د. أماني فؤاد و محمود طلبة الفار
د. أماني فؤاد و محمود طلبة الفار


سيدة الحرف المُضِىء

الأخبار

الأحد، 05 مارس 2023 - 09:35 م

كم أسهمت الأديبة المتميزة والناقدة البارزة «د.أمانى فؤاد» فى التعريف بالوجوه المبدعة فى أدبنا العربى من مختلف الأجيال عبر مقالاتها ودراساتها التى أودعتها فى كتبها، أو أسكنتها إطلالاتها فى الصحف والمجلات والدوريات الثقافية، ومنها هذه الصفحة التى شرفت بها مرات عديدة، حيث كتبت عن رموز الإبداع العربى، واليوم تصير «د.أمانى» موضوعًا لمقال نقدى يلقى الضوء على دورها المرموق وجهدها المشهود فى أفق الإبداع والنقد بقلم الناقد محمود طُلبة الفار.

تضيق مساحة المقالة أمامى عندما أفكر فيما يجب أن أكتبه عن قامة ثقافية وفكرية وإبداعية أضاءت سماء النقد والقَص فى فضائنا العربى لسنوات ليست بالقصيرة، ومازالت تعطى بكل سخاء، أتحدث عن الناقدة والمفكرة والقاصة د. أمانى فؤاد، التى اتخذت طريقًا صعبًا حتى استقرت فى مقعد الأستاذية بأكاديمية الفنون العريقة - معهد النقد الفني، وتميَّزت بتنوُّع مُنتَجها الثقافى ما بين النقد والقصة.

ومقال الشأن العام، وعُرفت بمواقفها وأفكارها فى مجال التعليم والثقافة، وقضايا المرأة، وفى كل ذلك تجدها مُستغرِقة تمامًا فى مشروعها الفكري، وطرحها العقلانى «الليبر» الى المنفتح على التطور البشرى وتاريخية الظواهر.

وقد اختارت «د. أمانى» اللغة العربية فتخصصت فى نقدها وآدابها، وحصلت على درجة «الماجستير» فى النقد والبلاغة، بتقدير امتياز بعنوان: «الإبداع الأدبى فى تراث أبى حيان التوحيدي»،ثم الدكتوراة فى«المجاوزة فى تيار الحداثة بمصر بعد السبعينيات».

ولذلك لا تظن صديقى القارئ أن ما تتعرض له أحيانًا من هجوم هو من أجْل اللغة العربية كما يدَّعون، لكنها ليست مسألة لُغة على الإطلاق؛ ولكنها لأسباب أخرى تتعلَّق بجُملة مواقفها وآرائها وتكوينها وشخصيتها، وحتى أساتذتها الذين تتلمذت على أيديهم.

وهى ناقدة من العيار الثقيل، كما أن لها مشاركاتها المؤثرة فى العديد من لجان التحكيم الإبداعية والمؤتمرات والفعاليات الدولية، مثل مشاركتها فى مؤتمر «ابن خلدون» الدولي، كما شاركت فى مؤتمر السرد بالشارقة، والمشاركة فى أربعة مؤتمرات للغة العربية وآدابها، فى الجامعة الكاثوليكية بميلانو الإيطالية، كما نُشرت أبحاثها ومقالاتها فى العديد من الصحف والمجلات والدرويات المرموقة، حيث كتبت عن «وكلاء الله على أرض مصر»، وعن «المؤامرة على الثقافة المصرية».

وهو مقال يمتاز بالحيدة والنزاهة، وسلاسة العَرض، وسلامة اللغة، وجمال الأسلوب، وتدفق المعانى، وبجرأة غير مسبوقة، وبخط جرىء كتبت كلمتها؛ لذا فهى تحظَى بمكانة خاصة فى عقول وقلوب المثقفين الحقيقيين،إنما أكتب لأضع من يقرأ المقال أمام رؤية طائر لعالَم من الإبداع العبقري، وجرأة مفكرة متفردة وأفكار ناقدة أصيلة مطبوعة.

وقد قرأت لها أكثر من خمسين مشاركة، وبحثًا ودراسة أدبية، مثل «تقاطعات قصيدة النثر ما بين الحداثة وما بعدها»، و«تحولات الصورة الشعرية فى قصيدة ما بعد الحداثة»، و«جدل العلاقة بين القصة القصيرة والنَّص الروائي»، و«ورقة نقدية حول رواية ليالى ألف ليلة لنجيب محفوظ»، وبحثها المهم عن«خصائص الكتابة النسوية».

و«ظاهرة الأجيال فى الأدب»، و«الرواية وتحرير المجتمع»، وهو عبارة عن رؤى نقدية كاشفة، حاولت فيها تخطى العقبات،التى تحول بين المتلقى وتذوُّق العمل الأدبي، من خلال نهْج خلَّاق، ونجحت المؤلفة بالفعل فى تجاوُز نمطية النقد، وانتقلت به من كونه شرحًا وتفسيرًا إلى فلسفة النقد.

وذلك من خلال أربعة مباحث أدبية، استغرقت بالتحليل الأدبى ست عشرة رواية مصرية معاصرة، تناولت التقنية وسؤال الدين، والتقنية وسؤال الواقع الافتراضى، و«الفانتازيا»، والتقنية الروائية، وسؤال التاريخ، والمبحث الأخير عن التقنية الروائية وسؤال اللغة والسرد.

أما فى سِفرها بالغ التركيز والإيجاز «المرأة..ميراث من القهر»، فقد تناوَلت قضية المرأة وحقوقها بجرأة وجسارة ووضوح، مطالبة بإعادة النظر فى الأعراف الاجتماعية، وطبيعة الخطاب الدينى السائد عن المرأة، والفهم المغلوط لهذا الخطاب، كذلك النظرة الجسدية القاصرة لها، والتمييز القائم على أساس من أفضلية الرجُل واستلاب استحقاقها فى المشاركة السياسية، كذلك ناقشت تأثير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، التى تمُر بها المنطقة، على واقع المرأة العربية، وبأسلوب راقٍ جميل المفردات والصياغة.

وبلُغة لا أحلى ولا أروع.. أما عن عالمها القصصى فلا يسعنى إلا أن أقول إن نصوصها غاية فى الثراء لُغةً وبناء، كما تتميز لغتها القصصية بأنها أقرب إلى لغة الشعر، وجمال سمات القَص، وهى بذلك إنما تؤكد أن الناقد يمكن أن يكون مبدعًا قديرًا، فكأنى بها قد استوعبت كل مدارس وتجارب القَص وتقنياته.

ومن ثم قررت أن تُطل علينا بمجموعتها»لأسباب أخرى تعتم النجوم»، وقيد النشر مجموعة قصصية جديدة، وماهذه إلا إطلالة على عالمها الثَّرِّ كصوت من أجمل أصوات لُغتنا العربية، وعالمنا الإبداعى.

اقرأ ايضاً | إسراء الحريري تكتب: مؤتمر أصدقاء التراث الترجمات العربية للكتاب المقدس

نقلا عن صحيفة الاخبار : 

2023-3-6

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة