هشام مبارك
هشام مبارك


احم احم !

وزارة التعليم ونظرية «البحبحة»!

هشام مبارك

الأربعاء، 14 ديسمبر 2022 - 06:17 م

فى فيلم أبو حلموس هناك مشهد عبقرى للضاحك الباكى نجيب الريحانى أو شحاته أفندى وهو يقوم بتظبيط الحسابات لناظر الوقف عباس فارس. كانت كشوف الحسابات تتضمن 92 جنيها و17 قرشا و3 مليمات لدهان غرفة واحدة و18 جنيها وكسور لشراء خروف.

اعترض الريحانى على هذه الطريقة الهبلة المكشوفة فى صرف الأموال، واقترح أن يتم تقسيم البند الواحد إلى عدة بنود حتى تكون العملية «مبلوعة» فيتم مثلا كتابة تفنيط مبلغ بياض الأوضة على عدة عمليات تشمل «كحت» البياض القديم ثم تقطيب الثقوب والخروم والصنفرة ثم وش أول ووش ثانى وثالث وغيرها من العمليات ونفس الشىء بالنسبة للخروف يتم كتابة مبلغ كذا لشراء حبل ومخلة وجردل لزوم أكل وشرب الخروف ومبلغ كذا لزوم طبيب بيطرى للخروف وكذا لزوم مزين لحلاقة شعر الخروف. وعندما سأل الريحانى عباس فارس لو يحب أن يبحبح الميزانية أكثر من ذلك قال له فرحاً: بحبح ، وهو ما عرف بعد ذلك بنظرية البحبحة فى تظبيط الحسابات.

تذكرت هذا المشهد التاريخى وأنا أطالع قائمة الطلبات التى قررتها وزارة التربية التعليم كشروط للتلاميذ والطلبة لدخول الامتحانات. طبعا هذه الطلبات بعيدة عن المصروفات المدرسية نفسها والتى اشترطت المدارس أن يتم سداد جميع أقساطها قبل كتابة استمارات الامتحان رغم أن هذه الاستمارات يتم تجهيزها هذه الأيام خاصة بالنسبة للشهادات وهو ما يعنى أن ولى الأمر مطالب بسداد كل الأقساط قبل نهاية الترم الأول!. خذ عندك مثلا طلبة الثانوية العامة مطلوب منهم تجهيز هذه الأوراق لتسجيل الاستمارة وهى:- إيصال المصروفات وصورتين منه ، إيصال رسم دخول الامتحان وصورتين منه.

«غريبة جدا أن يتم تحصيل رسوم لدخول الامتحان. هل من المفروض أن يدرس الطالب طوال السنة ثم إذا جاء موعد الامتحان عليه أن يسدد رسوما مقابل دخول الامتحان؟! هل المصروفات التى تم تحصيلها لا تشمل ضمنيا دخول الطالب الامتحان أم أنها مجرد طريقة لزيادة موارد الوزارة والمدارس على حساب التلاميذ وأولياء أمورهم؟ هل تلك المصروفات مقابل الدراسة فقط دون الامتحان؟

وفى هذه الحالة ومن باب تطبيق نظرية البحبحة هل يمكن أن يتم فرض رسوم على الطلبة فى حالة استخدام دورات مياه المدارس مثلا أو تأجير حوش المدرسة لهم فى الفسحة ليلعبوا فيه لأنه مفيش حاجة ببلاش؟. تخيل مثلا أن تكون قد قررت مرة تبر نفسك وتدخل تأكل فى مطعم ثم تفاجأ بفاتورة الطعام تتضمن رسماً كبيرا مقابل دخولك المطعم أصلا غير قيمة المأكولات التى تأكلها؟!.

أضف إلى ذلك تضمنت قائمة الطلبات إيصال تأمين التابلت وصورتين من شهادة ميلاد كمبيوتر وصورة منها، لاحظ هنا أن الموضة الجديدة هى عدم الاعتراف بشهادة ميلاد كمبيوتر أكون قد استخرجتها من قبل تحسبا لأى موقف مثل ذلك، فلو كنت تظن نفسك ذكيا ولديك نسخ احتياطية من تلك الشهادات فالحكومة أذكى منك وتريدك استخراج شهادة جديدة طبعا بمبلغ أكبر بكثير من الذى دفعته فى تلك النسخ التى بين يديك والتى تستطيع بكل أريحية أن تبلها وتشرب ميتها أو إن شئت فلتصنع منها مراكب ورق تسيرها فى البانيو ولا تنس سداد رسوم التسيير المطلوبة. ثم مطلوب أربع صور شخصية حديثة بالزى المدرسى مكتوب عليها الاسم بالكومبيوتر من الأسفل رباعى وعدد 2 طابع مشروع تعليمية فئة 10 جنيهات للطابع وصورة بطاقة ولى الأمر وصورة بطاقة الطالب وحافظة بلاستيكية!

واضح أن نظرية البحبحة فى تحصيل الرسوم من الناس أصبحت أسلوب حياة فى كثير من الوزارات والهيئات. ولو استمر الحال على ما هو عليه فأتوقع أن تتمدد هذه النظرية وتنتشر فى المدارس خلال الأعوام القادمة فلا تستبعد مثلا أن يتم فرض رسم دخول مدرسة كل صباح لكل طالب وكارتة لدخول الطابور وكارتة لدخول الفصل وكارتة للخروج من المدرسة أما لو اعتقد الطالب أنه ناصح وغاب فى يوم عن المدرسة هربا من تلك الرسوم فسيتم قبل الامتحان سدادها جميعا بغرامة مضاعفة وليعلم الجميع أن شحاته أفندى فكرة، والفكرة لا تموت !
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة