الأربعاء، 15 فبراير 2023 - 07:19 م

جلست الأم تحمل صورة ابنتها وهى تبكى بحرقة على فراقها، مرددة بصوت خافت مشيتى وبعدتى عنى يا حبيبة، هانت عليكى أمك تسيبيها فى الدنيا لوحدها، طب كنت خدينى معاكى يا ضنايا.

تذكرت يوم رحيلها حينما كانت تستعد لفرح بنت خالتها، وتطلب منها فستانا شيكا تحضر به الفرح، قائلة وهى مبتسمة راعى إن بنتك كبرت ومينفعش تحضر بفستان قديم، ضحكت الأم لها قائلة: من عينى يا قلب أمك، فشكرتها الفتاة ثم قالت لها هتوحشينى أوى يا أمى، إبقى افتكرينى دايما بالدعاء.

استغربت الأم من كلام بنتها وسألتها: فيه إيه وليه بتقولى كده!، ردت حبيبة مافيش يا غالية، أنا مش عارفة قلت كده ليه، ثم دخلت غرفتها لتستريح حتى أذان المغرب لأنها كانت صائمة، وعند الأذان نادت الأم على ابنتها، لكى تفطر وتصلى المغرب جماعة مع أسرتها، ولكنها اكتفت بأكل بلحة واحدة فقط وشرب بعض الماء ثم قالت ماليش نفس آكل دلوقتى، مين عالم يمكن نفسى تتفتح للأكل بعد العشاء، ثم نظرت لأفراد أسرتها بتمعن وكأنها تراهم لأول مرة.

وقالت لهم: يلا نصلى المغرب، لعلها تكون آخر صلاتى معكم، وبعد انتهاء الصلاة قالت هدخل أرتاح شوية وياريت تصحونى بعد أذان العشاء علشان أصلى معاكم وأفطر.

وأكمل أفراد أسرتها الفطار وهم مستغربون من كلام حبيبة لهم، وبعد العشاء دخل الأب لابنته، قائلا لها: إصحى يا نور عين أبوكى علشان تصلى العشاء وتفطرى، إنتى ما كلتيش لحد دلوقتى.. وردت حبيبة بصوت ضعيف: للأسف يا أبى لن أستطيع الصلاة معكم لأننى باموت، افتكر الأب أن ابنته بتدلع عليه، فقال لها: قومى وبلاش دلع.. ولكنها نظرت له والدموع فى عينها، صدقنى يا أبى أنا باموت، ثم نطقت الشهادة وماتت.

ماتت حبيبة تاركة وراءها قلوبًا موجوعة على فراقها.. ماتت تاركة كلماتها تهز كيان أهلها.