لوحة للفنان: عبدالرؤوف شمعون
لوحة للفنان: عبدالرؤوف شمعون


مفلح العدوان يكتب : المسرح الأردنى بين المدرج الرومانى والمركز الثقافى الملكى!

أخبار الأدب

السبت، 28 يناير 2023 - 03:31 م

شهد عقد الثمانينيات تزايد فى عدد الخريجين من الأكاديميات والجامعات والمعاهد الفنية العربية والعالمية، بالإضافة إلى إنشاء كلية الفنون فى جامعة اليرموك، ومركز التدريب المسرحى فى وزارة الثقافة، فأخذ عدد من المخرجين الجدد والقدامى يقدمون مسرحياتهم بأسلوب جديد وبمدارس مسرحية مختلفة خارجين فيها على التقليد الكلاسيكى.

ثمة حكاية تروى عن البدايات التى انطلق منها المسرح فى الأردن، وبعدها تطور ليحقق حضوره المحلى والعربى، ولعل تلك الجذوة الأولى كانت لها إرهاصات سابقة، عبر الحضارات الأولى التى كانت لها مسارحها وفضاءاتها.

وحيث إن هناك شواهد ما زالت قائمة من خلال المسارح والمدرجات الرومانية المنتشرة فى غير مدينة هنا فى عمان وفى جرش وأم قيس، تلك المدن التى كانت حواضر أيام الرومان، وما زالت تلك المسارح عاملة وتقام فيها فعاليات مهرجان جرش، والاحتفالات والمسرحيات فى المدرج الرومانى.

وفي وسط مدينة عمان والتى تحتضن العديد من المسارح الحديثة أهمها مسارح المركز الثقافى الملكى، ومسرح أسامة المشينى، ومسرح شمس. ولمسيرة المسرح بين التماس الأول مع الفنون والعروض التى كانت تقام قديما على المدرج الرومانى وسط عمان، وبين التألق والنبض المعاصر على المسرح الرئيسى  فى المركز الثقافى الملكى الذى يحتضن الحراك المسرحى بكل مدارسه، هنا مسار يستحق التوثيق والكتابة والتحليل، لكتابة قصة المسرح وحضوره فى الأردن.


شرارة البدء
وحركة تطور المسرح الحديث فى الأردن، بدأت قصته عام 1918م، فى دير اللاتين فى مدينة مأدبا، عندما جاء كاهن عربى من مدينة بيت لحم يدعى أنطون الحيحى، وأنشأ جمعية باسم «الناشئة الكاثوليكية العربية»، أحد أهدافها التمثيل المسرحى.

وتعاون مع الحيحى الأب زكريا الشوملى فى تقديم عروض مسرحية مثلها طلاب المدرسة، ومن بينهم روكس بن زائدة العزيزى، حيث مثلوا مسرحيات مثل «فتح الأندلس»، و»الأسير»، و»هاملت»، و»تاجر البندقية»، وغيرها.


لقد تأسس المسرح فى الأردن قبل تأسيس الدولة الذى كان عام 1921م، وبعده بدأ إنشاء المؤسسات التعليمية والثقافية. غير أن الانطلاقة الفعلية للمسرح فى الأردن كانت بتأسيس «أسرة المسرح الجامعي» عام 1963م، أى بعد عام من تأسيس الجامعة الأردنية (1962م)، على يد المخرج هانى صنوبر وزملائه فى الجامعة الأردنية وكان من أعضاء هذه الأسرة كل من نبيل المشينى، وسهيل الياس، ونبيل صوالحة، وسهى مناع، وبهاء طه، ومارجو مالتجيان، وقمر الصفدى، ثم إنه بعد ذلك ومع تأسيس دائرة الثقافة والفنون عام 1966م.

تم إنشاء «أسرة المسرح الأردني» التى ضمن فنانين منهم أديب الحافظ، ومازن القبج، وهشام هنيدى، ومحمد العبادى، وسميرة خورى، ومارجو أصلان، وغيرهم، إضافة إلى أعضاء أسرة المسرح الجامعي.


وفى تلك المرحلة، عرض المخرج هانى صنوبر مسرحية الفخ لكاتبها روبرت توماس، فى الجامعة الأردنية، وبعدها تم تقديم الموسم المسرحى الأول، الذى ضم عروض مسرحيات مثل «مروحة الليدى وندرمير»، و«الأشباح»، ثم كان المسرح الثانى الذى ضم مسرحيات «البيت السعيد»، و«المشكلة»، و «رجل القدر»، و «مركب بلا صياد»، وبعدها تتالت المواسم المسرحية.


حراك إبداعى وفرق مسرحية
تلك المرحلة الموسومة بعنوان تأسيس المسرح الأردنى الحديث، راكمت فعلا مسرحيًا إبداعيا مميزا، تم البناء عليه فى تشكيل المراحل اللاحقة، فى فترات السبعينيات والثمانينيات حتى مشارف التسعينيات من القرن الماضى، حيث تحول الممثلون الذين تتلمذوا على يدى هانى صنوبر إلى الإخراج.

وبالإضافة إلى دخول مجموعة من المخرجين الأكاديميين مثل أحمد القوادرى، وحاتم السيد، وعمر قفاف، وباسم دلقمونى، وجميل عواد، ومهدى يانس، ويوسف الجمل، وجوليت عواد، وغيرهم، حيث عزز قدومهم بمدارس فنية مختلفة من حضور المسرح الجامعى، والمسرح فى الأردن، قبل أن تفتح دائرة الثقافة أبواب مسارحها لهم، فقدموا المسرحيات العالمية، والأعمال المحلية والعربية، وانطلق معهم فى تلك الفترة المسرح إلى خارج حدود العاصمة عمان، هذا بالتزامن مع رفد الحركة المسرحية بكتاب مسرحيين مهمين منهم أمين شنار، وجمال ابو حمدان ، ومحمد الظاهر، ومحمود الزيودى، وعبد اللطيف شما، وغيرهم. 


وشهد عقد الثمانينيات تزايد فى عدد الخريجين من الأكاديميات والجامعات والمعاهد الفنية العربية والعالمية، بالإضافة إلى إنشاء كلية الفنون فى جامعة اليرموك، ومركز التدريب المسرحى فى وزارة الثقافة، فأخذ عدد من المخرجين الجدد والقدامى يقدمون مسرحياتهم بأسلوب جديد وبمدارس مسرحية مختلفة خارجين فيها على التقليد الكلاسيكى.

وهذا بالتزامن مع بروز العديد من الفرق المسرحية بالإضافة إلى ما تقدمه وزارة الثقافة من عروض مسرحية، وهذه الفرق هى كل من فرقة الفوانيس، وفرقة مسرح المسرح، وفرقة مختبر الرحالة، ومسرح الـ60 كرسى، وفرقة مسرح الفن فى اربد، ومختبر موال المسرحى، ومسرح الخيمة، وفرقة المسرح الشعبى، كما ظهرت مؤسسة نور الحسين التى رفدت الأعمال الفنية والمسرحية. 


وفي تلك المرحلة شهدت حضور العديد من المخرجين المهمين، الذين رفدوا الحركة المسرحية بإنتاجاتهم اللافتة، ومن أهم هؤلاء المخرجين فى هذه المرحلة كل من خالد الطريفى، ونبيل نجم، ولينا التل، وسوسن دروزة، وفتحى عبدالرحمن، وعبداللطيف شما، وسمر دودين، ومحمد الضمور، ونعيم حدادين، ووفاء القسوس، وغيرهم. 


كما أنه تبلورت فى الثمانينيات أعمال مسرحية رعتها المؤسسات الرسمية والمدنية من خلال ما قدمته دائرة الثقافة والفنون، ورابطة الفنانين الأردنيين، والمسرح الجامعى، والفرق المسرحية الخاصة، واستقطبت تلك الأعمال المسرحية جمهورا غفيرا، حيث تكرس مفهوم المسرح الجماهيرى.

وابرز فى تلك الفترة نجوم مسرحيون مثل ربيع شهاب، كما شهدت تلك المرحلة تأسيس فرق مسرحية، منها فرقة الفوانيس بجهود كل من عامر ماضى ونادر عمران وخالد الطريفى، وظهر نجوم كتاب مسرح مهمون مثل جبريل الشيخ، والدكتور ماهر أبو الحمص، وكانت هناك متابعات نقدية وصحفية للعروض المسرحية.


نحو مزيد من المسرح
وستشهد فترة التسعينيات بعد ذلك نشاطا ملحوظا على الصعيد الجماهيرى والإنتاجى، من خلال ظهور مسرح المهرجانات، مثل مهرجان المسرح الأردنى، ومهرجان الشباب، ومهرجان مسرح الطفل، ومهرجان أيام عمان المسرحية لفرقة الفوانيس، ومهرجان بترا لنقابة الفنانين، ومهرجان ليالى عمان الحر، ومهرجان طقوس، وغيرها.

ويشار إلى أهمية تأسيس مسرح نبيل المشينى، ومسرح نبيل وهشام كمسرح يومى، مع ظهور نجوم مسرحيين مثل موسى حجازين، وحسن إبراهيم، وغسان المشينى، وحسين طبيشات، ومحمود صايمة، مع حضور لافت لهشام يانس ونبيل صوالحة، وغيرهما، مما جعل المسرح الأردنى يتخذ مكانة مميزة له فى الساحات المسرحية العربية، حيث كان له حضور، وحصد العديد من الجوائز، وتم استقطاب كتاب مسرحيين جدد بطاقات إبداعية لافتة مثل مخلد الزيودى وغنام غنام ومفلح العدوان وهزاع البرارى ومحمد بطوش وغيرهم.


وتستمر مسيرة المسرح مع الألفية الثالثة بجيل من المسرحيين الذين يشكلون بأعمالهم المسرحية، وسيكون لتأسيس كلية الفنون فى الجامعة الأردنية أثرها الإيجابى والمحفز للفعل المسرحى، مثلما كان للجامعة الأردنية السبق فى تأسيس البذور الأولى للمسرح الحديث حين احتضنت «أسرة المسرح الجامعي» عند بداية تأسيسها فى ستينيات القرن الماضى.

حيث إن كلية الفنون ترفد الحركة المسرحية بطواقم من الخريجين المسرحيين الذى أخذوا على عاتقهم، مع من جايلهم وسبقوهم من المسرحيين، تطوير المسرح الأردنى بمشاركاتهم اللافتة فى المهرجانات والعروض المسرحية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى مجموعة من الأكاديميين والنقاد والمخرجين ضمن كادر كلية الفنون فى الجامعة الأردنية مثل الناقد الدكتور عمر نقرش، والمخرجة مجد القصص، والمخرج اياد شطناوى، والناقد الدكتور عدنان مشاقبة، وغيرهم، من الذين واكبوا الحركة المسرحية، وعززوا من حضور خريجيهم فى الساحة المسرحية.


وكما أن الهيئة العربية للمسرح كانت عنصرا معززا لإدماج المسرح الأردنى فى المسرح العربى، ودعمه على كافة الأصعدة، مما أسهم فى مزيد من الحضور عربيا على صعيد العروض المسرحية، والمسابقات الإبداعية، والورش المتخصصة فى المسرح.


ويبقى الحديث عن المسرح الأردنى بحاجة إلى مزيد من البحث والإحاطة فى جوانب كثيرة إذ إنه لا يتوقف هذا النشاط المسرحى عند المسرح الجاد، بل هناك حراك فى المسرح المدرسى، والمسرح السياسى، ومسرح الأطفال، ومسرح الجامعات.

وغيرها، وما هذه الأسطر التى يتم تقديمها هنا، إلا إطلالة عامة على المسرح فى الأردن، منذ البدايات الأولى حتى العروض الأخيرة للمسرحيات، وهناك مشاريع وخطط للمسرح الأمل بأن تتحقق ليكون هناك مزيد من الحضور محليا وعربيا. 

اقرأ ايضاً | وزيرا الثقافة الأردني والطاقة النيجيري في زيارة لمتحف الحضارة

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة