جانب من الندوات
جانب من الندوات


ملتقى القاهرة للتراث غير المادي وتحديات بقاء الحرف والحكاية الشعبية

أخبار الأدب

الأحد، 19 مارس 2023 - 01:35 م

استضاف المجلس الأعلى للثقافة الأسبوع الماضى فعاليات ملتقى القاهرة الدولى للتراث الثقافى غير المادى فى دورته السابعة «دورة الدكتور أحمد مرسي»، وذلك بمشاركة أكثر من 80 باحثًا، على مدار يومين، حيث جاء الملتقى تزامنًا مع ختام الفعاليات الثقافية التى نظمتها مصر احتفاء باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية.

تحديات بقاء الحرف الشعبية كانت من أهم الملفات التى ناقشها الملتقى. الباحثة نرمين عبد العليم، تحدثت بالتحديد عن تحديات حرفة صناعة الدفوف الشعبية، وسط ما يشهده العالم الآن من تغيرات ثقافية واجتماعية متسارعة، تمثل تحديات عاصفة تهدد التراث الثقافى للشعوب، حيث نادت بضرورة الحفاظ على المهارات والإبداعات الإنسانية لمجتمعنا المصرى. وأشارت إلى أن المصرى القديم عرف الدفوف، واستخدمها بأشكال متعددة، كما صنعها بأحجام مختلفة، وأدرجها ضمن شعائره وطقوسه.

وبهذا شكلت عنصرًا أساسيًا فى الاحتفالات الدينية والطقوس الجنائزية المصرية القديمة، ثم استمر حضور الدفوف عبر الحقب الزمنية المتتالية، حتى باتت ضمن الممارسات الشعبية؛ فصاحبت الشعراء والمغنين الشعبيين، كما ظهرت فى حلقات الذكر والاحتفالات الدينية عند المتصوفة، وارتبطت باحتفالات دورة الحياة؛ كحفلات الزواج وإنجاب الأطفال.

وشغلت جانبًا مهمًا ضمن المعتقد الشعبى المصرى فيما يخص طرد الأرواح الشريرة، فكانت عنصرًا أساسيًا فى رقصات «الزار»، وقد حذرت فى حديثها، مما  تواجهه حرفة صناعة الدفوف الشعبية فى الوقت الراهن، إذ أوضحت أن هناك العديد من المخاطر والتحديات التى تهدد هذه الصناعة وتعرضها للاندثار.

ما لم تتضافر جهود المؤسسات المختصة لدعم هذه الحرفة وصونها، ضمانًا لبقائها واستمراريتها، باعتبارها تمثل أحد عناصر التراث الثقافى الأصيلة، المُميزة لهُوية مجتمعنا.

سيرة بنى هلال

الباحث أحمد سعد الدين عيطة من جانبه تناول سيرة بنى هلال ، باعتبارها من الموضوعات الفولكلورية المُهمَّة وقال إن «السيرة الهلالية هى السيرة الشعبية الوحيدة المُتبقية، وما زالت أشعارها تروى من قبل الشعراء والرواة حتى اليوم، من خلال فنون الأداء الإبداعى، وما تزال تتصدر قائمة الأنواع الغنائية الفولكلورية، ويرددها المُحترفون من الشعراء والرواة».

 ورصد الباحث مظاهر تأثير السيرة على المجتمعين المصرى والتونسى، خاصة فى جنوب البلدين؛ ومن أبرزها: القيم والأخلاقيات العامة، مثل: الكرم، والدفاع عن العِرض والشرف، والرفق بالنساء.

ومن تلك المظاهر ما هو غير مرغوب فيه، مثل المبالغة فى الافتخار بالأحساب والأنساب، كما أشار أيضا إلى الحكمة المحفوظة؛ فعندما تنجب المرأة بنتًا، فإن منزلة هذه البنت ترتبط بالشخصيات البارزة فى السيرة الهلالية؛ حيث يفضل أن تكون فى مقام (الجازية)، وأن تكون فى المرتبة العُليا من الجَمال، مع طول الشعر، والحكمة وحسن التدبير. وهذا يؤكد أن أفكار السيرة الهلالية مختزنة فى اللاوعى، حيث يشكل أبطالها الصورة المثلى لكل ما هو جميل وجليل. وتعتبر لغة السيرة الهلالية من أبرز مظاهر التأثيرات فى الجنوب المصرى والتونسى، حيث تبدو اللهجة فيهما أقرب إلى اللغة العربية الفصحى.

ومن مظاهر تأثيرات السيرة الممتدة حتى فى المأكل: (خُبزة المِلِّة) و(الرفيسة) و(القنص). ومنها على الملبس: (الحولى)؛ ومنها أيضًا الوشم، الذى يعد من السمات المشتركة بين الجنوب المصرى والتونسى، بما يرمز إليه من قيم جمالية. ومن العادات والتقاليد التى توارثت عن الهلاليين: حُب الصحراء وركوب الخيل.

وكذلك الألعاب الشعبية مثل لعبة «السيجة» فى مصر، والتى تشبه لعبة «الخربقة» فى تونس. وحُب الشعر وإنشاده أحد تلك المظاهر، فالسيرة الهلالية ليست مُجرد حلقات للتسلية، وإنما هى تعويض نفسى، يجسِّد من خلاله الرواة القيم الاجتماعية الغائبة.

أغانى المداحات

وفى دراسة أخرى حملت عنوان «أغانى المداحات نموذجاً للأغنية الشعبية»، ذكرت الباحثة داليا حسين فهمى أن فن المدائح والأناشيد، يعد من أهم التعبيرات الوجدانية والروحانية، إذ يرتكز على قوة صوت المنشد وجماله، وتعدد طبقاته ومعرفته بالمقامات الشرقية وحسن اختياره لما يناسب القصيدة من هذه المقامات، كما أنه فن يعتمد على الحناجر البشرية أساساً، فى ظل محدودية دور الآلات الموسيقية فيه. فيكفى قليلها كى يضفى لمسة جمالية على أصوات المنشدين وقصائدهم.

وقالت الباحثة إنه على الرغم من أن الإنشاد الدينى كان حكرًا على الرجل منذ نشأته، فإن المؤرخين والباحثين أكدوا الدور التاريخى للمرأة فى هذا المجال، مشيرين إلى أن النساء بدأن بمدح الرسول، ومن ثم الإنشاد فى حفلات الزفاف وعند العودة من الحج، كما أنشدوا فى المآتم.

وبالتأكيد أثار إنشاد المرأة للمدائح والأغانى الدينية العديد من المواقف المتباينة، وعلى الرغم من العديد من الصعوبات والعراقيل التى واجهتها، فإن المرأة أصرت على التطور والإبداع فى أداء أشكال مختلفة من الذكر والإنشاد الدينى مثل تلاوة القرآن والمديح النبوى والدعاء، ويتناول البحث الحديث عن المداحات الشعبيات اللاتى خرجن من رحم الموالد وحلقات الذكر، وشكلن مدارس مختلفة.

حكايات شعبية

الشاعر والباحث مسعود شومان قدم دراسة بعنوان «أثر الاتصال الثقافى على الحكاية الشعبية فى الجنوب الشرقى لمصر»، وقال إن الإبداع الشفاهى يقوم بدور جمالي، لكنه لا يتخلى عن دوره الاجتماعى فى توثيق تاريخ القبائل وحركتها، إذ يعد ترجمة عميقة للمزيج العبقرى بين واقع الجماعة الشعبية وخيالاتها التى تستقيها من حياتها اليومية وتاريخها الشفاهي.

ومن حيث جاءت الدراسة  لتتناول أثر الاتصال على الحكاية الشعبية، وخاصة فى منطقة الجنوب الشرقى لمصر لمعاينة العناصر الإبداعية التى تكشف عن قدرة قبائل المنطقة على الإبداع المتسق مع دورة حياتها «منطقة الجنوب الشرقى لمصر تكتنز بعدد وافر من الأنواع الحكائية (ميتال).

وهو الاصطلاح المحلى الذى يشير إلى الحكى والائتناس به حيث تشير الأنواع الحكائية إلى امتلاك الجماعة الشعبية لطاقات من الأبنية الأدبية التى تتذرع بالخيال فضلاً عما يحمله المأثور الشعرى والحكائى من خبرات وعادات وتقاليد ومعتقدات ورؤى تتكثف فى الصياغات الجمالية وتطرح منظومة من القيم التى تتجلى فى النصوص الشفاهية.

اقرأ ايضاً | انطلاق «مهرجان الشارقة القرائي للطفل» مايو المقبل

نقلا عن مجلة الادب : 

2023-3-19

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة