجيلي‭, ‬فيتسع‭ ‬المجال‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬الفجوات‭ ‬الزمنية‭ ‬وفكرة‭ ‬صراع‭ ‬الأجيال‭ ‬والهوة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬أفكار‭ ‬ومعتقدات‭ ‬جيلين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭, ‬ومن‭ ‬البديهات‭ ‬أن‭ ‬يتسم‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬بالإختلاف‭ ‬وربما‭ ‬التمرد‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬الجيل‭ ‬السابق‭ ‬له‭, ‬الإشكالية‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬صراع‭ ‬الأجيال،‭ ‬لكن‭ ‬جيل‭ ‬الثمانينات‭ ‬شهد‭ ‬ثورة‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وعاصر‭ ‬بداية‭ ‬مولدها،‭ ‬فهو‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التعاطي‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬مفردات‭ ‬العصر‭ ‬الجديد،‭ ‬قارئ‭ ‬جيد‭ ‬للغته‭ ‬وللمشهد‭ ‬برمته‭, ‬لذلك‭ ‬يرفض‭ ‬أن‭ ‬يشبه‭ ‬بأهل‭ ‬الكهف‭ ‬في‭ ‬انعزالهم‭ ‬وصدمتهم‭ ‬بالعالم‭ ‬الجديد‭, ‬أما‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬الجيل‭ ‬الرقمي،‭ ‬فقد‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انفتاح‭ ‬عالمي‭ ‬هائل‭.. ‬وبالتالي‭ ‬سرعة‭ ‬مواكبته‭ ‬للتطور‭ ‬وإستحداث‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬أسرع‭.. ‬السجال‭ ‬الذي‭ ‬يصاحب‭ ‬الحفلات‭ ‬الغنائية‭ ‬لمطرب‭ ‬الراب‭ ‬“ويجز”‭ ‬والدهشة‭ ‬من‭ ‬الأعداد‭ ‬الغفيرة‭ ‬والاقبال‭ ‬الكبير‭ ‬لجماهير‭ ‬غصت‭ ‬بها‭ ‬ساحة‭ ‬المسرح‭, ‬تكرار‭ ‬المشهد‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬صدمة‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭, ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬اللون‭ ‬الغنائي‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭, ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬كلمات‭ ‬قد‭ ‬يصعب‭ ‬فهمها‭ ‬وترجمتها‭ ‬منذ‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬لكن‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬لون‭ ‬جديد‭ ‬ومختلف‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مخاطبة‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭.‬

[email protected]


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة