الخميس، 23 فبراير 2023 - 06:13 م

معجزة الإسراء والمعراج معجزة باهرة؛ فهى تكريم للنبى صلى الله عليه وسلم وجبرًا لخاطره، وفيها دروس وعبر للأمة بأثرها. ومن أهم هذه الدروس: استشعار العبد معية الله له؛ ومعية الله تعالى للعبد تتمثل فى إحساسه بحفظ الله له، ويقينه أنَّه يَسمعه إذا شكا، ويُجيبه إذا دعا، ويمده إذا ضعف، ويلطف به إذا خاف فهو سبحانه القائل: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ» (سورة النمل:٦٢)، فقد علّمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم استشعار معية الله وأنَّ اللجوء لا يكون إلا لله.

ففى المحنة التى مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم بموت حبيبة قلبه أم المؤمنين السيدة خديجة رضى الله عنها وأرضاها، وموت عمه أبو طالب ومع الشدة والغلظة التى وجدها من أهل الطائف يعلمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن اللجوء لا يكون إلا لله. فقد لجأ الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه بدعائه المشهور: (اللّهُمّ إِنَّى  أَشْكُو إلَيْك ضَعْفَ قُوّتِى ، وَقِلّةَ حِيلَتِى ، وَهَوَانِى عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّى ، إلَى مَنْ تَكِلُنِى ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِى ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِى ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِى ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِى ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِى أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِى غَضَبَك، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك) رواه الطبرانى فى «الدعاء»، ومن هنا من قلب المحنة تولد المنحة، وهنا يغير الله عز وجل لحبيبه الزمان والمكان ليبين له مدى حبه له، بل وشوق ملائكته الكرام جميعًا لرؤيته. لذلك نقول لكل حزين، ولكل مدين، ولكل مهموم؛ لا تحزن إنَّ الله معك.

ومن الدروس المستفادة أيضا من معجزة الإسراء والمعراج: عبادة جبر الخواطر، وأنها من أعظم العبادات ولنعلم أن من أسماء وصفات الحق تبارك وتعالى الجبار: ومعناه ليس فقط شديد الانتقام بل الجابر لخواطر عباده  والمُطمئن لقلوبهم فليكن مطمعنا وملجئنا الأول هو الله ولنعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.