ذكريــات فــى الثمانيــن
ذكريــات فــى الثمانيــن


رحيق السطور

«ذكريات عند الثمانين».. رحلة «غلوش» من الكُتّاب لإنشاء أول كلية للدعوة الإسلامية

أسامة عجاج

الأحد، 04 ديسمبر 2022 - 06:18 م

يحرص د. احمد غلوش العميد الأسبق لكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، فى كتابه ( ذكريات عند الثمانين)، إلى التأكيد أنها ليست مذكرات، فهى لا تلم بكل المواقف، وليست متتابعة، من حيث الأحداث، كما أنها لم تكن نتاج تدوين يومي، أو تسجيل مسبق، ومهما كان التوصيف، فلعله من خلال قراءتى للكتاب ومعرفتى بشخصية صاحبها، أقول باطمئنان شديد إنها قصة (عصامي) بنى نفسه بنفسه، تمكن أن يقدم فى كتابه، نموذجًا للشباب، فى كيفية تحديد الهدف، والعمل على تحقيقه، كما أنها تكشف عن حجم التغيرات التى جرت على الأماكن والبشر، خلال الثمانين عامًا التى أنعم الله عليها بها.

الكتاب قصة نجاح، فى مسيرة حياة بدأت من قرية فقيرة هى (منية مسير) التابعة لمحافظة كفر الشيخ ، تعانى أسرته مثل كل سكانها، من صعوبة العيش، فلم يكن الأب ميسور الحال، وإن كانت ظروفه أفضل قليلًا، لتبدأ رحلته فى سن الرابعة (گتاب) لحفظ القرآن، لتصل بصاحبها إلى أعلى الدرجات العلمية، ليتولى مسئولية إنشاء أول كلية للدعوة الإسلامية، تابعة لجامعة الأزهر فى مصر، من نقطة الصفر، فليس لها مبنى أو أساتذة، ولا حتى طلاب، وخلال عامين فقط، نجح فى استصدار قرار وزاري، بإنشاء ثلاثة أقسام : الإعلام الإسلامى والثقافة الإسلامية وقسم الأديان والمذاهب، بعد أن كان رئيسًا للقسم بعد فصلها عن كلية أصول الدين، ولم يتوقف به الحال عند ذلك ، فعندما بدأ مسيرة جديدة وهذه المرة فى مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، حيث طال به المقام هناك ٢٢ عامًا، ليشارك من جديد فى تأسيس كلية أصول الدين، وليعمل رئيسًا لقسم الإعلام، مع تقديم برنامج (مع الشباب ) من إذاعة نداء الإسلام من جدة، وخلال تلك الفترة يلاقى صعوبات وتحديات، وينجح فى تجاوزها بفضل الله وتوفيقه، وتحققت، نبوءة شيخه عندما قال لوالده، بأن ابنه (سيكون له شأن عظيم )، وتكرر الأمر فى المدرسة، هذه المرة مع الناظر، وتوصيته لوالده بضرورة (استمراره فى التعلم).

مسيرة الدكتور أحمد غلوش، تؤكد أن إرادة الله فوق اختيار البشر، وإن بدا لهم أن هناك فرصة ضاعت، فقد سعى للدراسة فى كلية العلوم، ليتعين مدرسًا وينفق على نفسه، ويستطيع تكوين أسرة، ولكن الله أراد له مسارًا آخر، هو الأفضل، وأن يلتحق بكلية أصول الدين، ويدرس أثناء فترة تجنيده، ويظهر تفوقًا ملحوظًا رغم عدم انتظامه فى الدراسة، ليتعين بفضل من الله معيدًا فى الكلية فى مصادفة غريبة، بعد أن تقدم أكثر من مرة دون جدوي، ومن الماجستير إلى الدكتوراه، حيث كان أول متخصص فى الدعوة، يتم تعيينه مدرسًا فى هذا القسم، وتتدخل إرادة الله من جديد، ليحصل على إعارة لم يسع إليها، إلى قسم الثقافة بكلية التربية فى الرياض، وكانت حصيلة مسيرته العلمية عشرات الكتب والدراسات فى مجال الدعوة الإسلامية والتفسير والعقيدة .

وتستمر مسيرة العصامى د. أحمد غلوش، ولكن هذه المرة على المستوى الاقتصادى منذ فترة عمله فى المملكة حيث سعى إلى خوض تجربة الاستثمار العقاري، بعد أن استقرت به الأمور فى القاهرة، وتوسعت أعماله بصورة ملحوظة بمساعدة أبنائه ليصبح أحد رجال الأعمال.

كتاب د. أحمد غلوش، الذى يقع فى حوالى ٢٤٥ من القطع المتوسط ، على تجربة حرص صاحبها، فى كل كلمة وفى كل باب وفصل، إلى تقديم عصارة خبراته، وتقديم رؤيته لأجيال حالية، تبحث عن النموذج.

أقرأ أيضاً - الأديبة المرشحة لجائزة الشيخ زايد: روايتي ليست عالمًا «أفلاطونيًا»

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة