سكينة سلامة
سكينة سلامة


سكينة سلامة تكتب: دروس وعبر من الفتح الأعظم «حب الأوطان من الإيمان»

الأخبار

الأربعاء، 11 يناير 2023 - 07:08 م

فى 10 يناير 630 ميلادية توجه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة والتى فتحها الله عليه، بعدما خرج منها مطروداً وبعدما أذاه قومه وجرحوه وأدموه وكذبوه وسبوه وخاضوا فيه واتهموه بالسحر وأنه شاعر وأنه مجنون وحاشاه صلى الله عليه وسلم.

دخل رسول الله مكة وهو خافضًا رأسه تواضعًا ولم يدخلها فى موكب الفاتحين، إنما دخلها يركب فرسا وخلفه غلام من أبناء أحد خدامه عليه الصلاة والسلام.
ودخل يتلو قول الله تعالى «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)»

ثم أعمل فيمن أذوه وضربوه وجرحوه وسبوه العفو المطلق الشامل قائلًا لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

العبرة والعظة من هذه الواقعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحمل قومه 13 عاما ودعاهم للإسلام وتحمل أذاهم وضررهم قرابة 5000 يوم ثم خرج من هذه المدينة تاركًا قلبه معلقًا بها قائلًا: والله انك لأحب البلاد إلى قلبى ولولا أن أهلك أخرجونى منها ما خرجت؛ ليبين قيمة الأوطان وليؤسس لهذه الأمة أن حب الأوطان من الإيمان وأنها فضيلة من فضائل الرسل الصديقين والشهداء والصالحين والقديسين وحسن أولئك رفيقا.

وبعدما خرج منها فى جوف الليل صحبة الصديق معرضًا حياته للخطر ليبلغ الرسالة وليؤدى الأمانة وخرج مستعينًا بغير المسلم من أهل الخبرة ليدله على الطريق، ليؤكد أن الشريعة تختار أصحاب الخبرة لا أصحاب الثقة ولا أصحاب الدين وأن الدين ينفع صاحبه فقط ولكن الخبرة تنفع الأمة كلها.

لم ينس وطنه ووصل فى النهاية إلى مبتغاه وأعطاه الله الفتح الأعظم بعدما حارب وانتصر وحارب مرة أخرى ولم ينتصر، بل وجرت عليه السنن البشرية وتعرض للجروح فى غزوة أحد.

هذا هو الإسلام، وهذه هى الشريعة الإسلامية المصدر الثانى للتشريع، حب للأوطان، ودفاع عنها، وإصرار على تحقيق المستحيل، وإعمال العفو المطلق عند المقدرة، رفعًا لمكارم الأخلاق التى تعتبر الميراث الحقيقى للأنبياء، مستلهمين من هذه الواقعة فى حاضرنا، ومؤكدين أننا سنخوض المعركة للنهاية، وسنحافظ على الوطن الذى نتقرب إلى الله بحبه، مستنين بسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم الذى أحب مصر وأوصى عليها والسلام.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة