محمد الحرز يكتب : قصائد
محمد الحرز يكتب : قصائد


محمد الحرز يكتب: قصائد

أخبار الأدب

السبت، 11 فبراير 2023 - 03:50 م

الإبرة والقاع

حررتُ الإبرة

حين سحبتُ من الثقب

آخر خيط

فى البكرة .

وجهك يبتعد

الخطوات تتهشم

اللمسات ترتعش

النظرات تعوم هائجة

أشياء كثيرة لا تصل إلى أماكنها:

صباحك يتكوم على العتبة

ثم يذوب كالثلج

ليليك يهتز

مثل رقّاص الساعة

ودربك موقد صغير

لا ترى منه سوى

خطوط يديك

وأيامك اللاحقة

ضباب كثيف فى الممر

وصمتك الذى يتمدد

حين تضربه بحجر

يصبح شاهقا

مثل جبل

كان عليك أن تحدّق طويلا

فى وجوه كثيرة

انفرطت من عقدة الخيط

قبل أن تختبئ

فى ثياب الهواء.

كان عليك أن لا تمكث

قرب الضرير الذى علمك

كيف تطرز الغياب؟

الأيدى العاطلة عن الحياكة

تقول:

أعد الخيط إلى الإبرة

فالشقوق وصلت قاع حياتك.

 

خلاط العصير

زوجتى تضغط زر التوقف

مرة وأخرى.

لكنّ خلاط عصير الفواكه لا يستجيب.

وأنا أراقب المشهد من باب المطبخ

أقول فى نفسي:

قبل ساعة جلبت كلمات ميتة

من مقبرة رأسى

كانت تتقاتل فيما بينها سنين طويلة

حتى أننى اعتدت كل يومين أو ثلاثة

أحلق شعر رأسى

ثم أبحث فيه عن جريح أو قتيل

أو أتتبع نشرات الأخبار كى أرى إلى المعارك الطاحنة

كيف انتهت إلى تسويات؟!

أو أستمع إلى موسيقى حربية صاخبة

بعد أن أضع كمامة وسماعتين ونظارة شمسية

حتى لا تبقى ثغرة فى الحصار

يمكن الهروب منها قبل موتها.

أو أشاهد سلسلة من أفلام الرعب

حتى تظن أن العالم لم يعد بحاجة

إلى قاموس لغوي، يتكلم فيه عن الخوف.

أو كلما صافحت صديقا يقول لي:

لماذا تعيد «وعليك السلام» مرتين؟!

فأقول: العبارة دائما تتأخر فى الوصول

بسبب انشغالها فى تهدئة الأوضاع.

كان أشبه بانفجار نووى

حين وجدت الحل:

خلال أسبوع نقلت الحروب من كتب التاريخ

عبر نفق من الكلمات المحايدة

إلى أرض المعركة.

ولولا أننى شربت كثيرا من الماء

لكنت فى غيبوبة مطلقة.

لكن الموتى الذين دفنوا

على عجل

احتاج إلى حمضهم النووى

كى استمر فى كتابة الشعر.

لذلك وضعت رأسى فى خلاط الفواكه

وأدرت الزر

وعندما لم يتوقف

علمت أن الموتى

يرفضون الخروج.

 

ليل تنزلق عتمته

ليلى قصير

وحائطى

الذى بنيته مع أول ليل

دخل بيتي

هو أيضا قصير

كنت لا احتاج فى تسلقه

سوى قفزة خفيفة

فأجد نفسى فوق السور

ليل يأتي، ويذهب سريعا

والنوم لا يخلق له الأعذار

حتى يطول مكوثه.

رأيته مصادفة فى سوق مزدحمة

ولولا عتمته التى انزلقت من يديه

لما عرفته.

فكرت أن أوسع من ارتفاع الحائط

أن أضع على سوره مشاعل

تحرسها ذئاب

كانوا يصاحبون الليل

ويهدونه عواءها.

جيراني

العابرون الطريق

الزائر الصديق

رجل «الهنغرستيشن»

كانوا يرفعون أكفهم:

(مساء الخير)

لكنهم كلما تجاوزوا العتبة

كانوا ينظرون إلى أنفسهم مشدوهين

من الخطأ الذى وقعوا فيه.

كانت الشمس تشع فوق رؤوسهم

فلماذا لم يقولوا: صباح الخير؟!

أصبحت أشعل شمعة كل صباح

تحول لاحقاً إلى تمرين يومى

لعل النهار يتأخر عن المجىء

وأكون مستعدا أن أفهم

ماذا يريد ليلي

بعدما أبدلت حائطى

بقلعة؟

موتى يظنون..

هذا الصديق

لم أره منذ سنتين

لمّا صافحته

على أطراف مدخل سوق (القيصرية)١

كان هناك على باب منزلى

رجل غريب

يطرق الباب

ولما عانقته

ترك الرجل الغريب

سلتين من الثمار الناضجة

ثم اختفى

ولمّا تفوّه بكلام عن موته

استحالت الثمار

إلى قبور

بيد زوجتى وأولادى

ولمّا رأى بريق الندم

فى عينيّ

سألني: أين أجد جثة أبى

فى دمك المنسي؟

حينها، كان الموتى

ما زالوا ينفضون التراب

عن أجسادهم

وكانوا يظنون الأيدى

شواهد قبورهم

فاحتشدوا هناك

وكلما صافحت عائلتى

ولامستهم

انتفض الجميع

واعتقدوا أن الحور العين

اختطفها الأحياء.

فى ذلك النهار

فى المكان نفسه

حدث بالضبط مع صديق آخر

لم أره منذ سنين طويلة.

اقرأ أيضاً| أمل الفاران تكتب: جَملِي

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة