صوره أرشيفيه
صوره أرشيفيه


رحيق السطور |«مباشر» و«محمد على» و«السادات»

د.محمود عطية

الأحد، 11 ديسمبر 2022 - 06:25 م

يحاول الكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ العسكرى القدير عبده مباشر فى كتابه الجديد (الانتصار والازدهار بين محمد على والسادات) رصد دور القوات المسلحة كمحرك ومحفز لعمليات التطور والتقدم بمصر، كلما تمكنت من رفع أعلام الانتصار.

وعبده مباشر الذى عمل محررًا عسكريًا لسنوات طويلة لديه العديد من المؤلفات فى الشأن العسكرى منها: «رجال أكتوبر» و»يوميات أكتوبر فى سيناء» و»الجولان والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية».


ولكنه فى كتابه هذا يتوقف طويلاً أمام ظاهرة يرصدها وهى (دور القوات المسلحة كمحرك ومحفز لعمليات التطور والتقدم).. ويكتب «مباشر»: كلما تعمقت فى قراءة تاريخ مصر المعاصر. وتحدثت عن الأمر وكتبت ما لاحظته وخلصت إليه من نتائج أرى صحة هذه الظاهرة.

واستطرد ، وكتابى هذا ليس أكثر من محاولة لطرح هذا الاستنتاج على الرأى العام.. فتكشف كما يذكر المؤلف قراءة تاريخ مصر المعاصر والارتباط الوثيق بين الانتصارات العسكرية وفترات الازدهار والنهوض وتجاوز العثرات.

والعكس أيضًا صحيح، فالانكفاء يترتب على ما يواجه جيش مصر من انكسار فى ميادين القتال، فيتناول الكتاب فترة حكم محمد على وملابسات توليه سدة الحكم ومحاولته الناجحة تحديث مصر بعد عصور التخلف والجمود التى عاشتها البلاد نتيجة حكم المماليك، وقرون أخرى من الاستعمار العثمانى.

وبصورة أخرى كانت مصر خارج التاريخ، ثم يتناول فترة حكم السادات وتوليه الحكم وانتصار أكتوبر ومحاولات التطوير بعد نصر أكتوبر، ويربط بين انتصارات القوات المسلحة والتقدم والازدهار الذى يعم البلاد.


ففى القسم الأول يبين كيف كانت الحالة المصرية عند تولى محمد على حكم البلاد، فلم يكن بها نظام تعليمى أوعلاجى.. ولم يهتم حكام عصور التخلف بإنشاء، ولو مصنعا واحدا فى كل مصر، ولا يمكن الحديث عن بنية تحتية أو مرافق أو مؤسسات.

ولم تكن مصر تعرف شيئًا عن الجندية أو التجنيد وقد فرضت عليها عصور التخلف مواصلة الحياة بدون قوات عسكرية أو شبه عسكرية مصرية، وكان على محمد على أن يواجه هذا الواقع ويتغلب عليه، ولكن بعد القضاء على الفوضى التى أعقبت الخروج الفرنسى من مصر عام 1802.

وبكل الهمة انطلق يبنى مصر، ويستعرض الكتاب انتصارات محمد على وبناءه جيش مصرى القوى وأخذه التوسع فى مجالات كثيرة خاصة بعد أن طلب منه السلطان العثمانى مواجهة التمرد الذى يقوده الوهابيون فى شبه الجزيرة العربية، ونجاحه فى إخماد ذلك التمرد.

وشهدت الدولة بعد ذلك تطورًا كبيرًا فى إرسال البعثات العلمية بعد التعليم العسكرى، وشهدت الزراعة تطورًا كبيرًا خاصة فى مشروعات الرى، ومع انتصارات محمد على العسكرية مضت مصر تشق طريقها بقوة واقتدار.

ولكن القوى الغربية كانت لهذا التقدم العسكرى بالمرصاد، وتمكنت من تحجيمه إلى أن اندلعت ثورة عرابى التى انتهزتها القوات البريطانية لاحتلال مصر اعتبارًا من عام 1882،وتقرر تحجيم القوات المصرية المسلحة.

وإغلاق المصانع الحربية، وتعود مصر إلى الانكفاء.. ثم يسرد العديد من الأحداث والانتفاضات ضد المحتل حتى ثورة يوليو، ويناقش الفترة الناصرية وحرب اليمن وهزيمة 67، وفى الجزء الثانى عن عصر السادات يذكر المؤلف أنه على نفس طريق محمد على سار الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات.

وقاد القوات المسلحة للانتصار فى أول معركة هجومية فى تاريخ الصراع العسكرى المصرى - الإسرائيلى، ويشير إلى أنه لم تكن معركة السادات سهلة أبداً، فقد أبحر بسفينته فى بحار بالغة الاضطراب داخليًا وخارجيًا، فقد وصل إلى سدة السلطة فى أكتوبر 1970.

وآثار نكبة 1967 مازالت تلقى بحممها على الجميع.. هذه النكبة التى وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو فى مؤتمر الشباب عام 2017 بقوله «إن مصر اندبحت عام 1967».
ويسهب المؤلف فى شرح مواقف السادات من عبد الناصر.

وكيف تعامل معه «سيكولوجيًا» حتى أنه الباقى الوحيد من رجالات الثورة معه، اعتلى كرسى نائب الرئيس إلى أن تولى الحكم، وواجه وضعًا بالغ التعقيد، وعلى رأسها التحدى العسكرى المتمثل فى جرح نكبة يونيو.

وكانت التحديات هائلة أمام كل من يفكر فى خوض تجربة الحرب ضد القوات الإسرائيلية التى تحتل سيناء وترفع أعلامها على مواقعها شرق القناة..!
وكان اختياره خوض معركة هجومية وتحرير مساحة من سيناء المحتلة بالقوة، وباقتدار قاد الهجوم المصرى وتحقق لمصر انتصارها العزيز وذاقت لأول مرة بعد أكثر من قرن من المعارك التراجعية طعم الانتصار الحقيقى فى ميدان القتال.

ولم يكن من السهل أبدًا على أى رئيس مصرى الإقدام على مثل هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر الجسام، وإذا كان القرار صعبًا فإن التخطيط للمعركة كان أكثر صعوبة، وكان النجاح فى تحقيق المفاجأة على المستويات الاستراتيجية والتعبوية والتكتيكية ضد الواقع ومنطق الحواسب الآلية التى أكدت استحالت تحققها.. لكنها تحققت وتفوقت القوات المسلحة المصرية.

ويفرد الكتاب صفحاته التى تقارب مائتى صفحة لشرح كيف استعدت مصر لهذا الانتصار على مستوى الخداع العسكرى والتمويه المخابراتى الذى تغلب على الفكر المخابراتى الإسرائيلى ومهّد لانتصارات أكتوبر الكتاب صادر عن «دار المعارف».

اقرأ ايضا | حرب أكتوبر إرادة وطن.. الرئيس الراحل محمد أنور السادات «بطل الحرب والسلام»


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة